أطلقت وزارة الثقافة السبت ولغاية 30 أبريل 2015، معرضاً فنياً تفاعلياً بعنوان «قلعة البحرين عبر العصور»، أعدته الفنانة الفرنسية ماري فرانسواز روي، ومصمم الصوت الفرنسي لوك مارتينيز، بالتعاون مع الفنانة اليابانية شيهارو شيوتا.يهدف المشهد الذي يشكله هذا العمل الفني إلى تعزيز تجربة زوار موقع قلعة البحرين، ونشر الوعي حول أهمية وقيمة الموقع التاريخية، ويتكون من 6 مجسمات زجاجية منقوشة و3 تركيبات فنية.وتوفر المجسمات الموضوعة في الفناء السفلي من القلعة، معلومات عامة للزائرين عن تاريخ الموقع ومراحل تطوره عبر العصور. ووضعت التركيبات الفنية «بئر إنكي، المدبسة، وخيوط الذاكرة»، داخل غرف مختلفة من القلعة، وهي تمثل تأويلاً فنياً للموقع باستخدام تقنيات متطورة حديثة. وقالت وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، خلال التدشين أمس: «نحن اليوم أمام تركيبتين جميلتين رغم بعدهما الزمني: موقع قلعة البحرين والقلعة بتفاصيلهما الحضارية والتاريخية والإنسانية، والأعمال الفنية التي تعيش سياقها الزمني الحديث ولكن باتصال بالمكان»، مشيرة إلى أن «هذا الموقع الإنساني العالمي يمثل اليوم تجربته المغايرة في لقاء التاريخ بالفن، العمران كفن مكاني في انسجام مع الفنون التركيبية الحديثة».وأضافت أن «هذه التجربة تمثل دور الفنون في إيجاد صوتٍ للتاريخ، ما يخبئه عمران المكان من أسرار ومعلومات وتفاصيل سيفصح عنها الفن من موقع قلعة البحرين».و»قلعة البحرين عبر العصور»، يمثل أعمالاً تركيبية فنية وتفاعلية، تتكون من ستة مجسمات زجاجية منقوشة وثلاث تركيبات فنية، أبدعتها الفنانة الفرنسية ماري فرانسيس روي ومهندس الصوت الفرنسي لوي مارتينيز، بالتعاون مع الفنانة اليابانية شيهارو شيوتا. المجسمات الستة تم وضعها في الفناء السفلي من القلعة، وتتضمن جميعها معلوماتٍ عامةً للزائرين عن تاريخ الموقع وحكاية تطوره والمراحل المختلفة التي شهدها على مر العصور، فيما وضعت التركيبات الفنية الأخرى فقد وُضِعَت داخل غرفٍ مختلفة من القلعة، وهي تمثل تأويلاً فنياً للموقع باستخدام تقنياتٍ متطورةٍ وحديثة. ويستمر «قلعة البحرين عبر العصور» حتى أواخر شهر أبريل من عام 2015، قامت بتنفيذه شركة أوجيه الدولية التي لها باعٌ طويلٌ في المشاريع المعمارية، من بينها فرع جامعة السوربون ومتحف اللوفر في أبو ظبي، منتجعات الفور سيزنز في مراكش، وأعمال التجديد والترميم لفندقي الريتز وجورج الخامس في باريس. وتتعامل الشركة مع مكاتب للهندسةٍ المعماريةٍ مرموقةٍ عالمياً مثل فوستر وشركاه، سنوهيتا، بورتزمارك، جان نوفيل، وفرانك غيري.بئر إنكيبحسب الأساطير السومرية، كان يعتقد أن اليابسة والبحر يطفوان على محيطٍ من المياه العذبة يدعى «أبسو»، وكان يعتقد أن هذا العالم الخفي تحت الأرض أساس الكون، وموطن الآلهة، ومصدر بحار وأنهر العالم، وأنه تحت حراسة «إنكي»، آلهة المياه العذبة والحكمة. وتعتبر أسطورة «إنكي ونينهورساج» من أهم أساطير حضارة الرافدين، وهي تحكي قصة خلق العالم، وتقول إن «إنكي» وهب المياه لأرض دلمون. ويشير اسم البحرين إلى مياه الخليج العربي المالحة، وبحر المياه العذبة التي تنساب إلى السطح عبر الآبار الارتوازية، وساهمت في رخاء دلمون وازدهار حياتها النباتية.