كتب - أنس الأغبش ومحمد خليفات:تواصل «البرادات الصغيرة» المنتشرة في الأحياء التلاعب بأسعار السلع الغذائية، بما فيها المدعومة حكومياً وخصوصاً الدقيق، مستغلة غياب رقابة إدارة حماية المستهلك بوزارة الصناعة والتجارة، في وقت تلجأ برادات إلى تسجيل الأسعار يدوياً على المنتج دون رقيب أو حسيب.وفي الوقت الذي طالب مواطنون ومستهلكون إدارة حماية المستهلك بتكثيف الرقابة أسبوعياً للحد من الغش التجاري، عزا تجار ذلك الارتفاع إلى شراء البرادات كميات قليلة بالكاد تغطي حاجة منطقتها، ما يتسبب في رفع الأسعار نسبياً بمعدلات تتراوح بين 10-15%. «الوطن» اتصلت هاتفياً بمدير إدارة حماية المستهلك، سنان الجابري للتعليق على الموضوع، والذي طلب بدوره مخاطبة الإدارة إلكترونياً وعدم الاتصال هاتفياً، ووعدت الوزارة بالرد مرتين ولم يتم استلام أي رد حتى أمس.وكان الجابري، قال خلال ندوة حول قانون المستهلك في يناير الماضي بحضور تجار ومواطنين إن الوزارة تسعى من خلال عمل مؤسساتي وربط معلوماتي إلى وقف التلاعب بالأسعار وحماية المستهلك، لكن لم يتم تنفيذ شيئ حتى الآن. وطالب مواطنون مشاركون بالندوة حينها، بوضع خطط استراتيجية واضحة لحماية المستهلك من الغش التجاري وارتفاع الأسعار وتلاعب التجار بالسلع، لافتين إلى أن أعداد المفتشين لا تتناسب مع وضع السوق المحلي ولا يواكب التطورات، خصوصاً وأن الوزارة لا يتجاوز عدد مفتشيها الـ5 أشخاص.فروقات واضحة بالأسعارفي المقابل، أكد رئيس جمعية حماية المستهلــك عبدالله الجيب، أن هنـــاك فروقات ملحوظة بأسعار السلع الغذائية في البرادات باعتبار أن البحرين تتميــز بالاقتصاد الحر، داعياً إلى تفعيل قانون «حماية المستهلك» الذي صدر فـــي أغسطس 2012 ولم ير النور حتى الآن.وأضاف الجيب أن الجمعية ليس لديها أسعــار محددة للسلع، مبيناً أن ذلــك متروك لسياسة العرض والطلب، موضحاً في الوقت نفسه أن المستهلك هو من يؤثر على السلعة وليس العكس.وأوضح الجيب: «مراقبة الأسعار سابقاً كانت محسومة بقانون بمرسوم رقــم (18) لسنة 75، حيث كانت الأسعار مسعرة ضمن هذا القانون، وكانت الحكومة تعرض السلع الغذائية الضرورية كالسكر والأرز والزيت واللحوم بأسعار محددة.وأردف: «في أواخر الثمانينات تم إنشــاء إدارة حماية المستهلك، حيث تم تحديد أسعار السلع المدعومة ومن ثم تم فتح السوق وأصبح حراً أي أن الاقتصاد انتقل من «اقتصاد موجه» إلى «اقتصاد حر».وأبان الجيب أن الجمعية مهمتها تتمثل في توعية المستهلكين، حيث تقوم بتقديم المحاضرات والندوات إلى جانب توزيع البروشورات، مبيناً في الوقت نفسه أنها تتعاون مع الجهات الحكومية لتحقيق الصالح العام.وفي ما يتعلق بالمخالفات وتجاوزات بعض البرادات والمحلات التجارية ودور الجمعية في ضبط المخالفات، قال: «إذا وجدنا مخالفة نحيلها مباشرة إلى الجهات المعنية والتي بدورها تتولى تطبيق العقوبات».وحـــول قيـــام «البـــرادات الصغيـــرة»، باستغلال السلع الترويجية التي تقدمها «الهايبرماركت» كعرض سلعة والأخرى مجاناً وبيعها مجزأة، قال الجيب: «يعتبر هذا خطأ كبير ويجب محاسبة كل من يقوم باستغلال هذا الأمر».وأضاف: «تقوم بعض السوبرماركت بعرض السلع الترويجية بأسعار قليلة إما لقرب انتهاء صلاحيتها أو بسبب نفاذ المخزون، لكن في كلتا الحالتين لا يجب على البرادات استغلال ذلك وبيعها مجزأة».