شدد حقوقيون وتربويون على ضرورة تبني استراتيجية واضحة لنشر الثقافة السياسية والحقوقية في المجتمع، يحميها سياج من الموارد المالية الكافية التي تمكنها من تحقيق مختلف بنودها، مشيدين بالخطوات المتقدمة التي تنتهجها المملكة لنشر هذه الثقافة، لافتين إلى أنه لا يمكن المطالبة بميزانية قبل تقديم استراتيجية واضحة شاملة من قبل الجهة المعنية. وأكد الحقوقيون والتربويون في لقاء مع وكالة أنباء البحرين (بنا) بعنوان «الثقافة السياسية والحقوقية والمناهج الدراسية»، أهمية تطوير المناهج الدراسية المعنية بالثقافة السياسية والحقوقية، لافتين إلى العلاقة الوثيقة بين ممارسة الديمقراطية والمطالبة بحقوق الإنسان باعتبارها من أهم مؤشرات وملامح الديمقراطية في أي بلد، مشيرين إلى التزام المملكة بثوابت ومبادئ حقوق الإنسان التي أقرتها الاتفاقات الدولية، وأنها عازمة على إعطاء المواطن كافة الحقوق حفاظاً على كرامته الإنسانية.واتفقوا على أهم الأسس التي تكفل نجاح نشر الثقافة السياسية والحقوقية في المجتمع، منها: ضرورة تبني استراتيجية شاملة، توفير ميزانية مرنة، وخطة تنفيذية متقنة وواضحة تتناسب مع المتطلبات، وتنسيق وتناغم بين الجهات المعنية، ومواطن يطلع ويشارك في العملية السياسية بإيجابية، لافتين إلى أن مخرجات العمل الإنساني عامة والحقوقي بشكل خاص تحتاج إلى فترة طويلة قد تمتد إلى جيل بأكمله لتتجسد إيجابياتها في المجتمع.وأكد الأمين العام للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان د.أحمد فرحان أن المؤسسة تحاول الترويج لدورها في المجتمع والتعريف به، بينما أشار المدير التنفيذي لمعهد البحرين للتنمية السياسية د.ياسر العلوي، إلى أن المعهد يواجه عقبة كأداء في طريقه التوعوي تتمثل في ممارسات التخريب التي ينخرط فيها بعض المغرر بهم، في حين بين مدير إدارة المناهج بوزارة التربية والتعليم خالد الخاجة أن الوزارة تقوم بجهود جبارة لبث الثقافة السياسية والحقوقية في المناهج الدراسية للصفوف التعليمية المختلفة، وأنها تعمل على تعزيز العلاقة بين المنهج الدراسي النظري من جهة والتطبيق المباشر لهذا المنهج من جهة أخرى ليعي النشء من الطلاب أهداف المنهج التربوية. وعزا الأمين العام للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وجود إشكالية الخلط في فهم ماهية حقوق الإنسان ودور الجهات المعنية، ومتى يلجأ المواطن إلى هذه الجهات ولمن يلجأ بالتحديد وفقاً لكل حالة، إلى حداثة العهد بالديمقراطية في المملكة، مؤكداً أنه لا يمكن الحديث عن ديمقراطية حقيقية في البحرين قبل المشروع الإصلاحي للعاهل. وبين د.أحمد فرحان أن الخلط نتج عن اختلاط تسميات حقوق الإنسان في كثير من المؤسسات واللجان في البحرين، حيث هناك لجان لحقوق الإنسان في مجلس الشوري والنواب، وفي الجمعيات كمؤسسات مجتمع مدني، والمؤسسة الوطنية معنية بحقوق الإنسان كنظام ومشروع تحت مظلة الأمم المتحدة، وهو مشروع جديد نشأ العام 1992، كما لدينا وزارة لحقوق الإنسان، مؤكداً أنه على المواطن أن يفرق بين وزارة حقوق الإنسان التي تمثل الجانب الحكومي والجهة المعنية بتبني وجهات النظر الحكومية في الملف الحقوقي، وبين المؤسسة الوطنية التي تقوم بدور المراقب للحكومة ووزارات الدولة في تنفيذ ملف حقوق الإنسان ضمن الدستور والقوانين، وبين منظمات المجتمع المدني الممثلة للمؤسسات الأهلية، والتي ليس لها علاقة بالحكومة ولا بالمؤسسات الحكومية الدستورية. وأضاف: يجب أن نعي أن النفس الحكومي قد يختلف في التعاطي في موضوع يختص بحقوق الإنسان عن تعاطي المؤسسة الوطنية في ذات الموضوع، وقد يختلف التعاطي أيضاً في منظمات المجتمع المدني، مشدداً على ضرورة تضافر الجهود لنشر ثقافة حقوق الإنسان بمفهومها الواسع والترويج لدورها كل وفق اختصاصه ، موضحاً أن جميع الجهات معنية بتمكين المواطن كي يحصل على حقوقه كاملة، بينما يختلف تقديم هذه الخدمة من جهة لأخرى. ورأى د.أحمد فرحان أن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تحاول التعريف بدورها لدى المواطن، مشدداً على ضرورة إطلاع المواطنين على دور الحكومة والمؤسسة الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني في ما يختص بحقوق الإنسان، لافتاً إلى لأن واجب وزارة التربية والتعليم في هذا الشأن يعد الواجب الأخطر لأنه يتعاطى مع مراحل دراسية وعمرية مختلفة، إضافة لكونها تتبعها عدد كبير من الهيئات، مطالباً الجهات المعنية بتمكينها من أداء وظيفتها والتعاون معها بقدر من المسؤولية لنشر ثقافة حقوق الإنسان. من جانبه أكد مدير إدارة المناهج بوزارة التربية والتعليم خالد الخاجة وجود استراتيجية لتطوير المناهج الدراسية لتواكب متطلبات المرحلة الحالية، وذلك لكي تسهم في نشر الثقافة السياسية والحقوقية التي يتطلبها المجتمع لخلق أجيال تتمتع بثقافة سياسية وحقوقية سليمة، مشيراً إلى أن بث الثقافة السياسية والحقوقية في المناهج الدراسية بدأ منذ بداية انطلاقة المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وتم ذلك في مراحل التعليم المختلفة، ولدى الوزارة أكثر من 100 ألف طالب تسهم في تعليمهم وتثقيفهم. وأوضح أن دستور مملكة البحرين يؤكد ضرورة بث القيم السياسية والحقوقية، وعلى العناية باللغة العربية والتربية الإسلامية والتربية للمواطنة بحكم أن هذه المواد تشكل ثقافة سياسية ودينية واجتماعية وتشكل هوية المجتمع، وبناء على هذا التوجيه صدر قرار وزاري في أغسطس 2004 بتشكيل فريق من وزارة التربية والتعليم ومن جامعة البحرين لإعداد وثيقة، والتي على ضوئها تم إعداد مجموعة من الكتب من الصف الأول الابتدائي إلى المرحلة الثانوية لتدريس القضايا المتعلقة بالمواطنة والنظام السياسي وحقوق الإنسان. ولفت خالد الخاجة إلى تشكيل لجنة لتقييم كتب التربية للمواطنة التي تم تأليفها بين 2004-2005، وقامت الوزارة بمراجعة هذه الكتب وفقاً لملاحظات المعلمين وأولياء الأمور، وعقب استكمال المنهج الدراسي للمواطنة في العام2008-2009، كانت الملاحظات إيجابية على المنهج الجديد، لكونه منهجاً يساعد على نشر الثقافة السياسية والحقوقية في المجتمع.