كتب - إبراهيم الزياني:وافق مجلس الشورى أمس، على مقترح بقانون، يلغي سقف تقاعد النواب والشوريين المحدد حالياً بـ4 آلاف، أسوة بمعاشات الوزراء، رغم تحذيرات رئيس المجلس علي الصالح وعدد من الأعضاء، من ردة فعل الصحافة والرأي العام على المقترح، قبل أن يستسلم الرئيس أمام الرغبة الشورية التي أسماها بـ»الكاسحة»، ودعا الله أن يساعدهم على تداعيات تمرير المقترح.ويهدف الاقتراح بقانون إلى إعطاء الأعضاء في المجالس الثلاثة زيادة سنوية 3% بغض النظر عن مقدار المعاش التقاعدي الذي يتقاضونه، ويتضمن تعديلاً يتيح حصول نواب الانتخابات التكميلية، وأعضاء مجلس الشورى الذين عينوا لمدة أقل من 4 سنوات، وأعضاء المجالس البلدية الذين عوضوا أعضاء سابقين، على المعاش التقاعدي.ولم تفلح محاولات الصالح، وتحذيرات الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتأمين الاجتماعي د.زكريا العباسي من العجز الاكتواري، بإقناع الأعضاء بالموافقة على مقترح دلال الزايد، بإعادة المقترح بقانون إلى اللجنة لمزيد من الدراسة، إذ أصر الأغلبية على رفعه للحكومة، لصياغته كمشروع بقانون، وإعادته للسلطة التشريعية، بحسب ما ينص عليه الدستور.الأعباء المالية في تزايدوقال د.زكريا العباسي، «درس الخبير الاكتواري مؤخراً صندوق تقاعد أعضاء مجلسي الشورى والنواب والمجالس البلدية، بعيداً عن المقترح المنظور حالياً، وخلص إلى أن التوقعات في السنوات القادمة، بتزايد عدد المستفيدين من النظام، في مقابل عدد المشتركين، على اعتبار أن عدد أعضاء المسددين للاشتراكات محدود، ولن يتجاوز في أحسن حالاته 120 عضواً، في حين أن عدد المستفيدين من المعاشات التقاعدية في تزايد مستمر».وأضاف «قدم الخبير الاكتواري توقعاته حول التكاليف المالية الناتجة عن ذلك، والتي سوف تتحملها الحكومة لمدة 50 سنة قادمة، وانتهى إلى أن الأعباء المالية في تزايد، ولوجود حاجة ماسة إلى إعادة دارسة القانون الحالي المعمول به».وبين العباسي، أن «الهيئة خاطبت نفس الخبير الاكتواري، لدراسة التكاليف المتوقعة نتيجة المقترح بقانون المنظور، وتقديم توقعاته، ووعد بدراستها وتقديم مرئياته بشأنها، ونحن على استعداد تام لموافاتكم بالتقرير حال وصوله».وأوضح أن «الطبيعة القانونية لصندوق تقاعد أعضاء مجلسي الشورى والنواب والمجالس البلدية، تختلف عن الصناديق التقاعدية الأخرى، على اعتبار أن كافة تكاليفه تقع على الموازنة العامة للدولة، إذ تتحمل الدولة الكلفة الاكتوارية، للسنوات الاعتبارية المكملة للحصول على المعاش التقاعدي، سواء كان 50% بعد قضاء 4 سنوات في عضوية المجلس، أو80% بعد التمثيل لثمان سنوات».ثغرات بالقانونمن جهته، قال رئيس لجنة الخدمات، وأحد مقدمي المقترح عبدالرحمن عبدالسلام «لو لم تكن هناك ثغرات جوهرية في القانون النافذ، لما تقدمنا بمقترح تعديله، هناك ثغرات معيبة، لا بد من معالجتها، وكان المفروض أن يعالج الأمر عند تقديم القانون للمجلس، لكنه مر للسرعة التي أتى بها في نهاية الفصل التشريعي ودور الانعقاد، وبلغت أعضاء حينها بذلك، وقالوا سنتقدم باقتراح لإجراء تعديلات».وأضاف «يعتقد البعض خارج المجلس، خاصة الصحافة مع الأسف، أن الاقتراح يترتب عليه زيادة في معاشات التقاعد، إلا أنه يحمل أي زيادة، إنما سد ثغرات موجودة في القانون الحالي، وبين عبدالسلام، أن «الكلفة المتصورة قليلة جداً، الحكومة تدفع حالياً 20% من الاشتراكات للعضو، فيما يدفع هو 10%، لنفترض أن العضو بقي لسنتين، بعدها نقل إلى وظيفة أخرى أو انتقل إلى رحمة الله، وعين شخص بدلاً عنه، سيحصل العضو المستقيل إما على إضافة بمعاش التقاعد، أو مكافأة قدرها 15% على السنتين التي عملها، ويبقى في الصندوق 15%، يأتي العضو الجديد، ويدفع عن السنتين 10%، وتضيف الحكومة 5%».