وفـــي مــا يختـــص بقانـــون «حمايـــة المستهلك»، أكد أن القانون أصدر في أغسطس من العام 2012 أي قبل ما يقارب العامين، لكنه لم ير النور حتى الآن مؤكداً أن اللائحة التنفيذية هي من تسببت بتأخيره، داعياً إلى سرعة إقراره للمساهمة بحل جزئي للمشكلة.وطالـب الجيب وزارة الصناعة والتجـــارة، بتوفير موقع دائم لجمعية حماية المستهلك ورفدها بموظفين، حتى تتمكن من القيام بدورها المأمول في مراقبة الأسعار، داعياً إلى تشديد الرقابة على كافة أسعار السلع دون استثناء.أسعار البراداتمرتفعة نسبياًإلى ذلك، أكد مدير مجموعة الزاد التجارية، هشام خميس أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية في بعض البرادات يعد أمراً طبيعياً، حيث تعمد تلك المحال إلى شراء كميات قليلة من المتاجر الكبيرة، وبالكاد تغطي احتياجات منطقتها وبالتالي فإن الأسعار تكون مرتفعة نسبياً ليتراوح هامش ربحها في بعض الأحيان بما بين 10-15%».وعزا خميس زيادة أسعار السلع الغذائية في السوق، إلى تذبذبها عالمياً، بحيث ترتفع نتيجة ظروف استثنائية كالظواهر الطبيعية والأوضاع الاقتصادية في بعـــض الـــدول، وارتفـــاع أسعــار علــف الدواجن وغيرها، ما يؤدي لانعكاس ذلك سلباً على الأسعار بالمملكة.وفي ما يتعلق بوجود ثغرات في قانون حمايــة المستهلك الذي أصــدر فــي أغسطس 2012، ولم ير النور حتى الآن أوضح خميس أنه لابد من وجود «ثغرات» فــي أي قانــون، دون الخــوض في تفاصيل أكثر.تأهيل كوادر حماية المستهلكمن ناحيته، أكد رجل الأعمال نبيل كانو أن إدارة حماية المستهلك بوزارة الصناعة والتجارة تسعى إلى خدمــة المواطنين بشتى الطرق، لكنه عاد ليوضح أنه لا بد من وجود بعض الثغرات الصغيرة التي يجب العمل على سدها بعدة طرق.وأضاف كانو: «من الضروري أن تقوم إدارة حماية المستهلك بتأهيل كوادرها البشرية من خلال الدورات التدريبية المتواصلة لتحقيق الأفضل»، مبيناً في ذات الوقت أن تدريب وتأهيل الكوادر سيساهم في وقف ارتفاع أسعار السلع ومنع التلاعب بها.وتابع كانو: «لابد من تكثيف الجولات التي تقوم بها الجهات المختصة بالإدارة للتحري عن الأسعار وضمان عدم التلاعب بها، مبيناً أنه رغم أن وزارة الصناعة والتجارة تسعى لتحقيق الأفضل لكن ذلك مرهون بتأهيل الكوادر.من جانبه، أكد مدير شركة زينل للمواد الغذائيــة، رشــاد زينــل أن الفروقـــات الطفيفة بأسعار السلع الغذائية في المملكة أمر طبيعي نتيجة لاختلاف التكاليف الإدارية والشحن والأيدي العاملة وغيرها من الأمور.إلى ذلك، أكد رجل الأعمال يوسف الصالح أن إدارة حماية المستهلك تقوم بدورها من حيث مراقبة الأسعار. وحول اختلاف الأسعار بالمحال التجارية، قال الصالح: «هذا التباين بالأسعار يعتبر طبيعيا، نتيجة عدة أمور منها اختلاف إيجارات المحلات وأجور العمالة وغيرها».وأضاف الصالح: «يوجد لجنة مختصة بوزارة الصناعة والتجارة للتدقيق بالأسعار تسمى لجنة تدقيق الأسعار يرأسها وزير الصناعة والتجارة.. البحرين من أرخص الدول من حيث أسعار السلع».غش تجاري صريحوأكد المستهلكون أن غالبية «البرادات الصغيرة» المنتشرة داخل الأحياء والأزقة ما زالت تتلاعب بأسعار السلع، حيث تقوم بلصق أسعار مرتفعة خلافاً لتلك السائدة في «الهايبر ماركت»، واصفين ذلك بـ«الغش التجاري الصريح».