كتب - حذيفة إبراهيم:لم يكن يوم الأربعاء في 26 من الشهر الماضي يوماً عادياً بالنسبة لعائلة الطفل «س.م»، عندما اكتشفوا تعرض طفلهم (14 عاماً) للاغتصاب على يد زملائه مراراً وتكراراً في المدرسة، بعد اتصال من أحد المشرفين الاجتماعيين في مدرسة «بلاد القديم الإعدادية للبنين». «الوطن» التقت عائلة الطفل، الذين لم يخفوا غضبهم الشديد من الحادثة، فيما طغت الرغبة في الانتقام على معظم كلمات الفتى التي نطق بها خلال اللقاء.وقال ذوو الطفل لـ»الوطن» إن الأب تلقى اتصالاً من أحد المشرفين الاجتماعيين في المدرسة، ليخبره بأن طفله تعرض للاغتصاب خارج أسوار المدرسة، بعد هروبه لشراء أكل من المحل المجاور لها، إلا أن الطامة الكبرى كانت عند اعتراف الفتى أن زملاءه اعتادوا اغتصابه مراراً وتكراراً داخل المدرسة، وأنه كان يخشى الاعتراف بهذا بسبب تهديدهم المستمر له. يقول الأب إن «الدقائق المعدودة الفاصلة بين تلقي الاتصال من المشرف الاجتماعي والوصول إلى المدرسة مرت كدهر كامل، إذ جالت الأفكار في مخيلتي عما قد تكون عليه حالة ابني حالياً، كما فكرنا جميعاً بتغير تصرفات الطفل مؤخراً وهو ما كنا نرجعه إلى دخوله بمرحلة المراهقة».أخت الطفل «س.م» قالت «وصلنا إلى المدرسة لنرى أخي وما حدث له، اكتشفنا أنه هرب من المدرسة لشراء أكل من الكفتيريا المجاورة للمدرسة، واعترضه 4 طلبة، ليغتصبه أحد أقرانه في منزل مهجور قرب المدرسة يطلق عليه اسم «البيت الأبيض»، وأثناء عودته إلى المدرسة، صادف وجود المشرف الاجتماعي، والذي رآه بحالة مزرية جداً، وبعد الضغط عليه اعترف الطفل بما حدث له».وأشارت إلى أن «الشخص الذي اغتصبه كان في الصف الثاني إعدادي أيضاً، وهو مفصول مؤقتاً من المدرسة، وأن الـ 3 الآخرين كانوا موجودين وهربوا من المدرسة أيضاً، دون وجود أي علم من المدرسة بهروبهم».وأضافت أنها ذهبت بأخيها إلى مركز الشرطة للتبليغ حول الحادثة، «لتكتشف هناك بأنه تم اغتصابه 6 مرات من قبل وداخل أسوار المدرسة، لتبلغ الصدمة أقصاها».الطفل «س.م» روى لـ«الوطن» تفاصيل ما جرى إذ قال: «هم أضخم مني، وأقوى، في إحدى المرات قبل عام ونصف، تحرش بي هذا الطالب، فنهرته، إلا أنه استمر، مستقوياً بشلته في المدرسة، والذين إن رفضت سيضربونني ضرباً مبرحاً». وتابع «جاء إلى الصف، وطلبني من الأستاذ كما جرت العادة، حيث يدعي بأن المشرف يريدني، ثم أمرني بالذهاب إلى الحمام، وهناك تحرش بي، وقام بفعلته، وأجرى ذلك 6 مرات خلال الفصل الدراسي الأول من الصف الأول إعدادي، ثم اكتشف أحد الطلبة الآخرين ذلك، وأراد أن يقوم هو الآخر بالفعل ذاته». وبين أنه «عادة ما يخرج بحجة أن المشرف الاجتماعي يريده، دون أن تكون هناك ورقة رسمية، أو حتى محاسبة على سبب التأخير حتى نهاية الحصة دون أي مبرر، وذلك بعدما يدعي الشخص الذي يعتدي عليه ذلك».وتابع «لم أستطع حينها التحدث، خوفاً من أن يستمر بضربي، فهو من منطقة بلاد القديم وأنا من السنابس، وقد يأتي بشلته ويضربونني في حال اتخذت أي إجراء ضدهم، فاستمر الخوف في قلبي».وقال الطفل «س.م» إن طلاباً آخرين يتعرضون للأمر ذاته في المدرسة، ولكنه لا يعلم كم عددهم ومن هم، ولا يعلم إن كان الاعتداء من الطالب ذاته أم من آخرين.وأشار إلى أن «خلافاً حدث بينه وبين الطالب الذي اغتصبه مع بداية الفصل الدراسي الثاني من الأول إعدادي، واستمر لمدة عام كامل، حيث نجا طوال تلك الفترة من أي اعتداءات، إلا أن الأمر تكرر الآن بالاعتداء عليه بعد محاصرته من الطلبة الـ 4». وأوضح أن «الاعتداء عليه تم أمام الـ 3 الآخرين الذين ساعدوا الطالب الأول في الإمساك به، وذلك بعد أن ضربوه وأمسكوا بيده وسبوه وشتموه، وهددوه بالمزيد من الضرب في حال لم يستجب لطلبهم».شقيقة الضحية قالت إن «الأولاد الذين اعتدوا عليه، تم حجز 2 منهم، بينما لايزال 2 آخران طليقين»، مشيرة إلى أن «أهالي هؤلاء الطلبة حاولوا الإنكار في البداية ومازالوا يضغطون على أهل الضحية لسحب الشكوى». وعن ردة فعل المدرسة، أكدت شقيقة الطفل «س.م» أن «المدرسة ألقت اللوم بشكل كامل على ذوي الضحية، وأن إدارة المدرسة غير مسؤولة عن الحوادث سواءً التي تحدث خارج أو داخل المدرسة».ونقلت عن إدارة المدرسة قولها: «لا يمكننا أن نراقب كل طالب وماذا يفعل، وماذا يحدث له في المدرسة، وأنتم كأولياء أمور يقع العاتق جميعه عليكم لذلك».واستغربت شقيقة الضحية «س.م» من ردة فعل المدرسة، كما أبدت امتعاضها من أن جريمة الاعتداء على شقيقها تمت 6 مرات داخل أسوار المدرسة دون معرفة المشرفين أو العاملين أو المدرسين وغيرهم.وأضافت «كيف يهرب كل ذلك العدد من الطلبة دون معرفة إدارة المدرسة، كما وكيف يسمح المدرس للطالب بالخروج دون أن تكون هناك ورقة رسمية من المشرف، وبمجرد ادعاء من أحد الطلبة، وكيف يتم التأخر لكل ذلك الوقت دون أن يسأل المشرف عن ذلك».وأشارت إلى أن «البيت الذي حدث فيه الاغتصاب هو مهجور، وهناك العديد من الأحداث التي تم تداولها بأنها جرت هناك، ولم يتم اتخاذ إي إجراءات رسمية».وأبدت شقيقة الضحية أيضاً استغرابها من «كون الاعتداء تم أمام مرأى من طلبة آخرين، دون أدنى رحمة أو شفقة، بل وساعدوا الجاني بالإمساك بضحيته»، متسائلة «هل أصبحت جرائم الاعتداء على العرض عادية، ألا يستدعي ذلك المحاسبة والبحث ومعرفة الأسباب والدوافع».وتساءلت أيضاً «أين دور الإشراف التربوي في المدرسة، وأين دور المراقبين والمشرفين وغيرهم، لماذا تتم كل تلك الاعتداءات داخل مدرسة إعدادية». ومن جانب آخر، أشارت شقيقة الضحية إلى أن تصرفات «س.م» تغيرت في المنزل، وأصبح أكثر عدائية ودائم السرحان، فضلاً عن مطالبته المستمرة إما بتغيير المدرسة أو عدم الذهاب لها، إلا أن الأهل فسروها دائماً على أنها بداية مراهقة وأمر طبيعي. وأوضحت أنه تم تغيير مدرسة شقيقها إلى أخرى، لكنه لايزال خائفاً بعض الشيء ويحتاج إلى جلسات علاجية من قبل المختصين. وتابعت أنه «سيتم تحويله إلى مركز حماية الطفل لاحقاً، بعد انتهاء إجراءات التحقيق، إلا أن المشكلة تكمن في زيادة الرهبة والخوف لدى شقيقها». وأعلنت شقيقته عن عزمها خلال الأيام القادمة تشكيل مجموعة للدفاع عن الطلبة الذين يتعرضون للاعتداءات، خصوصاً وأنها تكررت خلال الأعوام الماضية، وبدأت تلك الظاهرة بالانتشار، دون وجود أي رادع من الجهات المعنية، أو حتى مراقبة منهم. وأشارت إلى أن «دور الإشراف التربوي في المدارس مغيب خصوصاً وأنهم مختصون بالكشف عن تلك الاعتداءات ومعرفتها، فيما يقتصر دورهم على مهام إدارية».وشددت على أن «العديد من الحالات موجودة في المدارس، ويجب تسليط الضوء عليها، كون الطفل المعتدى عليه سيبقى الأثر راسخاً في ذاكرته، ويؤثر عليه خلال حياته كاملة».