وحول ما تضمنه القانون، من وضع سقف لمعاشات أعضاء السلطة التشريعية والمجالس البلدية، ذكر «هناك أشخاص يعينون في الشورى من القطاع الحكومي، وآخرون من الخاص، وقد يكون معاشه التقاعدي أقل من 4000 أو أكثر، فإذا كان من القطاع الخاص، سيكون محدد معاشه بـ4000 آلاف دينار، وإذا كان من الحكومة فلا حد له»، متسائلاً «علي أي أساس وضع ذلك؟».ونوه عبدالسلام، إلى أن المعاش التقاعدي لأعضاء السلطة التشريعية يحسب كل فصل على حدة، ما يعني حصول من استمر في المجلس لثلاثة فصول (12 سنة) على 1600 دينار معاش تقاعدي، فيما يحصل من خرج بفصل تشريعي واحد (4 سنوات) على 1750، إذ إن المكافأة كانت في الفصل الأول والثاني 2000، وارتفعت في الثالث إلى 3500 دينار.وينص القانون، على حصول عضو أعضاء مجلسي الشورى والنواب على معاش تقاعدي بواقع 50% من قيمة المكافأة الشهرية، في حال قضى فترة فصل تشريعي واحد، أما من يكمل فصلين تشريعيين، يستحق معاشاً تقاعدياً بواقع 80% من المكافأة.تحملوا مسؤولية قراركموحذّر رئيس المجلس علي الصالح، مما يتضمنه المقترح، ودعاهم لتحمل مسؤولية قرارهم «الناس تنظر إلى التعديل وكأنه تضارب مصالح، وأن المشرعين يسنون قوانين لأنفسهم، إضافة إلى الرأي العام، قرأتم في الصحف حول المقترح، وما قاله العضو عبدالرحمن عبدالسلام يجوز أنه لم يكن مفهوماً لهم، حتى لو كان مفهوماً، قد لا يكون مقبولاً».ودعت دلال الزايد، إلى إعادة المقترح إلى اللجنة، لدراسة الأعباء المالية التي تترتب على إقراره، وانتظار تقرير الخبير الاكتواري بشأنه.ورأت الزايد أنه «صحيح أن الرأي العام يقيد المشرع، لأنه يبين أوجه الاعتراض على عمل السلطة التشريعية، لكن من هذا المكان، نبرر لأي مشروع يتم دراسته، قد تكون نظرة المجتمع له من وجهة واحدة، فيما وظيفتنا كمشرعين، أن ننظر له من كل الأوجه»، معتبرة أن «المطالبة بالحق لا يدفع للخجل ولا للمجاملة».لا عدالة ومساواةمن جهته، اتفق النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو مع رأي الصالح بالتأني في نظر المقترح.وقال «الموظفون يعملون 40 سنة، وحدد لهم القانون كحد أقصى الحصول على نسبة 80% من الراتب، نحن أعضاء السلطة التشريعية، لمدة 8 سنوات نحصل على 80%، ما يحصل عليه العضو مقابل خدمته 4 أو 8 سنوات، يتجاوز ما يقدمه موظف الحكومة في 40 سنة، أي عدالة يطالبون بها؟»، وأضاف «أعتقد أن المزايا المقدمة حالياً للأعضاء مبالغ فيها، إذا ما قيست بالمقدمة للقطاع الحكومي أو الخاص».واختلف مع ما رآه عبدالرحمن عبدالسلام، من أن المقترح لا يأتي بتكاليف إضافية «في قانون التقاعد للقطاع الحكومي والخاص، يبدأ سن التقاعد من 60 سنة، في السلطة التشريعية ممكن أن يبدأ سن التقاعد من 34 سنة بالنسبة للنواب، أو 39 سنة عند الشورى، على اعتبار أن سن الحد الأدنى للترشح للمجلس الأول 30 والثاني 35، ويبدأ الصندوق يصرف معاش التقاعد منذ ذلك الوقت، إلى أن يقضي الله بأمره، في حين أن العمر الافتراضي في الحكومة أو الخاص محدود، لأنه سيتقاعد في سن الستين، والله أعلم كم سيعمر هذا الشخص».