وطالبــــو «إدارة حمايــــة المستهلـــك» بوزارة الصناعة والتجارة وجميعة حماية المستهلك، بتشديد الرقابة على كافـــة الأسـواق وخصوصــاً تلــك «البــرادات»، مبينـــي أنـه حتى الدقيق المدعوم لـــم يسلم من التلاعب بحيث يتم بيعه بأسعار أعلى من سعره المحدد.واقترحــوا خــلال حديثهــم لـ«الوطن»، تخصيــص فرق ميدانية تجوب الأحيــاء السكنيــة بشكــل أسبوعــي ومخالفــة وتغريم كل من يثبت تلاعبه بالأسعار، داعين إلى إنذار المحلات التي لا تلتزم بالأسعار أوتغريمها على أقل تقدير.وقالــوا: «صحيـح أن السوق البحرينية تعتبــر مفتوحة مقارنة بدول الجــوار، إلا أن ذلك لا يمنع من القيام بجولات تفتيشية على كافة المحافظات بصورة دورية للحد من استغلال تلك البرادات التي تطمع إلى الربح السريع.وقال المواطن، طارق الغنيم-من منطقة الرفاع-إن معظم البرادات أصبحت تستغل المواطنين والمقيمين بشكل مباشر من حيث رفع أسعار السلع الغذائية.وأضاف الغنيم: «هناك فروقات ملحوظة في أسعار السلع الغذائية بين البرادات، حيث تجد سعر سلعة ما بـ100 فلس مثلاً في برادة، بينما تبيعها أخرى بـ150 فلساً»، متسائلاً عن دور إدارة حماية المستهلك وجمعية حماية المستهلك في مراقبة الأسعار.وواصل: «أسعار البرادات الصغيرة تعتبر عالية بشكل لا يعقل مقارنة مع الهايبر ماركتً»، موضحاً أن أسعار حليب «ندى» الصغير مثلاً، ارتفعت دون سابق إنذار إلى 150 فلساً مقابل 100 فلس في السابق ما يضر بالمستهلك النهائي.وأردف: «لا مانع من أن تقوم البرادات بوضع هامش ربح على منتجاتها، لكن يجب أن يكون مناسباً ومعقولاً..يجب على إدارة حماية المستهلك وجمعية حماية المستهلك بالتدخل الفوري لعلاج تلك المشكلة سواء بمخالفة المحلات المخالفة أو تغريمها. وتابع الغنيم: «يجب على الجهات المعنية سواء من وزارة الصناعة والتجارة أومن جمعية حماية المستهلك، تخصيص موظفين للقيام بجولات تفتيشية بصفة أسبوعية للحد من تلاعبها بالأسعار».وأكد أن بعض البرادات تقوم بشراء العروض الترويجية من «الهايبر ماركت»، التي تقدم عرضاً لشراء منتج والحصول على الآخر مجاناً، حيث تستغل البرادات تلك العروض ومن ثم عرضها على أرففها للبيع. وأوضـــح أن التلاعـــب بأسعـــار المـــواد التموينية، طال محال الخضراوات والفواكه أيضاً، والتي تعرض منتجاتها للبيع بأسعار مضاعفة، ضارباً المثل بالخيار حيث يتراوح سعره بما بين 500-700 فلس للكيلو مقابــل 300 أو 350 فلســاً فــي الهايبـــر ماركت.الرقابة على الأسواق ضعيفةمن جانبه، اتفق المواطن عبدالفتــاح حسن-من منطقة الرفاع أيضاً-مع ما أكده الغنيم، موضحاً أن البرادات في كافة محافظات المملكة تستغل غياب الرقابة التامة وتتلاعب بأسعار السلع والمنتجات الغذائية. وأضاف حسن أن الأسعار تختلف من برادة إلى أخرى، فمثلاً تقوم برادة ببيع سلعة غذائية بسعر معين، بينما تجده في برادة أخرى بسعـــر يزيـــد 300-500 فلس في برادة أخرى.وطالب حسن جميعة حماية المستهلك وإدارة حماية المستهلك بوزارة الصناعة والتجارة، بتشديد الرقابة على البرادات حيث ما زال التلاعب مستمراً في ظل ضعف الرقابة الدورية.وبين حسن، أن ما تقوم به البرادات، والتي تهدف من وراء ذلك إلى الربح السريع، يفرض على الجهات المعنية مزيداً من الإجراءات والمراقبة المتواصلة على السلع الاستهلاكية بشكل عام.