أكد علماء ودعاة أن «الإسلام صنف بر الوالدين والإحسان إليهما من أعظم أنواع الطاعات التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى، حيث جعل سبحانه طاعة الوالدين بعد الإيمان به، بل إن بر الوالدين يعادل الجهاد في سبيل الله، قال الله تعالى «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً»».وأشاروا إلى أن «من حقوق الوالدين التي وردت في القرآن الكريم، الطاعة لهما وتلبية أوامرهما، والتواضع لهما، ومعاملتهما برفق ولين، وخفض الصوت عند الحديث معهما، واستعمال أعذب الكلمات وأجملها عند الحديث معهما، وإحسان التعامل معهما وهما في مرحلة الشيخوخة، وعدم إظهار الضيق من طلباتهما، ولو كانت كثيرة ومتكررة، والدعاء لهما بالرحمة والغفران».من جانبه، ذكر الشيخ صالح الفوزان بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «أتى رجل إلى الرسول يبايعه على الجهاد في سبيل الله، والهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد التوحيد والإسلام، يبتغي بذلك الأجر من الله سبحانه وتعالى، فقال له الرسول: «أحي من والديك أحد؟ قال: نعم، كليهما، فقال له النبي: ففيهما فجاهد»»، وهذا دليل على عظم حق الوالدين، وأن حقهما أعظم من الجهاد، في بعض الحالات التي يكون فيها الجهاد فرض كفاية وليس فرض عين».ومن ثم فقد حرص الإسلام على إكرام الوالدين ورعايتهما، وجعل ذلك جهاداً يعادل الجهاد في سبيل الله، فلا يخرج أحد إلى القتال وأبواه أو أحدهما يحتاج إلى عونه. وفي رواية ثانية أن رجلاً من اليمن هاجر إلى النبي صلى الله عليه و سلم يستأذنه في الجهاد، فقال صلى الله عليه وسلم: هل لك أحد باليمن؟ قال: أبواي، قال: أذنا لك؟ قال: لا، قال: فارجع إليهما، فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما».ومن هذا استنتج العلماء أن «أعظم صحبة للإنسان هي صحبة الوالدين، وهي صحبة يرضى بها الإنسان ربه، ويرجو بها حسن الثواب في الآخرة، ومعنى الصحبة، هو أن يحاول الإنسان أن يرد الجميل لوالديه، ويعمل على رعايتهما، وبخاصة إذا كبرا في السن واحتاجا إلى العون والرعاية». وجاء في الحديث أن «رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك»». وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله يوصيكم بأمهاتكم «ثلاثاً» إن الله يوصيكم بالأقرب فالأقرب».من جانبه، استشهد الشيخ الدكتور عمر عبدالكافي بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «قال النبي الكريم لأصحابه لقد رأيت الليلة عجباً، رأيت رجلاً من أمتي أتاه ملك الموت ليقبض روحه، فجاءه بره بوالديه، فرد ملك الموت عنه»، وكأن رب العباد يقول لملك الموت «هذا الذي تريد أن تقبض روحه أعطيته علاوة رضا لأنه بار بوالديه، وهذه هي الحالة الوحيدة التي يرجع فيها ملك الموت عن قبض إنسان، لأن حقائق الموت ليست عند ملك الموت ولكنها عند المولى عز وجل».وأضاف أن «البار بوالديه مهما يفعل من الذنوب والمعاصي إلا الشرك بالله، فلن يدخل النار بفضل بره بوالديه، والعاق لوالديه، مهما يفعل من أبواب الخير فلن يدخل الجنة، عقاباً له على عقوقه لوالديه، والعاق لوالديه لا يعرف قيمتهما إلا بعد أن يفقدهما، وتلك الحسرة الكبرى».وقال الشيخ عبدالكافي إن «المقصود بقوله تعالى «وصاحبهما في الدنيا معروفاً»، أن تصير مصاحبة الوالدين نفسها معروفاً، وأصحاب المعروف في الدنيا هم أصحابه في الآخرة، وهم الشفعاء يوم القيامة»، موضحاً أن «بر الوالدين ممتد حتى بعد وفاتهما، ومن ثم لا ينتهي البر بالوالدين بموتهما أو بموت أحدهما، بل يستمر إلى ما بعد الموت، فقد روي أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله هل بقي من بر أبويّ شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم الصلاة عليهما، والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما»».من جهته، حذر الداعية الشيخ محمد حسان من «عقوق الوالدين وإغضابهما»، مشيراً إلى أن «من يفعل ذلك يخسر الدنيا والآخرة، أما من يريد الخير، فعليه أن يبر والديه، ويسترضيهما بأي وسيلة كانت طالما أنها لا تخالف شرع الله». وبلغت وصية الله سبحانه وتعالى بالوالدين أنه أمر الأبناء بالتعامل معهما بالإحسان والمعروف حتى ولو كانا مشركين، فقال تعالى: «وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون».