ما أسرع اللحظات التي يعيشها المرء، حيث السعادة والهناء والرخاء، وما أقسى لحظات الألم وما أطولها من لحظات، وأي ألمٍ أشد وأقسى من أن تفقد توأم روحك، ورفيق دربك، صحيح هو أخ لي ولكنه ليس كأي أخ، صحيح هو صديق لي لكن ليس كأي صديق، صحيح إنه سندي وعزوتي في هذه الحياة، لكنه ليس كأي سند، في فقدانه فقدتُ الأخ والصديق والعزوة والسند، فقدتْ الحياة بهجتها ورونقها، فَقَدَ الجمال صفة الجمال فيه، ما أقساهما من عامين.لقد كان أبو مروان رحمة الله عليه مثالاً للإنسان المخلص في عمله، الذي يقدم كل ما لديه ولا ينتظر مقابلاً لعمله، يقدم الغالي والنفيس من أجل رفعة وطنه البحرين في كل المحافل العربية والعالمية، فحكم وكان نعم الحكم العادل الأمين، وعمل وكان نعم الموظف المجتهد المثابر.وقد ابتلي المرحوم في صحته، وعمل كل ما بوسعه ليسترد عافيته، ولكن من دون جدوى، ومع ذلك ظل حبه للحياة وحرصه على إكمال مسيرته العملية دافعاً له نحو التحدي والصمود في وجه ذلك المرض الغاشم الآثم، لم يدخل اليأس إلى قلبه، وطوال فترة مرافقتي له أثناء رحلة العلاج ظل مثالاً للرجل الصابر المؤمن بلقاء ربه ومسلم بقضاء الله وقدره، ومع ذلك لم تستكن همته ولم يفتر عزمه.وكثيراً ما كنت أسمع عبارة (إذا الله أحب عبداً حبب عباده فيه)، ولم أكن أعي معنى هذه الكلمة ولا أفهم ما تعنيه، لكنني منذ اليوم الأول لمرضك أخي العزيز أدركت معنى هذه الكلمات واستوعبت مضامينها، وأيقنت أنك من الناس الذين يحبهم الله تعالى، فلم أجد مجلسك يوماً يخلو من المحبين يوم حياتك، ولا من المواسين والمعزين يوم مماتك، فحبك وعطفك وحنانك ملأ قلوب البشر من البحرين وخارجها، وكانت الوفود من كل حدب وصوب تيمم تجاه بيتك لتقدم المواساة وتعبر عن شديد الألم لفقدك.فقرّعيناً أبا مروان فما كان من الناس ذلك الحب ولا هذا العرفان إلا رداً لفضائل أخلاقك وطيب سجاياك، فلقد كنت مثالاً للنخوة والعزة والصداقة، فقابلك الناس بالحب والإخلاص والتقدير.وأسأل الله العزيز الرحيم أن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة، وأن يسكنك واسع رحمته وفسيح جنانه، ويلهمني وزوجك وأولادك وجميع محبيك الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.أخوك: إبراهيم جاسم محمد
في الذكرى الثانية لوفاة الحكم الدولي أحمد جاسم
17 أبريل 2014