من جهته، طالب المواطن محمد أحمد البلوشي الجهات المعنية وخصوصاً إدارة حماية المستهلك بوزارة الصناعة والتجارة، بتشديد الرقابة على تلك البرادات للحد من تلاعبها بالأسعار.وأضـاف البلوشـــي إن دور إدارة حمايـــة المستهلك في الرقابة، يقتصر على الهايبر فقط، حيث تقوم بجولات تفتيشية على تلك الأسواق، داعياً إلى توسيع دورها ليشمل البرادات حتى لو كنا عدد موظفيها قليل.وأبان: «تفاجأت باختلاف أسعار بعض السلع من برادة لأخرى، وخصوصاً الحليب المجفف والسائل، حيث تبيع بعضها سعر الحليب المجفف زنة 400 غرام بـ1.550 فلس لتجده في برادة أخرى بـ1.750 فلساً».إلى ذلك، قالت مها حسين، إن التلاعب بأسعار السلع الغذائية ما زال مستمراً حتى في السوبر ماركت، حيث تجد نفس المنتج في متجر بسعر معين وتجده في مكان آخر بسعر آخر.ودعت الجهات المعنية إلى تشديد الرقابة على الأسواق عموماً والبرادات الصغيرة خصوصاً، حتى لا يقع المستهلك ضحية لغش التجاري وذلك أملاً في الربح السريع.من جهة اخرى، أكد المواطن سالم طهمازي أن الرقابة على أسعار السلع الغذائية في المملكة غائبة، وخصوصاً على البرادات الصغيرة، والتي تقوم برفع أسعار السلع كما يحلو لها. وأضاف طهمازي أن دور وزارة الصناعة والتجارة وإدارة حماية المستهلك يقتصر فقط على التأكد من نوعية السلع وهل هلي مقلدة أم أصلية، متجاهلة تشديد الرقابة على الأسعار.وأوضح طهمازي أن إدارة حماية المستهلك بالوزارة تفتقد إلى قلة عدد الموظفين، والذين بالكاد يغطون المراكز التجاري الكبرى، داعياً غلى تطوير الكادر الوظيفي في الإدارة للقيام بدوره على أكمل وجه. وأضاف طهمازي أنه تم إنشاء إدارة حماية المستهلك أساساً للدفاع عن حقوق المستهلكين بشكل كامل، إلا أنه أكد أن يجب مضاعفة ميزانية الإدارة وتأهيل موظفيها للقيام دبورها المطلوب، داعياً إلى مخالفة وتغريم كل من يتسبب في رفع الأسعار وذلك منعا لاستغلال المستهلكين.في المقابل، دعا معتصم سيد أحمد إلى تكثيف الرقابة على البرادات الصغيرة المنتشرة داخل الأحياء السكنية للحد من التلاعب بالأسعار.وأضاف سيد أحمد، أن هناك بعض البرادات الصغيرة تقوم بوضع أسعار مرتفعة عن تلك المتعارف عليها في الأسواق والمراكز التجارية الكبرى.وفي جولة لـ«الوطن» على عدد من البرادات الصغيرة في المحافظة الجنوبية، لاحظت وجود فروقات كبيرة في أسعار السلع الغذائية من برادة إلى أخرى، دون أسباب تذكر.وأكد بشير محمد-عامل في إحدى البرادات الصغيرة بالرفاع- أن هناك اختلاف في أسعار السلع الغذائية من برادة إلى أخرى، عازياً ذلك إلى ارتفاع كلفة الأيدي العاملة في تلك البرادات.وقال بشير: «هناك برادات تدفع إيجارات أعلى من نظيرتها وذلك على حسب الموقع، ما يؤدي إلى رفع الأسعار»، لكنه أكد في الوقت نفسه أن هناك بعض السلع أسعارها مرتفعة لأسباب تخص بلد المنشأ.من جهته، أكد العامل جلال-في إحدى البرادات بمنطقة الرفاع- أن بعض البرادات تتعمد زيادة أسعار السلع ، مقارنة بالأسعار السائدة والمتعارف عليها في السوق. وأوضح أن بعض «الهايبر ماركت» يزيد الرسوم الإدارية، ما يتسبب في توجه بعض البرادات إلى رفع أسعار السلعة الغذائية لتغطية الكلفة، لكنه أوضح أنه يجب أن تتناسب الزيادة مع مدخول المستهلكين.
مستهلكون وتجار: التلاعب بالأسعار مستمر والحل بالتغريم
23 فبراير 2014