كتب - عادل محسن:«سوقنا اليوم راكد؛ فمن أين نعيل أبناءنا؟!».. و«ضيق الحاجة أوقعنا في خسارة لم نكن نتوقعها».. هكذا لخص مربو ماشية في حظائر الهملة للمواشي أوضاعهم التي وصفوها بـ»المأساوية»، مشتكين من زيادة فرص نفوق المواشي مع اقتراب موسم الصيف وإهمال «الزراعة» -على حد قولهم- وعدم توفير الاحتياجات لهم، مشيرين إلى أنهم ملوا وعود البلديات» بإيجاد حلول لمشروع «حظائر الهملة» وتشغيل الكهرباء والماء، والدفع باستراتيجيات للنهوض بالأمن الغذائي. وأشاروا، في تصريحات لـ»الوطن»، إلى يأسهم وطول انتظارهم لاستكمال مشروعهم الذي يفتقر لأبسط الأساسيات من كهرباء وماء وطرق ورعاية بيطرية لمواشيهم التي نفقت لضعف الاهتمام ووصل الحال ببعضهم بأن يخسر ماشيته بالكامل بسبب حلم لم يكتمل وسط دهشتهم من ضغوطات تعرض لها البعض بعد تحدثهم في تحقيقات سابقة للجريدة حول الوضع المأساوي الذي تعيشه شريحة كبيرة من المربين ومطالباتهم المستمرة بضرورة الحفاظ على الأمن الغذائي في المملكة، ووعد وزير «البلديات» بتطوير الخدمات المقدمة لمربي المواشي في لقاء صحافي مطول مع «الوطن» وأمر بالتحقيق في بعض قضايا الفساد التي تجري في «الزراعة».ورفع المربون، محاولة أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، نداء إلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الذي يحرص في توجيهاته على توفير الأمن الغذائي ودعمه، مناشدين بمعاقبة المسؤولين الذين يعملون على محاربة المربين في رزقهم والتقصير في تقديم الخدمات والتضييق عليهم والإهمال في تقديم خدمات وفرتها الدولة أساساً للنهوض بهذا القطاع. واستمعت «الوطن» لمشكلات المربين في حظائر الهملة في زيارة ميدانية واستمعت إلى مشكلاتهم في سلسلة تحقيقات لإظهار جوانب التقصير في دعم الأمن الغذائي في المملكة والذي يعد ركيزة أساسية في كل مجتمع.وعود لا غيراشتكى المربي عبدالجليل شعبان عدم توفير احتياجات المربين، وعدم وجود رغبة حقيقية من المسؤولين في متابعة قضاياهم والاهتمام بها. وأضاف: تعبنا من كثرة الحديث ومناشدة الوزارة بدعم عملنا، وأتمنى أن أحصل على وظيفة حكومية لأعيل أبنائي وإيجاد قوت يومي بعد أن تعبت من تربية المواشي والمصاعب التي أواجهها يومياً.القراد يغزوناوشدد جاسم محمد على ضرورة رصف الطرق المؤدية إلى الحظائر وكذلك ما بينها، بعد أن تدمرت سياراتهم وسيارات مرتادي سوق الهملة للمواشي، لافتاً إلى أن مشروع الحظائر بالهملة لا يتم توفير الكهرباء والماء فيه.وأضاف: وجدت القراد والحشرات في حظائرنا ملاذاً لها، فنحن لا نحصل على أي دعم بيطري حقيقي رغم توجيهات وزير البلديات بتوفيرها لنا، ونستغرب لماذا هذا التقصير في حين أن الميزانيات متوفرة والأقسام موجودة وبها موظفون؟ ما الذي ينقصهم مع وجود أطباء بيطريين جدد؟ البهيمة عندما تخرج للعلاج من حظيرتنا لا ترجع ويكون مصيرها النفوق، والأعلاف مشكلتها مستمرة ويتم تصديرها للخارج وحرماننا منها في الداخل، ونحن مقبلون على فصل الصيف والمشكلة ستتفاقم على مختلف الأصعدة. الأدوية من السعوديةوقال غسان علي إن المشكلات بين المربين متشابهة والمعاناة واحدة، لافتاً إلى أنه حاول الاتصال بالقسم البيطري لتطعيم أبقاره «بفاكسين 10» والذي يحمي ماشيته من 10 أمراض، «إلا أنهم لم يحضروا رغم أن هذا التطعيم مطلوب كل 6 أشهر».