دع الشمس تأتي بالمياه العذبة من الأرض دع دلمون تشرب المياه الوفيرة دع ينابيعها تصبح ينابيع المياه العذبة (اقتباس من نص سومري)هذا البئر يعيد إلى الأذهان الرابط الأسطوري الغامض بين «بحري» دلمون، وهو إشارة إلى الآلهة «إنكي» وتأويل فني للأسطورة.المدبسةكانت المدبسة عنصراً أساسياً في الحرف التقليدية والمنزلية بمنطقة الخليج العربي، وظلت تستخدم لصنع دبس التمر في البحرين حتى عهد قريب.خصصت غرف مربعة أو مستطيلة الشكل لهذه الصناعة، وكانت تحفر أرضياتها بقنوات متوازية مطلية بعناية حتى تكون ملساء، وكانت توضع التمور في أكياس أو تكوم مباشرة على الأرض، ومن ثم تبدأ تلك التمور بإفراز عصارتها نتيجة لحرارة الغرفة والثقل الناتج عن الثمار الناضجة، وكانت القنوات تسوق العصارة إلى وعاءٍ لتجميعها ومن ثم كان يتم نقلها إلى جرار. تعود أقدم المدابس المكتشفة في موقع قلعة البحرين إلى منتصف القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وفي منتصف القرن الثالث عشر بعد الميلاد، استخدمت 8 مدابس في القلعة الساحلية على الموقع، وكانت تلك المدابس تنتج حوالي 15 طناً من دبس التمر سنوياً. وكان هذا الدبس ذو قيمة مادية عالية ومرغوباً إلى درجة كبيرة، حتى أنه كان يصدر إلى الصين، وأدى ذلك إلى ازدهار وثراء الجزيرة إلى حد كبير.هذا العمل هو إشارة إلى أهمية المدبسة في البحرين قديماً والرخاء الذي عم الجزيرة بسببها.خيوط الذاكرة منذ العصر البرونزي، كان موقع قلعة البحرين من أهم المحطات التجارية الواقعة بين حضارتي الرافدين ووادي السند، بفضل موقعه الجغرافي الاستراتيجي ومقوماته الطبيعية الاستثنائية. توجد أدلة على وجود تجارة النحاس مع «أرض ماجان» (عُمان) تعود إلى العام 2200 قبل الميلاد، تزامناً مع استيطان موقع قلعة البحرين للمرة الأولى، حيث عثر خلال التنقيبات الأثرية على ورشة كبيرة للنحاس بمساحة 500 متر مربع. وشكل النحاس، مع الأخشاب والأحجار الكريمة، أهم صادرات دلمون إلى حضارة الرافدين، حتى أن بعض النصوص القديمة كانت تطلق عليه اسم «نحاس دلمون». تهدف الفنانة اليابانية شيهارو شيوتا من خلال هذا العمل إلى الإشارة إلى تاريخ تجارة النحاس، التي ساهمت في ازدهار دلمون وعاصمتها موقع قلعة البحرين لقرون طويلة.عن الفنانين المشاركين في العملشيهارو شيوتا فنانة يابانية متخصصة في فنون الأداء والتركيب، وهي تعيش وتعمل في برلين بألمانيا منذ عام 1996، وحازت خلال مشوارها الفني على العديد من الجوائز المرموقة ونظمت العديد من المعارض الدولية.اشتهرت شيهارو شيوتا بالبيئات المميزة التي تصنعها، وتملأ فيها مساحات الغرفة بطريقة توحي بالضخامة من جهة، والرقة والشاعرية من جهة أخرى.وهي تعتمد في أعمالها على عدد من المفاهيم المعينة، مثل الذكرى والنسيان، والحلم والنوم، وآثار الماضي والطفولة، والتعامل مع الهموم، وتبدع في ذلك طرقاً متنوعة للتعبير عنها، ومن أشهر تلك الطرق التركيبات المؤلفة من خيوطٍ سوداء تلتف حول مجموعة متنوعة من الأشياء بشكل يكاد يغلفها ويغطيها تماماً، وتشمل تلك الأشياء أغراضاً تستخدم في الحياة اليومية وفي المنزل، مثل بيانو محترق، فستان زفاف، معطف مطر نسائي، بل وحتى الفنانة نفسها وهي نائمة.