بقلم - الشيخ زياد السعدون:لايزال الحديث موصولاً عن لغات الحب الخمس، التي تحدث عنها جاري تشابمان في كتابه «لغات الحب الخمس»، ونتوقف اليوم مع اللغة الخامسة، «التواصل الجسدي»، وكلنا يعرف حادثة نزول الوحي على رسولنا عليه الصلاة والسلام وكيف كان جبريل عليه السلام يضم النبي مرة بعد مرة ليشعره بالأمان والاطمئنان، ومرة أخرى جاء جبريل عليه السلام على هيئة رجل ليعلم الناس الإيمان والإسلام والإحسان من خلال السؤال والجواب، وأسند ركبتيه إلى ركبتي النبي عليه الصلاة والسلام ولم يجلس بعيداً عنه، فلغة الجسد ربما تكون أبلغ من الكلام، فقد ترى رجلين متخاصمين، فقام أحدهما وعانق الآخر وضمه إلى صدره، فإن هذه الحركة أبلغ في النفس من كثير من جمل وعبارات الاعتذار، وحتى القبلة التي يتبادلها الناس فيما بينهم لها مدلولات ومعانٍ عدة، بل هي من أبلغ لغات الجسد التي يستخدمها بنو آدم، مع أنها ضم للشفتين وسحب للهواء لكن معانيها شتى، فلو قبل الإنسان يد أو رأس والديه فهذه قبلة بر واحترام، وتقبيل الولد عطف ورحمة وحنان، وإن قبل زوجته فهي غرام ومودة وغزل، وإن قبل الحجر الأسود فهو تقبيل طاعة وقربة إلى الله، وهكذا، وإن كان شكل القبلة واحد، لكن معناها متعدد، وكما نحتاج لنعبر عن مشاعرنا بالأقوال كذلك نحن بحاجة إلى لغة الجسد، من أجل هذا قال رسولنا عليه الصلاة والسلام للرجل الذي قال عندي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم، فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم «ما أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك»، فهذه اللمسة الحانية والقبلة للطفل تشعره بالأمان والحنان، وكذا الوالد أو الوالدة أو الزوجة، ولأن قرب الجسد يجلب محبة الروح، فالزوج إذا غضب من زوجته، وأراد هجرها في الفراش، فلا يبتعد عنها ولكن يدير ظهره لها، كما قال ابن عباس، لأن الجسد قد يصلح بينهما أكثر مما يصلح النقاش والحوار والجدال، ولو قلبنا النظر إلى الصلاة، وكيف أمرنا أن يصف بعضنا بأقدام بعض لعلمنا ماذا تعني لغة الجسد.