وذكر خليفة المعمري أنه يعمل بتربية الماشي منذ 28 عاماً في الزلاق وبعد انتقاله للمشروع الجديد استبشر خيراً بتوفير كل المستلزمات لعمله، إلا أنه وطوال هذه السنين لم تطعم ماشيته بفاكسين 10 ويتحدى «الزراعة» في ذلك.وأردف المعمـــري: نعتمـــد علـــى الأدويــــة البيطرية التي نشتريها من السعودية، بعد أن تم خذلاننا من القسم البيطري، ونستغرب كيف للمسؤولين أن يصمتوا عن هذه الفوضى؟! ما نعرفه أن الدولة توفر الميزانيات لجلب الأدوية وإقامة حملات لتطعيم الماشية في المملكة والحفاظ على صحة الحيوانات التي تنعكس على صحة الإنسان الذي يعتمد في غذائه على اللحوم، وأي تقصير في هذا المجال هو تقصير في حق المستهلكين.وتابع: لقد وفرت الدولة محجراً وأطباء وأدوية لتقديم الخدمات لنا، لكن عدم المبالاة أدت إلى وصولنا إلى هذا الحال لدرجة أن الأدوية تنتهي في المخازن وبشهادة وزير البلديات في لقاء صحافي سابق وبحسب ما أثبتته تقارير ديوان الرقابة المالية بحسب ما قرأناه، فما هذا الاستهتار في حياة المواطنين وعدم الالتفات بصحة الناس؟ هل يرضي ذلك صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء؟ نناشد سموه التوجيه لحل مشكلتنا أسوة بمشكلات بيئية عدة واجهتها المملكة مؤخراً ووجه لحلها من خلال مجلس الوزراء واستقباله المسؤولين تجاوباً مع تحقيقات نشرتها «الوطن».وواصل المعمري: نحن نعلم مدى اهتمام سموه بقضايا الوطن والمواطن لذلك ننادي بالاهتمام بوضعنا، فمشروع الحظائر بالهملة مشروع نموذجي لم يتم استكماله وأشاد به زملاء لنا في دول خليجية ولا يوجد له مثيل في البحرين، ألا يكفي ما يعانيه زملاؤنا في عراد والجنوبية ومناطق أخرى ولم يتم إنشاء أي مشروع لهم رغم وعود مستمرة منذ سنوات وعندما تحقق مشروعنا على أرض الواقع يتم محاربته والوقوف ضد استمراره وللهدف الذي أنشئ من أجله».البرهامة والهملة حال واحدوذكر أحمد القرينية أنه لم ينتقل لحظيرته لأن حاله في حظيرته بالبرهامة مطابق لحظيرته الجديدة في الهملة، فالقديمة بدون كهرباء ولا ماء ولا طرق معبدة، وفي الهملة الحال نفسه فلم يجد الدافع للانتقال رغم أن العقد يتضمن توفيرها.وقال القرينية: اقترب شهر رمضان وليس لدينا خروف لنبيعه، الأسعار ارتفعت كثيراً بسبب الضرر الواقع على تجار المواشي الذين نشتري منهم ونبيعه بدورنا للمستهلكين، الوضع في الهملة كان طبيعياً ولا أعلم لماذا تغيرت الظروف مؤخراً، واستلمت الوزارة أول إيجار وبعدها رفضت استلامه دون تبرير ووعدت باستلامه بعد استكمال بعض الإجراءات وكان على لسان وكيل وزارة البلديات، والبعض منا لجأ إلى القضاء لتسليم الإيجار كي لا يكون عليهم أي شرط جزائي، وسوقنا اليوم راكد؛ فمن أين نعيل أبناءنا؟!.صباب قهوةوبين عبدالحسين جواد أن حاله لا يختلف كثيراً فضيق الحاجة أوقعته في خسارة لم يكن يتوقعها، فخسارته لماشيته أدت إلى عمله كـ»صباب قهوة»، مشيراً إلى أنه تحدث سابقاً عن مشكلته في تحقيق لـ»الوطن» بمنطقة البرهامة.وقال جواد إن مالي وحلالي ضاعا بسبب عدم توفير المياه وعجزي عن شرائه، لافتاً إلى أنه سقى ماشيته من مياه المجاري ظناً منه بأنه حل مؤقت مناسب خوفاً من موتهم من العطش، إلا أن ذلك تسبب بتسممهم وموتهم. وها أنا أقف أمام حظيرتي كل يوم وأتحسر على 60 عاماً قضيتها في هذا المجال. بدوره قال سعيد عبدالكريم إن الحديث عن توفير خدمات بيطرية مجرد «كلام في الهواء» وفي الحقيقة أن كثيراً من الأدوية ناقصة في الوزارة، وعندما تريد أن تعطي دواء لا يكون بالجودة أو الكمية المطلوبة، وعندما نطلب معقم أرضية الحظائر لمكافحة القراد وغيرها يعطوننا 30 ملم لمساحة 30x20 متر بينما نحتاج 500 ملم؛ ألا يكفي هذا استهتاراً؟!.