تنتمي شيوتا إلى جيل من الفنانين الشباب ممن حققوا صيتاً عالمياً لافتاً خلال السنوات الأخيرة جراء أعمالهم الفنية المتعلقة بالجسم البشري، ويعود سر لغتها الصورية التي تتميز بها، إلى تعليمها في معاهد الفن الألمانية مع مارينا أبراموفيتش، وهي تتمحور حول أعمال فن التركيب الأدائي خلال حقبة سبعينات القرن العشرين، وكان من بين رواده أبراموفيتش، آنا مانديتا، جانين أنتوني، لويز بورجوا، كارولي شنيمان، وريبيكا هورن، والتي استلهمت منهم شيوتا لغتها الصورية الفريدة. ماري فرانسواز روي فنانة وعازفة ومصممة من فرنسا، وهي أيضاً مستشارة لهواة اقتناء الأعمال الفنية الحديثة والمعاصرة، وصاحبة خبرة في مجال التسويق والاتصال تمتد لأكثر من 20 عاماً مع مؤسسات عالمية مثل لوريال، قناة TF1 الفرنسية، مجموعة فينينفيست الإيطالية، وولفورد النمساوية.وتنحدر روي من عائلة موسيقية أصيلة تضم الموسيقار أرثر هونيجير، ودرست العزف على البيانو والغناء في المعهد الموسيقي العالي في فرنسا. كفنانة بدأت ماري فرانسواز بالعمل أولاً بمادة الخرسانة التي كانت تقوم بطباعة صورها الفوتوغرافية عليها، ثم توسعت إلى مواد أخرى مثل الزجاج والقماش والمرمر والصخر وغيرها، وهي تقوم من خلالها باستكشاف موضوعها المفضل الكتابة، أداة الاتصال العالمية للبشر. وعرضت أعمالها في فرنسا وبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا، وهي أيضاً معروضة في أماكن عامة في إسبانيا وإيطاليا والبحرين، ومجموعات خاصة في أوروبا والولايات المتحدة والمغرب. وعملت ماري فرانسواز أيضاً مع فنانين آخرين في تركيبات فنية كبيرة الحجم ومتعددة الوسائط استخدمت فيها تقنياتٍ حديثة، وعرضت هذه الأعمال في أماكن عامة ومتاحف ومساكن خاصة. وصممت مع الفنان لوك مارتينيز تركيباتٍ فنية متعددة الوسائط مثل «بيان السريالية»، و»جدارية» التي تخلد ذكرى الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش.لوك مارتينيز ملحن وعازف موسيقي يجيد العزف على عدة آلات، إضافة إلى كونه مصمم صوت وفناناً متخصصاً في الوسائط (الميديا) الجديدة.صمم ونفذ أنظمة الصوت لأكثر من 20 متحفاً ومعرضاً كبيراً داخل فرنسا وخارجها، مثل متحف الحرب العالمية الأولى (ميو 2011)، متحف شارل ديغول التذكاري (2008)، المدينة الوطنية لتاريخ الهجرة (باريس 2007)، والمتحف الوطني (باريس 2009).وكفنان رقمي، صنع مارتينيز تركيباتٍ فنية غامرة استخدم فيها وسائط جديدة، من بينها «قاعة ماك لوهان» (مونتريال وتورونتو ـ كندا 2011)، و»سرعة الهروب» مع ستارك وريتشارد برانسون (صالة عرض لويس فيتون، باريس 2007)، وصمم نظام الصوت التفاعلي للعمل الفني «جدارية» بالشراكة مع ماري فرانسواز روي في المنامة (2011). مارتينيز أيضاً من رواد بث الحفلات الموسيقية عبر شبكات عالية النطاق لمشاهدتها بالوقت الحقيقي في أماكن متباعدة بشكل متزامن (25 مدينة منذ العام 1992). حاز مارتينيز على جائزة «الفنون الإلكترونية» سنة 1996 لقاء ابتكاراته في مجال الأنظمة الرقمية التفاعلية، ويعتبر اليوم أحد أبرز المتخصصين في التقنيات التفاعلية الجديدة في الصوت والموسيقى. الشركة المنفذةأوجيه الدولية شركة هندسة مدنية لها باع طويل في المشاريع المعمارية، من بينها فرع جامعة السوربون ومتحف اللوفر في أبوظبي، منتجعات الفور سيزنز في مراكش، وأعمال التجديد والترميم لفندقي الريتز وجورج الخامس في باريس. وتتعامل الشركة مع مكاتب للهندسة المعمارية مرموقة عالمياً مثل فوستر وشركاه، سنوهيتا، بورتزمارك، جان نوفيل، وفرانك غيري.