دعا علماء وشيوخ دين إلى «التمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم»، مؤكدين أن «نجاة الامة في اتباع سنة الرسول وخلفائه الراشدين المهديين من بعده»، فيما شددوا على ان «السنة هي حصن الله الحصين الذي من دخله كان من الآمنين».واستشهد العلماء بحديث الرسول «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهددين»، قال أبي نجيح العرباض بن سارية رضي الله عنه: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: «أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة».وأشار العلماء إلى أنه «خلال 23 عاماً، لم يدخر النبي صلى الله عليه وسلم جهداً في تربية الناس وإرشادهم، فكانت حياته هداية للناس، ونوراً للأمة، يضيء لهم معالم الطريق، ويبين لهم عقبات المسير وصعوباته».وظل النبي على هذا المنوال طيلة حياته، حتى جاء ذلك اليوم الذي نزل عليه قوله تعالى: «إذا جاء نصر الله والفتح، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا»، حينها أدرك دنو أجله، وازداد يقيناً بذلك حينما خيره الله بين البقاء في الدنيا والانتقال للدار الآخره، وتكاثرت الإرهاصات الدالة على قرب لحوقه بربه، فأدركته الشفقة على أمته من بعده، وأراد أن يعظهم موعظة نافعة، ووصية جامعة، تعطيهم منهاجا متكاملاً للتعامل مع ما سيمر بهم من فتن، وما قد يبتلون به من محن، فتكون هذه الوصية لهم بمثابة طوق النجاة في بحر الحياة الخضم.وكان لهذه الموعظة العظيمة أكبر الأثر في تلك النفوس الكريمة، فاستشعروا في الوصية قرب فراق نبيهم للدنيا، ولذلك ذرفت عيونهم وخفقت قلوبهم، وأحسوا بعظم الموقف مما جعلهم يقولون: «يا رسول الله ، كأنها موعظة مودع فأوصنا».لقد طلب الصحابة من الرسول وصية تكفيهم من بعده، وتكفل لهم البقاء على الجادة، وصحة المسير، فجاءتهم الوصية النبوية بتقوى الله، فإنها جماع كل خير، وملاك كل أمر، وفيها النجاة لمن أراد في الدنيا والآخرة. وأتبع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر ببيان حقوق الإمام التي كفلها الشرع، فقال: «.. والسمع والطاعة - أي: للأمير، وإن تأمر عليكم عبد»، فالسمع والطاعة حقان من حقوق الحاكم والإمام الشرعي كما قال الله عزوجل: «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم»، وعن أم الحصين رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع يقول: «يا أيها الناس اتقوا الله، واسمعوا وأطيعوا وأن أمر عليكم عبد حبشي مجدع، ما أقام فيكم كتاب الله عز وجل».وعلى الرغم من دخول السمع والطاعة للإمام في باب التقوى، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرده بالذكر، تأكيدا على أهميته، وعظم شأنه وخطره. وقال العلماء إن «الطاعة التي تلزم للإمام الشرعي مشروطة بأن تكون موافقة لأحكام الشرعية، وليست مستقلة بنفسها».ورأوا في قول الرسول «وإن تأمر عليكم عبد»، أمران، الأول: أن ذلك من باب الإخبار بالأمور الغيبية، حين تسند الولاية إلى غير أهلها، وتوضع في غير موضعها، فهنا يجب له السمع والطاعة درءاً لحدوث الفتن، والثاني: أن ذكر النبي هذا الأمر جاء من باب ضرب المثل. ثم أخبر النبي عن اختلاف أمته من بعده، وكيفية النجاة من هذا الاختلاف، لقد قال: «فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين»، إنها إشارة إلى ما سيؤول إليه أمر الأمة من تفرق يوهن قوتها، وابتعاد عن الهدى والحق، فوصف الداء وبين الدواء، وأرشدها إلى التمسك بسنته، وسنة خلفائه الراشدين من بعده، الذين من الله عليهم بالهداية ومعرفة الحق، والاستقامة على المنهاج النبوي، حتى صار عصرهم أنموذجاً رفيعاً يقتدى به.وفي هذا الصدد، دعا الشيخ عبدالرحمن السديس الى «التمسك بسنة الرسول الكريم»، مشدداً على أن «نجاة الامة في التمسك بسنة الرسول وخلفائه، فهكذا تتحقق وحدة الصف وتتوحد الامة على الكتاب والسنة في وجه اعدائها، قال الله تعالى: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً».وقال إن «السنة خير عاصم من شرور البدع» مؤكداً أن «الأمة في أشد الحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى التمسك بالكتاب والسنة لقيادة سفينة الأمة الإسلامية إلى بر الامان».من جهته، قال الداعية الشيخ محمد حسان إن «اتباع سنة الرسول الكريم والتمسك بها من سبل الدفاع عن النبي»، مشيراً إلى أن «السنة هي حصن الله الحصين الذي من دخله كان من الامنين، فالسنة تقوم بأهلها أن قعدت بهم أعمالهم، ويسعى نورها بين ايديهم وبايمانهم إذا طفئت لاهل البدع والنفاق أنوارهم».وذكر الشيخ حسان أن «الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنه فسر قول الله تعالى «يوم تبيض وجوه وتسود وجوه»، بقوله أي تبيض وجوه المتمسكين بالسنة المطهرة، وتسود وجوه أهل البدع والضلال، فالمتمسك بسنة المصطفى هو من صدقه في أخباره، وأقواله، وهو من يطيع رسول الله في أوامره ونواهيه، ولم يضيعها بالشهوات والشبهات».وفي ضوء ذلك، يمكن أن نفهم تأكيد النبي على التزام هديه وهدي خلفائه عندما قال: «عضوا عليها بالنواجذ»، والنواجذ هي آخر الأضراس، فهي إذاً كناية عن شدة التمسك وعدم الحيدة عن هذا الطريق».