يواصل معرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية؛ النبش في ذاكرة التعبير الإبداعي لتشكيليي البحرين، القضايا، الأفكار، الأحلام، التي كانت ولا تزال تراود الفنانين، إضافة إلى التجارب التقنية، والمدارس الفنية التي انتمى لها مبدعو البحرين، الأنماط والممارسات الفنية التي اعتمدوها في التعبير.معرض البحرين للفنون التشكيلية الذي يكمل بنسخته الحالية عقده الرابع، يستمر في عرض أعماله للأسبوع الأخير، ويتضمن كعادته أعمالاً متنوعة في محتواها وتقنياتها وأساليب التعبير، تصوير وتشكيل مجسم، تجهيز في الفراغ، تصوير فوتوغرافي، وغيرها.وكما حمل المعرض أشكالاً متنوعة من التعبير، فقد استعانت أعماله بتقنيات وخامات مختلفة وطوّعتها في ممارساتها، ابتداءً من الضوء في عمل الفنانة الشيخة مروة آل خليفة، إلى الدانتيل في لوحة تصويريّة للفنانة سميّة الإنجنير، وصولاً إلى الحجر المحمول بخيوط الصيد الشفافة في عمل الفنانة الشابة مريم النعيمي، وطفايات الحريق في عمل الفنانة الشيخة هلا آل خليفة. وتظهر في الأعمال بعض المشتركات أولها الحضور الإنساني وإن كان الحضور مختلفًا ومتباينًا، بين الحضور الطيفي كما في أعمال الفنانة شفيقة الهرمي والفنانة سامية الإنجنير والفنان عمر الراشد، مروراً بالسلويت المتمثل في حضوره المكثّف في عمل الفنانة فائقة الحسن، إلى التسطيح والتبسيط المتحرر من تفاصيل الواقع وثقله الذي اعتمده الفنان عدنان الأحمد في مشاركاته، انتهاءً بالواقعيّة الجديدة كما في أعمال الفنان أصغر اسماعيل وبيريهان العشماوي وفاطمة السرحان.ويلاحظ زائر المعرض ظهور الرمز الشكلي سواء المتمثل في المفردة الشكلية للحروف العربية كما في أعمال الفنان علي المحميد، أو الرموز الشكلية كما في أعمال الفنان جمال عبد الرحيم، أو الجمع بينهما كما في أعمال الفنانة هدير البقالي، و تظهر الكلمة واضحة لكن ليس بغرض جمالي، ولكن في توظيف رمزي في عمل الفنان جعفر العريبي. في حين عمد عدد من الفنانين إلى التجريد الكامل، بخلق علاقات شكلية جمالية وتكوينات فنية مبتكرة كما في أعمال الفنانة بلقيس فخرو والفنان عبد الكريم العريض، والفنان زهير السعيد والفنان راشد العريفي، والفنانة الشيخة مروة آل خليفة والفنانة لبنى الأمين، فقد عمد بعضهم إلى التجريد غير الكامل الذي يبقى بعض الصلة أو المداخل إلى أصول الأشياء كما في أعمال الفنان علي أحمد خميس والفنان ابراهيم بو سعد والفنان خالد الطهمازي والفنانة مريم فخرو والفنانة سلوى المؤيد. معرض البحرين للفنون التشكيلية في تنوعه وتعدد ممارساته يعتبر تجربة مختلفة للزائر باعتباره نافذة على مجموعة من التجارب الفنية المتنوعة، مضامين وممارسات، وتقنيات، اتجاهات ومذاهب فنيّة، ورصد دقيق للراغب في الوقوف مرحلة هامة من مراحل عمر الحركة التشكيلية في البحرين.