قال خبير الأمم المتحدة شيتان كومار، إن الحوار في البحرين طريق المصالحة الوطنية، وأن تنظيم المبادرات الشعبية في هذا الإطار مطلب ملح، مبدياً إعجابه بمبادرة كتلة البحرين النيابية وكافة المبادرات الوطنية الرامية للمصالحة. ووصف كومار خلال لقائه رؤساء وأعضاء لجان المصالحة الشعبية في مختلف مناطق البحرين، في منزل رئيس كتلة البحرين النيابية أحمد الساعاتي، تحرك الكتلة بـ«الرائع والأساسي”، وقال “من المؤكد أنه يفضي إلى المصالحة”. وأضاف أن استمرار التحرك مطلوب، مع ضرورة الانتقال إلى مرحلة تكون فيها المبادرات أكثر تنظيماً لتبلغ مرحلة متقدمة تكتمل فيها صفات الوحدة والترابط، بعدها بإمكان هذه المبادرات أن تتحول إلى وساطة حقيقية لديها صلاحية شعبية تُجبر الأطراف الأخرى في الحكومة والمعارضة على التحرك الجدي تجاه المصالحة. وقال خبير الأمم المتحدة إنه متابع لكافة التحركات والمبادرات الجادة للمصالحة في المنطقة العربية، بهدف التوفيق بين الفرقاء في دولهم، وأضاف “أستطيع تأكيد أن المبادرات في البحرين التي تحظى بدعم كتلة البحرين النيابية، بإمكانها أن تصنع الأمل في بلوغ مرحلة المصالحة”، مشيراً إلى أن تركيبة من التقى معهم بمنزل الساعاتي تكتمل فيهم ملامح النجاح، وبإمكانهم أن يكونوا النواة الأساسية لمرحلة مشرقة من المصالحة البحرينية. وأكد كومار أن أهم عناصر النجاح لبلوغ المصالحة هو استمرار الحوار، خاصة الحوار المتنوع الذي تشارك فيه الأطراف والجهات كافة، لافتاً إلى أن كل محاولات المصالحة في العالم واجهت إشكالية تردد بعض أطراف النزاع في الحوار، وتردد بعض فعاليات المجتمع حتى غير المتورطة في النزاع من دخول الحوار وإثرائه، لأسباب موضوعية بالنسبة للمحجمين عن الحوار يأتي في مقدمتها شكهم في جدواه وقدرته أن يكون قيمة مضافة لتحقيق المصالحة. وأوضح خبير الأمم المتحدة أن الشك والخوف المشروعين من التورط في الحوار، ينبغي ألا يثنيانا عن الاقتناع بحقيقة أن الإشكاليات السياسية أو غيرها لا يمكن أن تجد طريقها للحل دون بدء حوار جاد يرتكز على إشعار الأطراف بأهميتها وقوتها وتأثيرها على إنجاح المبادرات، وأن هذا دورهم الوطني الذي يعد قيمة أساسية من قيم المواطنة. وأعرب كومار عن اطمئنانه أن البحرين تملك كوادر تتمتع بموصفات وإمكانات تجعلهم وسطاء في أزمة شبيهة بالأزمة التي تشهدها المملكة، مشيراً إلى أن الوسطاء هم أهم حلقة من حلقات نجاح مبادرات الوساطة، و«يقع على عاتقهم الدور الذي تؤدونه في محاولة تجسير الفجوة بين الفرقاء، وإقناع كل الأطراف بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، واضعين أجندات محايدة من شأنها تحويل دعوة الحوار إلى دعوة جاذبة بحيث تتبناها الأطراف بذات الحماس، والرغبة في الخروج بحل يرضي الجميع”. ولدى سؤاله عن آلية ينبغي على القائمين على الحوار تبنيها توخياً للصورة المحترفة في لعب دور الوسيط في أزمة شبيهة بأزمة البحرين، قال كومار “لا شك أن لكل أزمة ظروفها، ولكل دولة خصوصيتها، لكن ثمة مرتكزات وثوابت لدور الوسيط، فليس أمامكم خيار إذا أردتم النجاح من أن تتواصلوا مع جميع الفرقاء من كافة الجهات، ومنح الأطراف شعوراً أن حقوقهم بالحوار متساوية مع الجميع لجهة المساحة الزمنية وحرية الطرح، والاجتماع مع كل طرف على حده لتكريس مبدأ الجدية والاهتمام، ولا ينبغي أن ننسى ضرورة إشعار الأطراف أن وجهة نظرهم تحظى بالأهمية والرعاية، وأنها غير معرضة للرفض أو المصادرة لأي سبب كان”. وأكد خبير الأمم المتحدة أن أغلب دول العالم لا تتوافر لديها وسطاء يؤدون أدوار التقريب حين نشوب خلافات