الكويت - (وكالات): اعتمد وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته العادية الـ «25» أمس بالكويت مبادرة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى بإنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان واعتماد مشروع نظامها الأساسي.وشارك وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة في اجتماع وزراء الخارجية التحضيري، حيث تم اعتماد مشروع جدول أعمال القمة العربية والتي ستعقد الثلاثاء والأربعاء المقبلين، في دولة الكويت تحت شعار «قمة التضامن لمستقبل أفضل»، كما تم اعتماد مشاريع القرارات المرفوعة إلى القمة. وناقش الوزراء عدداً من قضايا الوضع الراهن في الوطن العربي، وهي القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، وتطورات الأزمة السورية والانعكاسات السلبية المترتبة على الأردن ومصر ولبنان والعراق جراء أزمة اللاجئين السوريين.ودعا وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماعهم التحضيري للقمة مجدداً إلى وقف إطلاق النار في سوريا، ووقف قصف المدنيين بالبراميل المتفجرة، ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان. ورأس الاجتماع التحضيري للقمة العربية العادية الـ 25 بالكويت النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح.وأعرب الشيخ صباح الخالد في كلمته الختامية عن الشكر والتقدير لنظرائه العرب وبالغ الإشادة والثناء على إسهاماتهم القيمة ومداخلاتهم الثرية مقدراً للجميع الروح الأخوية الودية التي سادت المداولات من أجل تحقيق توافق على مجمل أجندة الاجتماع «مما يهيئ لسير سلس ويسير لأعمال القمة المرتقبة والمقرر عقدها غداً.وتناول الشيخ صباح الخالد في كلمة افتتح فيها الاجتماع القضايا العربية وفي مقدمتها الأزمة السورية والقضية الفلسطينية وإصلاح منظومة العمل العربي المشترك والتنمية الاقتصادية والاجتماعية باعتبارها من أبرز مرتكزات التنمية المستدامة .وجدد الشيخ صباح الخالد مطالبة السلطات السورية بالكف عن شن الهجمات ضد المدنيين ووقف الاستخدام العشوائي للأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان من خلال القصف الجوي واستخدام البراميل المتفجرة ورفع الحصار عن كافة المناطق المحاصرة في مختلف أنحاء سوريا.كما طالب كذلك بالسماح بخروج آمن للمدنيين وإفساح المجال لدخول وكالات الإغاثة الدولية والمساعدات الإنسانية، مع ضرورة محاسبة جميع المسؤولين عن ارتكاب الجرائم وانتهاكات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان ضد الشعب السوري الشقيق. ودعا وزير الخارجية الكويتي المبعوث الدولي والعربي المشترك إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي إلى الاستمرار في بذل المزيد من الجهود لمواصلة عمله مع جميع الأطراف لاستئناف المفاوضات مؤكداً أن «لا حل عسكرياً للأزمة في سوريا».ووصف الشيخ صباح الخالد الأزمة السورية التي دخلت عامها الرابع بأنها «المأساة الأكبر في التاريخ الإنساني المعاصر».وفي الشأن الفلسطيني شدد الشيخ صباح الخالد على ضرورة تحرك المجتمع الدولي وبخاصة مجلس الأمن واللجنة الرباعية بشكل عاجل لوقف الاعتداءات الوحشية التي شنتها إسرائيل في قطاع غزة مؤخراً والحصار الجائر الذي تفرضه على القطاع وكذلك الانتهاكات المستمرة لحرمة المسجد الأقصى وتغيير التركيبة الديمغرافية لمدينة القدس واستمرار سياسة الاستيطان. وحول منظومة العمل العربي المشترك، أكد الشيخ صباح الخالد استمرار عملية إصلاح تلك المنظومة مع دراسة ما يطرح من أفكار ونماذج تهدف إلى زيادة فعالية آليات العمل العربي المشترك.من جانبه، أعرب وزير الخارجية القطري خالد العطية في كلمة بصفته ممثلاً عن بلاده رئيسة الدورة العربية السابقة عن «ثقته بالأمة العربية في مواجهة التحديات والمخاطر عبر التضامن والتكامل العربي الفاعل والبناء لمعالجة المشاكل والقضاء على الأخطار خاصة أن الدول العربية تمتلك الإمكانات اللازمة لذلك». واعتبر العطية أن «الوضع في سوريا بات أكثر تعقيداً ولا بد من إنهاء هذه المأساة عبر استخدام كافة وسائل الشرعية الدولية».