وانتقد فخرو ما تضمنه المقترح، من شراء الحكومة مدة سنتين للنائب القادم من انتخابات التكميلية، وأعضاء مجلس الشورى الذين عينوا لمدة أقل من 4 سنوات «هل يعقل أن يعمل عضو في السلطة التشريعية لمدة سنتين، وأطالب أن تشتري له الحكومة السنتين الأخريين، ويحصل على تقاعد بنسبة 50% على عمل سنتين؟ أنا عندما أسمح بشراء مدة خدمة، أجيزها لموظف عمل في الحكومة 37 سنة كمكافأة له، ليس هناك عدالة ومساواة». تضارب مصالحوتوافق العضو الشوري فؤاد الحاجي، مع رأي رئيس المجلس ونائبه الأول «هناك تضارب مصالح، الناس تنظر اليوم لأعضاء السلطة التشريعية، كمدافع عن مصالحهم، سواء في مجلس الشورى والنواب».وقال «أنا ضد المقترح، ما تفضل به رئيس الهيئة د.زكريا عن العجز، ونحن في المجلس تكلمنا كثيراً عن ذلك، وعدة مشاريع بقوانين أوقفناها بسببه، وكنا نحرص على ضمان استمرار الهيئات لمدة طويلة» متسائلاً «ما ذنب من يدفع الاشتراكات اليوم، عندما تفلس الصناديق بسبب العجز الاكتواري؟». من جهته، قال ممثل وزارة المالية، إن «اللجنة لم تضمن في تقريرها حجم الأعباء المالية المترتبة على المقترح بقانون، وكم سيترتب على الميزانية للدولة». وأوضح أن «القضية المالية تنقسم إلى جانبين، هناك تكاليف مالية مباشرة، وهي السنتان التي تتحمل الدولة شراءها للأعضاء في الانتخابات التكميلية، وأعضاء مجلس الشورى الذين عينوا لمدة أقل من 4 سنوات، إضافة إلى الكلفة الاكتوارية التي تمتد على فترة استحقاق صاحب المعاش»، مشيراً إلى التبعات المالية المترتبة على المقترح، تتحمل الميزانية جزءاً كبيراً منها.القانون غير دستوريمن ناحيته، رأى أحد مقدمي المقترح عبدالرحمن جمشير، أن «القانون المعمول به، لو عرض على المحكمة الدستورية، ستحكم بعدم دستوريته، لأنه يميز بين أعضاء السلطة التشريعية». ورد جمشير على تحذيرات أعضاء من رد فعل الرأي العام «من أثاروا التعديل في الرأي العام، كان أولى بهم أن يثيروا مداخلاتهم عندما أتانا قانون تقاعد أعضاء المجلسين من الحكومة»، معبراً عن استعداد أعضاء السلطة التشريعية، إلغاء قانون تقاعدهم، حال قبول الوزراء ومن في حكمهم بنفس الخطوة. ودعت العضو جميلة سلمان، إلى عدم النظر إلى الموضوع من ناحية عاطفية، وبتأثيرات الشارع «النواب والشورى والبلديون أيضاً مواطنون ومن الشعب، وكما يشرعوا قوانين للشعب ويراعون مصالحهم، أيضاً لهم حقوق»، مختلفة مع من رأى وجود تضارب مصالح في المقترح. من جهته، قال وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل، إنه «لا يمكن المقارنة بين موظفي الحكومة، الذين يعملون 36 ساعة في الأسبوع، 52 أسبوعاً في العام، ولأربعين سنة، ويحصلون على نسبة 80%، وساهموا طوال مدة عملهم بدفع الاشتراك، مع أعضاء السلطة التشريعية والمجالس البلدية، لا يمكن مقارنة 40 سنة بأربع أو ثمان سنوات»، مشيراً إلى أن طبيعة عمل أعضاء الشورى والنواب والمجالس البلدية، تختلف عن موظفي القطاع الخاص أو العام.ونوه الفاضل، إلى أن «قانون تقاعد أعضاء السلطة التشريعية، أتى بامتيازات كثيرة، ولا يمكن إنكار هذا الكلام، ولا يجوز أن يحصلوا على هذه الامتيازات، إضافة إلى امتيازات موظفي القطاع العام والخاص، يجب أن تكون هناك عدالة في الموضوع».وأشار إلى أن النواب أوصلوا للحكومة نفس ما أثار أعضاء الشورى، من عدم مساواة الحصول على معاش تقاعدي، لمن عمل مدة ثلاثة فصول، مقارنة بمن عمل للفصل الأخير، وبين أنها تدرس الموضوع، وستعدل عليه بحيث أن يحسب التقاعد على آخر فصلين.