واحتدامات، وقد تكون الولايات المتحدة الأمريكية إحداها، ما يؤكد “أهمية الدور الذي تلعبونه اليوم ليس على المستوى المحلي بل الدولي أيضاً، وهذا يفرض على لاعبي دور الوسيط أن يصمموا قاعدة بيانات لتكون قاعدة أساسية تستند عليها جميع الأطراف في التعاطي مع الوقائع ومنطلقات النقاش، واعتبار تلك القاعدة وثائق التجربة البحرينية التي قد يستفيد منها العالم لاحقاً”. وأشار كومار إلى أن الأمم المتحدة تنظر بعين الاهتمام لمبادرات فعاليات المجتمع البحريني، إضافة إلى التحركات الداعمة من كتلة البحرين النيابية لتأطير نشاط مبادرات المصالحة في البحرين، لترقى إلى حالة الوساطة المحترفة، لذا فإن فريقاً من الأمم المتحدة سيبادر بالتنسيق مع الجهات المعنية لعقد لقاءات مع القائمين على مبادرات المصالحة، بغية تبادل الخبرات بما يضمن الاهتداء إلى الطريق الأمثل لسير عمل تلك المبادرات، وتحويلها إلى نواة أساسية لمشروع المصالحة. من جانبه كشف النائب أحمد الساعاتي أن تحركات الكتلة الداعمة للمبادرات الشعبية الرامية إلى المصالحة، شملت مبادرة عقد لقاءات مستفيضة مع مختلف الأطراف المتورطة في النزاع السياسي. وقال إن تلك المبادرة قوبلت بترحيب من كافة الأطراف، ما يجعلنا نتيقن أن إجراءات المصالحة تسير بصورة إيجابية وصحيحة، مضيفاً “نحن على يقين أننا على موعد قريب مع المصالحة البحرينية، وأن وطننا سيعود لسابق عهده بلحمته الاجتماعية المميزة، وينعم بالسلام والاستقرار باعتبارهما شرطان أساسيان للنهضة الشاملة”. وأكد المتحدث الرسمي باسم كتلة البحرين النيابة النائب د.جمال صالح، أن الكتلة مقتنعة تماماً عبر عقد الشراكات المحترفة مع منظمة الأمم المتحدة وأصحاب المبادرات الشعبية للمصالحة، أنها أكملت عقد فريق قادر على أن يكون قيمة مضافة لجهود المصالحة المطروحة في المشهد العام للبحرين، وأن يكون وسيطاً ينظر إليه الفرقاء بوصفه يتمتع بالحياد والكفاءة العلمية، وقادر على تصميم أرضية مشتركة يجتمعون عليها طواعية بدافع حس وطني يطمح إلى بحرين آمنة مستقرة. وقال “نحن ككتلة على استعداد تام لمضاعفة جهودنا على صعيد دعم جهود المصالحة المبذولة من قبل فعاليات شعبية نحتفظ لها باحترام وتقدير تامين، حتى لو تطلب منا هذا الاجتماع يومياً، ونرحب بمقترحات خبير الأمم المتحدة كومار، وفي مقدمتها تنسيق جهود المبادرات ووضعها في إطار علمي يجعلها ترقى لتكون وساطة حقيقية وتصبح نقطة فارقة في مجمل النزاع السياسي والاجتماعي في البحرين”. ودعا المتحدث الرسمي باسم الكتلة وسائل الإعلام المختلفة لتلعب دورها في هذه المرحلة الحرجة من عمر الأزمة البحرينية، ووصلت إلى نقطة احتياجها لصوت الحكمة والوسطاء المحايدين، وأضاف “وسائل الإعلام هي أهم صوت يستطيع أن يجعل صوت العقل والحكمة مسموعاً ينصاع له الجميع”. وأشاد بمساهمات منظمة الأمم المتحدة وخبرائها الذين سيسجل تاريخ المنطقة جهودهم، وتسهم بلا شك في وضع دول المنطقة وهي تواجه منعطفاتها السياسية على الطريق الصحيح فيما يتعلق بالحلول والإجراءات التصحيحية الضامنة للاستقرار وعودة الهدوء، مشيراً إلى أن منظمة الأمم المتحدة مرجعية دولية رصينة، بإمكانها أن تسهم في جعل كل الأطراف ينصتون لصوتها وصوت العقلاء. وأبدت كتلة البحرين النيابية تفاعلاً كبيراً مع الجهود الاجتماعية لتنشيط أعمال المصالحة الشعبية، التي تكونت لجانها في عدد كبير من مناطق البحرين سعياً للحمة وطنية وإعادة الثقة بالحوار باعتباره حلاً وحيداً قادراً على معالجة الأزمة في البحرين، وعلى إثره دعت الكتلة لعقد عدة اجتماعات تنسيقية في منزل الساعاتي.