أكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى إيمانه بأن مصالح البحرين والهند المشتركة، وما يجمعها من إرث حضاري وإمكانات كبيرة، تشكل فرصة لبناء تحالف آسيوي قوي، مشيراً إلى أنه «في عالم اليوم لا تستطيع أن تتقدم دولةٌ بمعزل عن الآخرين، والدول ذات الرؤى المستقبلية هي التي تسارع في تحقيق النجاح بتعظيم الجهود المشتركة».وقال العاهل المفدى، خلال مباحثات مع رئيس وزراء الهند د. مانوهان سينغ أمس في قصر حيدر أباد مقر الحكومة الهندية بحضور الوفدين الرسميين، إن «البحرين ومعها دول مجلس التعاون الخليجي، أصبحت تشكل جزءاً مهماً في آسيا، لما تمتاز به من موقع استراتيجي، ولما يتوفر لديها من طاقة تكفي العالم لعقود من الزمن»، مؤكداً الحرص على أن «نساهم بميزاتنا هذه في إنعاش الاقتصاد العالمي لمزيد من التنمية المستدامة والاستقرار، وبذل الكثير من الجهد لضمان وصول هذه الطاقة الحيوية لأصدقائنا دون معوقات، وبدعم الهند وشراكتها نستطيع بناء تحالف قوي».وأعرب جلالته عن تقديره لـ«ما أكد عليه رئيس وزراء الهند وحرصه على تقوية العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين»، معرباً عن «شكره للدعوة الكريمة لزيارة جمهورية الهند»، قبل أن يؤكد أن «ما يجمع البلدين من آمال يحقق لشعبيهما مزيداً من التقدم والازدهار».وأكد جلالة الملك اتفاقه مع رئيس الوزراء الهندي أن «البلدين لديهما الرغبة والرؤية المشركة لبناء علاقات أكثر قوة ومتانة، وأن الزيارة تصب في هذا الاتجاه لتعمل على تعزيز الروابط المشتركة التي تجمع البلدين منذ أربعين عاماً من العلاقات الدبلوماسية وسبعة آلاف عام من العلاقات التجارية المزدهرة».أعرب جلالة الملك عن «سعادته بتوقيع المزيد من التفاهمات المشتركة بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الصديقين في المجالات التعليمية والشبابية والرياضية والشؤون الخارجية»، مشيراً إلى أن «هناك أيضاً العديد من المشاريع والتفاهمات المشتركة في مجالات الصناعة والتجارة والاستثمار والمال سيتم التوقيع عليها من قبل القطاع الخاص في البلدين والإعلان عنها خلال هذه الزيارة».وقال جلالته: «مع نمو التجارة الثنائية والاستثمار في البلدين، وتطوير التفاهم المتبادل، وتبادل الخبرات التقنية، والعمل من أجل تحقيق مطالب المستثمرين بتجنب الازدواج الضريبي بين البلدين، إضافة إلى التوقيع على مذكرة التفاهم بإنشاء اللجنة العليا المشتركة، فنحن متأكدون أننا سننتقل إلى آفاق أرحب ومستويات أعلى من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في جميع المجالات».وأشاد جلالته بـ«دور الهند الكبير في ترسيخ الأمن والاستقرار الدوليين، وجهودها في مكافحة الإرهاب، ومواقفها الثابتة والداعمة للحقوق العربية»، مؤكداً أن «شراكتنا مع الهند في كل ما يحقق الأمن والسلام والنمو لدولنا وشعوبنا».وشدد العاهل المفدى على اتفاق البحرين والهند حول «وجوب إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن بما يعكس الواقع الحقيقي للعالم المعاصر»، مؤكداً «دعم المملكة لجمهورية الهند في مساعيها الهادفة إلى عضوية مجلس الأمن الدولي».وأشار جلالته إلى أن «مملكة البحرين لن تنسى مساهمة أبناء الهند في نهضتها الحديثة بسواعدهم وإخلاصهم في العمل وتضحياتهم»، مضيفاً أن «البحرين تستضيف جالية هندية كبيرة، وهي من أكبر الجاليات التي تعيش في البحرين، وقيمتها لا تقاس بثمن. ويتمتعون بالحرية الكاملة في ممارسة عباداتهم وشعائرهم مثلهم كمثل جميع المواطنين والمقيمين، ولهم الحق في عضوية الجمعيات المهنية وانتخاب ممثليهم في المجالس البلدية المحلية، فأصبحوا ضمن النسيج الوطني لمملكة البحرين»، قبل أن يجدد جلالته الشكر على حرص رئيس وزراء الهند الشخصي وحكومته وجهوده المخلصة في دعم العلاقات بين البلدين.