مؤسسة أمنية أم سوق مواشوعبر إبراهيم سامي عن صدمته مما أسماه «الإجراءات المشددة على البوابة الرئيسة لمركز الهملة الزراعي، وتخويف الزبائن من الدخول بطلب الهوية وتسجيل أرقام سياراتهم وأسمائهم في إجراء بدأ أمس دون علم المربين. ويتم التحقيق مع جميع الداخلين وكأنما يدخلون لمؤسسة أمنية وليس لسوق للمواشي».وأضاف ما يجري حالياً هو تشجيع الأسواق المؤقتة للمنتجات البحرينية بينما نحن نرجع إلى الخلف ويتم التضييق على أسواقنا الدائمة، فأي منطق هذا؟ نحن نعتمد على أنفسنا في كثير من الأمور منها الأدوية التي تفسد بسبب عدم وجود تيار كهربائي، ولا أعلم كيف سيتحمل العمال حر الصيف؟ لقد هرب بعض العمال من بعض الزملاء، ولابد من إيجاد حل واقعي، لكننا باقون وسنواجه البيروقراطية والتقصير.وطالب التاجر علي الكاس بأن تكون القوانين والأنظمة مساعدة لعمل التاجر والمربي ولا تعرقله، لافتاً إلى أن المحجر كان في السابق يفحص 10% من شحنة المواشي، واليوم يتم فحص كل الشحنة وحجرها 21 يوماً تحت أشعة الشمس وقيمتها تعادل 70 ألف دينار!. ودعا الوزير لإيجاد صيغة اتفاق مع السعودية لمرور شحنات المواشي من خلال أراضيها وصولاً إلى البحرين، لتعود للسوق حيويته ولتستقر الأسعار التي زادت 100%.استنفدنا كل الوسائلمن جانبه، أكد ممثل مربي المواشي بالهملة عبدالرحمن المطوع أنه استنفذ جميع الوسائل للنهوض بعمل المربين كونه يمثلهم في هذا المجال ومخولاً بالتواصل مع المسؤولين ونقل المطالب لهم، لافتاً إلى أنه لا يجد جدية من الوزارة لتنمية الأمن الغذائي.وتساءل المطوع: أين الاستراتيجيات التي يتحدثون عنها في الإعلام يومياً، وما الذي تحقق للمربين منها؟ ولماذا لا توجد خطة واضحة وتوقيت للبدء بالاستراتيجية والانتهاء منها؟ نحن نعمل بيد واحدة لدعم الأمن الغذائي وأنا أمثل أطيافاً مختلفة من المجتمع يعملون في مجال تربية المواشي، والمشروع تحت مظلته تجار من الطائفتين الكريمتين، هدفهم واضح وثابت في دعم هذا المجال رغم الصعوبات التي واجهت هذه المهنة في الآونة الأخيرة.وأضاف: نحن نعمل من منطلق وطني واضح بعيداً عن أي صراع وذلك لإيماننا بأهمية دورنا في توفير اللحوم الحية في المملكة كوننا الوحيدين الذين نوفرها في الوقت الحالي، ولا أعتقد أن الحكومة ترضى بما نواجهه من إهمال واضح، ثم إن توجيهات رئيس الوزراء واضحة في مجال دعم الأمن الغذائي، ورؤية البحرين 2030 تدعم كافة القطاعات ومنها الأمن الغذائي، لذلك تتوجب مراجعة ما يحصل في الوزارة والنظر بجدية لوضعنا. وتابع المطوع: في السابق كنا نجد الاهتمام الواضح من الوزارة ومن خلال تمكين استطعنا أن نبني مشروع الهملة بشراكة مجتمعية حقيقية بميزانية فاقت 330 ألف دينار ووضع المربين مبالغ من جيوبهم وفقاً لأنظمة تمكين بضرورة مساهمة المربي في المشروع، وكان العمل مستمراً على نحو سليم وزار الوزير ووكيله وكافة المسؤولين لمشروعنا وأشادوا بالإنجاز الذي تحقق فيه، لكن عليهم أن يكملوا المسير معنا ويدعموا مطالب المربين على النحو الذي يسهم في اقتصاد البحرين والمحافظة على هذه المهنة فيكفي ما حصل من هروب بعض تجار المواشي البحرينيين إلى دول أخرى والعمل فيها بسبب مرونة القوانين لديهم ولا توجد تعقيدات يومية يواجهها المربي لتحقيق مصالح شخصية».