ودعا العطية إلى «تقديم كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي» لفصائل المعارضة السورية، وحث مجلس الأمن على «تحمل مسؤولياته بقرار ضمن الفصل السابع» معتبراً أنه ذلك هو «السبيل الوحيد لوقف إطلاق النار».من جهته، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي إن «قمة الكويت تنعقد في مرحلة يتزايد فيها حجم المخاطر المطروحة على أجندة العمل العربي»، معرباً عن أمله في أن «تسفر نتائج الاجتماع التحضيري الوزاري للقمة عن بلورة مواقف وقرارات عربية ترتقي إلى مستوى وحجم التحديات وبما يسهم بدفع الجهود العربية المشتركة نحو ما تصبو إليه الشعوب العربية».إلى ذلك، أكد العربي أن الإبراهيمي سيقدم تقريراً عن عمله أمام القمة. وبحسب العربي، فإن القضية الفلسطينية بدورها ستكون «على رأس أولويات القمة». واعتبر العربي أن مسار الأحداث في سوريا يلزم مجلس الأمن اتخاذ «قرار ملزم بوقف إطلاق النار ووقف أعمال العنف والتدمير والتخفيف من حدة المعاناة». ووافق وزراء الخارجية في اجتماعهم التحضيري للقمة على طلب لبنان إدراج موضوع جديد على أجندة القمة وهو «الانعكاسات السلبية والخطيرة المترتبة على لبنان جراء أزمة النازحين السوريين».وبحث وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم التحضيري للقمة المقرر عقدها غداً العديد من القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية أبرزها الأزمة السورية وما يترتب عليها من معاناة إنسانية للاجئين والنازحين والقضية الفلسطينية وملفات عملية السلام في الشرق الأوسط إضافة إلى مناقشة التضامن العربي الكامل مع لبنان وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي له.كما بحث الاجتماع الأوضاع في ليبيا واليمن وتأكيد سيادة الإمارات الكاملة على جزرها الثلاث «طنب الكبرى» و»طنب الصغرى» و»أبو موسى»، وملف دعم السلام والتنمية في السودان والوضع في الصومال ودعم جمهورية القمر المتحدة إضافة إلى النزاع الجيبوتي - الإريتري مع تأكيد ضرورة احترام سيادة جيبوتي ووحدة وسلامة أراضيها.وناقش الوزراء أيضاً قضايا مكافحة الإرهاب الدولي ومخاطر التسلح الإسرائيلي على الأمن القومي العربي والسلام الدولي وجهود إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط إلى جانب التحضير العربي للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية وكذلك العلاقات العربية الأفريقية والشراكة الأوروبية المتوسطية ومشروع النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان وتقارير وتوصيات بشأن إصلاح وتطوير الجامعة العربية.وفي الملف الاقتصادي والاجتماعي ناقش وزراء الخارجية بنوداً تتعلق بمتابعة تنفيذ قرارات القمة العربية في دورتها العادية الـ24 المنعقدة في الدوحة وقرارات القمم العربية التنموية والاقتصادية والاجتماعية إضافة إلى تقرير مرحلي بشأن الإعداد والتحضير للدورة الرابعة للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية المقرر عقدها في تونس عام 2015. كما ناقش المجتمعون بنداً حول تطوير العمل الاقتصادي والاجتماعي العربي المشترك ومشروع «إنشاء المفوضية المصرفية العربية وبند إنشاء منطقة استثمار عربية كبرى وبند مبادرة الأمين العام بشأن الطاقة المتجددة إضافة إلى بند إنشاء آلية عربية لتنسيق المساعدات الإنسانية والاجتماعية في الدول العربية». وتنعقد القمة العربية في الكويت في ظل انقسامات عميقة بين الدول الأعضاء ومن دون أفق ظاهر للأزمة السورية التي دخلت عامها الرابع، فيما سيظل مقعد دمشق شاغراً بعد أن شغله الائتلاف السوري المعارض خلال القمة الماضية في الدوحة.والمعارضة السورية مدعوة للمشاركة في القمة ولو أنها لن تشغل مقعد دمشق الذي شغر عام 2011 مع تعليق عضوية النظام السوري في الجامعة، فيما من المتوقع أن يلقي رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا كلمة أمام القادة العرب.