ووجه جلالته الدعوة لرئيس وزراء الهند لزيارة مملكة البحرين، آملاً جلالته في تلبيتها من أجل استمرار الجهود المشتركة في الارتقاء بمستوى التعاون بين البلدين الصديقين .وشهدت المباحثات استعراض العلاقات الثنائية الطيبة التي تربط البلدين والشعبين الصديقين وسبل دعمها وتعزيزها في المجالات المختلفة إضافة إلى بحث آخر التطورات والمستجدات الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية.تاريخية «بحق وحقيقة»من جهته، رحب رئيس وزراء الهند بجلالة الملك المفدى والوفد المرافق، متمنياً لجلالته طيب الإقامة في الهند، قبل أن يعرب عن شكره لجلالة الملك على قبوله الدعوة لزيارة الهند، وهي الأولى من نوعها من مملكة البحرين منذ مدة زمنية طويلة، واصفاً زيارة جلالته بالتاريخية بحق وحقيقة.وأعرب رئيس وزراء الهند عن سروره في أن «يكون صديقاً لنا يقود دفة الأمور في البحرين وأن تتسنى لنا الفرصة سوياً في إدراك رؤيا جلالة الملك ورؤيانا المشتركة فيما يتعلق بالشراكة الهندية البحرينية المتينة والحيوية».وأكد رئيس وزراء الهند أن «زيارة جلالته الرسمية تعكس الالتزام المشترك في تعزيز العلاقات بين البلدين المبنية على أساس المصالح المشتركة والروابط التاريخية والعلاقات الفريدة بين الشعبين».وأكد أن الهند والبحرين تتمتعان بعلاقات صداقة ودية مبنية على أساس روابطنا التاريخية والحضارية.كما إن تواجد الجالية الهندية المقيمة في البحرين يعتبر بمثابة حلقة الوصل التي تعزز هذه العلاقات الأبدية.وأعرب عن شكره وامتنانه لحكومة وشعب البحرين على دعمهم المستمر واستقبالهم واستضافتهم أفراد تلك الجالية الهندية الكبيرة الحجم والذين بدورهم ساهموا في «تنمية البحرين» عبر العمل الجاد والمخلص، مشيراً إلى أن هذه المساهمة قد حظيت بالإشادة من جانب القيادة البحرينية.وأشاد د. مانوهان سنج رئيس الوزراء الهندي بما تتمتع به البحرين من موقع استراتيجي في المنطقة بالنسبة للهند وللعالم، مشيراً إلى أن «ثلث تجارة النفط العالمية عبر البحار تمر من خلال المياه الإقليمية البحرينية بشكل يومي، وإن السلام والاستقرار في البحرين، بالتالي، يعتبر ضرورياً بالنسبة للسلام والاستقرار في المنطقة وأبعد منها».وقال إنه «في ظل قيادة جلالة الملك المفدى الرشيدة، فإن البحرينيين بوسعهم أن يقرروا أفضل السبل للمضي ببلادهم في مسيرة السلام والرخاء»، مبدياً «استعداد الهند التام للتعاون مع مملكة البحرين في المجالات التجارية والاستثمار والتكنولوجيا وذلك حتى يستفيد شعبا البلدين الصديقين من هذا التعاون».وتمنى للوفد التجاري الكبير الذي يرافق جلالة الملك مباحثات مثمرة مع الشركات الهندية، مؤكداً التزامه بتطوير العلاقات والتعاون القوي مع البحرين من أجل المنفعة المشتركة.وأعرب رئيس وزراء الهند عن ثقته ويقينه في أن «زيارة جلالة العاهل لجمهورية الهند ستفتح آفاقاً جديدة للتعاون بين البلدين الصديقين».«لجنة عليا مشتركة»وشهدت العاصمة نيودلهي اليوم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين، برعاية عاهل البلاد المفدى ورئيس الوزراء بجمهورية الهند، إذ وقع سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، ووزير الخارجية الهندي سلمان خورشيد مذكرة تفاهم بين حكومة مملكة البحرين وحكومة جمهورية الهند للتعاون في المجالات الشبابية والرياضية.ووقع وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة ووزير خارجية الهند سلمان خورشيد مذكرة تفاهم حول إنشاء لجنة عليا مشتركة للتعاون الثنائي بين حكومة مملكة البحرين وحكومة جمهورية الهند، قبل أن يوقع وزيرا الخارجية مذكرة أخرى بين معهد الخدمة الخارجية بوزارة الشؤون الخارجية الهندية والأكاديمية الدبلوماسية التابعة لوزارة الخارجية البحرينية.