يزداد الاهتمام الروسي بمنطقة الشرق الأوسط والخليج العربي خصوصاً مع تزايد الحديث حول طموح موسكو في استعادة دورها كقوى عظمة في العالم، ووجود استياء كبير في دول الشرق الأوسط والعالم العربي على وجه التحديد من سياسات واشنطن في المنطقة وفي إشعالها لفتيل الأزمات ومواقفها المشبوهة خصوصاً في دول ما يسمى بالربيع العربي.وفي هذا الشأن، رجح المحلل السياسي المصري المتخصص في الشؤون الروسية والباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أحمد دياب أن يشكل موقف ودور روسيا في الأزمة السورية «بوابة الدخول الثانية» وتعاظم نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، بل والعالم، على نحو ما شكل موقف ودور الاتحاد السوفيتي السابق من أزمة السويس عام 1957 «بوابة الدخول الأولى» إلى المنطقة ولتنامي دوره في دول العالم الثالث والعالم قاطبة. وأضاف «فإذا كان الدخول الأول قد دشن بداية تصفية الاستعمار البريطاني والفرنسي في آسيا وأفريقيا وتدشين البداية الحقيقية للحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة، فإن الدخول الثاني لروسيا إلى المنطقة يعني نهاية عهد الغطرسة الأمريكية وبداية تشكيل عالم متعدد الأقطاب ينهي الأحادية القطبية الأمريكية، فالعالم يشهد اليوم هبوطاً متدرجاً لدور الإمبراطورية الأمريكية، مقابل تصاعد ملحوظ لدور روسيا والصين. إن روسيا، بغضّ النظر عن نظام الحكم فيها، لا يمكنها أن تكون منعزلةً أو محصورة فقط في حدودها. هكذا كانت روسيا القيصرية وروسيا الشيوعية، وهكذا هي الآن روسيا (البوتينية)». الاهتمام الروســي في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، يرجعه البعض إلى المصالح التجارية ويشير إلى أنها السبب الرئيسي وراء تجدد الاهتمام الروسي وأن هناك عاملين استراتيجيين يفسران اهتمام روسيا المتزايد بهذه المنطقة الحيوية. أولاً، إن إعادة بروز دور روسيا كقوة عظمى، وإن كان على نحو متدرج وبثقة كبيرة، تفرض على موسكو ضرورة إظهار ثقلها على المسرح الدولي، وبخاصة في أعقاب سقوط نظام صدام حسين في العراق. وثانياً، هناك التخوف من أن سيناريو الوضع الأمني في الشرق الأوسط وتداعياته قد يضر بمنطقة القوقاز وآسيا الوسطى، وربما بروسيا نفسها.وفيما يقول البعض إن السبب الرئيس هو المصالح التجارية، يقول البعض الآخر إن السبب الرئيس هو سياسي بحت وإن كان لا يخلو من المصالح التجارية نظراً لارتباط السياسة والاقتصاد وعدم انفصالهما، ويشير مؤيدو هذا الاتجاه إلى أن موسكو تعمل جاهدة على أن يكون لها دور في العالم من جديد، ونظراً للطبيعة المشتعلة للشرق الأوسط وما تشهده من صراعات يجعلها ساحة خصبة خصوصاً مع وجود حالة من السخط الرسمي والشعبي من شعوب دول المنطقة اتجاه سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة وما أحدثته من انقسامات وتوترات وإحياء للنزاعات الإثنية والطائفية ودعمها للحركات المتطرفة في الوصول إلى سدة الحكم.