أكد علماء ودعاة أن «الجنة لا تنال بالأماني، ولكن بالجد والعمل الصالح، وقد تكفل الله تعالى بتيسير الطريق وتذليل عقباته لمن أراد أن يسلكه حقاً، فإذا أقبل العبد على ربه يسر له سبل مرضاته، وأعانه على طاعته، وهذا هو مقتضى قوله تعالى «والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم»، وكذلك قوله «فأما من أعطى واتقى، وصدق بالحسنى، فسنيسره لليسرى»، مشيرين إلى أن «أصل الأعمال الصالحة، الإتيان بأركان الإسلام، فتوحيد الله جل وعلا هو أساس قبول الأعمال، والصلاة والصيام والزكاة والحج، أركان الإسلام التي يجب على كل مسلم ومسلمة أن يقوم بها»، موضحين أن «دخول الجنة مترتب على الإتيان بتلك الأركان».واستشهد العلماء بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، «عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: «لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه: تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت»، ثم قال له: «ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل»، ثم تلا: «تتجافى جنوبهم عن المضاجع» حتى بلغ: «يعملون»، ثم قال: «ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟»، قلت: بلى يا رسول الله. قال: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد»، ثم قال: «ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟» قلت: بلى يا رسول الله. فأخذ بلسانه ثم قال: «كف عليك هذا»، قلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: «ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو قال على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم؟»»، رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. من جانبه، قال الداعية الشيخ محمد حسان إن «أركان الإسلام الخمسة أصل الأعمال الصالحة في دخول الجنة والنجاة من النار»، مشيراً إلى أن «الحديث أورد أبواب الخير ومنها صيام التطوع كما جاء في هذا الحديث: «والصوم جنة»، والجنة هي ما تحصل به الوقاية، فالصيام جنة للعبد من المعاصي في الدنيا، وهو جنة للعبد من النار يوم القيامة، لأن العبد إذا صام لله تعالى يوماً باعده الله من النار سبعين خريفاً، كما جاء في الحديث، ولهذا يستحب للعبد أن يستزيد من صيام النوافل». وذكر الشيخ حسان بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة»، مضيفاً «يكفي الصيام شرفاً وفضلاً أن الله تعالى نسبه إليه من بين سائر العبادات والطاعات، فقال جل جلاله في الحديث القدسي «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به».من جهته، قال الشيخ صالح المغامسي إن «من أبواب الخير، صدقة التطوع، وفضل هذه الصدقة عظيم، فإنها سبب لتكفير الذنوب وإزالتها، بل إن خير الصدقة يربى للعبد ويراه العبد أمامه».من ناحيته، قال الداعية عمرو خالد إن «من أفضل أبواب الخير قيام الليل، فهو شرف المؤمن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ركعتان يركعهما العبد في جوف الليل خير له من الدنيا وما فيها»».وكأن النبي صلى الله عليه وسلم لمح في عيني معاذ رضي الله عنه الرغبة في معرفة المزيد، فأتـى له بمثال يبين حقيقة الدين ويصوره، وقدم بين يدي هذا المثال تشويقاً، فقال: «ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟». ولقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام بالرأس، لأن الرأس إذا ذهب، ذهبت معه الحياة، فكذلك إذا ذهب إسلام المرء، ذهب دينه. وشبه الرسول في قوله: «وعموده الصلاة» تشبيه للصلاة بالعمود الذي لا تقوم الخيمة إلا به، ووجه ذلك، أن الصلاة هي أعظم أركان الإسلام العملية التي يتصل بها العبد بربه، وهي الحد الفاصل بين الإيمان والكفر، وكذلك فإنها من أوضح الشعائر التي تميز المسلم عن غيره، لهذا حظيت بهذه المنزلة، وتلك المكانة. ولما كان الجهاد سبباً في ظهور الإسلام، وعاملاً من عوامل انتشار الدين، شبه النبي صلى الله عليه وسلم مكانته بذروة سنام الجمل، ولئن كان الجمل متميزاً بذروة سنامه، فإن هذا الدين متميز بالجهاد. ثم أرشد النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً رضي الله عنه إلى ما يحصل به إحكام الدين وإتقانه، ليجعل ذلك خاتمة وصيته له، لقد أرشده إلى مراقبة لسانه والمحافظة على منطقه، وما ذلك إلا لشديد أثره وخطر أمره، فهو الباب إلى كثير من المعاصي، والسبيل إلى كلمة الكفر، والقول على الله بغير علم، وشهادة الزور، والكذب والغيبة والنميمة، فلا ينبغي التهاون في شأن هذه الجارحة أو التقليل من خطورتها. وفي هذا الصدد، استشهد الداعية الشيخ عمر عبدالكافي بمقولة أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: «من كثر كلامه، كثر سقطه، ومن كثر سقطه، كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه، طالت حسرته»، وكما قال أحد الصالحين: «الكلمة نور وبعض الكمات قبور». فحفظ اللسان هو عنوان الفلاح، وطريق السلامة من الإثم، فالنبي صلى الله عليه وسلم بتحذيره من خطر اللسان، يدعونا إلى تسخيره في مجالات الخير والمعروف، وميادين الذكر والإصلاح، حتى يكتب للمرء النجاة، وذلك هو غاية ما يتمناه المرء.
علماء: أركان الإسلام أصل الأعمال الصالحة لدخول الجنة
04 أبريل 2014