تمتاز المواقف الروسية اتجاه مملكة البحرين بالوضوح والثبات وعدم تبدلها وفقاً للظروف والمعطيات السياسية، حيث إن وقوف موسكو في صف المنامة كان هو السمة الأبرز منذ بداية العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وهو ما أظهرته جميع المحطات التاريخية أيضاً ومنها الأحداث المؤسفة التي مرت بها المملكة. دعم موسكو للمشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى عبر عنه أكثر من بيان موقف مسؤول روسي وترجم إلى أرض الواقع بالمواقف وليس فقط بمجرد الأقوال. وفيما يتعلق بدعم المشروع الإصلاحي، قال نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الخاص لرئيس روسيا الاتحادية لشؤون الشرق الأوسط ميخائيل بغدانوف «إن العلاقة بين مملكة البحرين وروسيا الاتحادية قوية على مستوى القيادات والسلطة التنفيذية.. إن روسيا تدعم المشروع الإصلاحي لجلالة الملك». الموقف الروسي الداعم لمملكة البحرين ولمسيرة الديمقراطية التي تعيشها المنامة لم يشهد أي تغيير في الأزمة التي مرت بها المملكة في العام 2011، بل على العكس سجل فيها الروس مواقف إيجابية داعمة لمملكة البحرين في الوقت الذي كانت فيه مواقف بعض الدول الأخرى وخصوصاً الكبرى تشهد نوعاً من التذبذب والمراوغة. الموقف الروسي الداعم لمملكة البحرين أكد على العديد من الثوابت، ومنها ما يلي: أولاً- إعلان الرفض الصريح والواضح لأعمال العنف والإرهاب:عبرت موسكو عن رفضها الواضح والصريح لأعمال العنف والتخريب التي شهدتها المملكة ابتداءً من الأزمة التي مرت بها في العام 2011، حيث أعلنت أن أي حوار يتم بين أطياف المجتمع يجب أن يكون في أجواء هادئة بعيداَ عن العنف. الرفض الروسي لأعمال العنف، تطور مع الأحداث، ليعلن بشكل واضح رفض موسكو للأعمال التخريبية والإرهابية. ففي هذا الصدد، قال السفير الروسي في البحرين فيكتور سميرنوف أن موسكو «لا تقبل بتاتاً بالإرهاب والتطرف، وأن الحوار والتواصل هما الحل السليم لتجاوز الأزمات»، مؤكداً أن الاتحاد الروسي يرفض بشدة كل أنواع العنف والترهيب التي عاشتها البحرين من جانب أيادي التخريب، معتبراً أن مثل أعمال التطرف هذه لن تسفر عن حلول، وأن جرائم الإرهاب ليست بطريقة لتسوية المشكلات والأزمات، وأنها لن تؤدي إلا إلى حلقة مفرغة من الفشل والإخفاق الذي لا يمكن الخروج منه، داعياً مجدداً إلى نبذ العنف وانتهاج الحوار بديلاً لذلك.كما أكدت وزارة الخارجية الروسية في أكثر من بيان أصدرته بناءً على عمل إرهابي حدث بالمنامة الموقف ذاته، ومنها ما عبرت عنه في التفجير الإرهابي الذي حصل قبل أشهر بقرية الديه الذي أودى بحياة 3 من رجال الأمن أحدهم إماراتي كان يؤدي واجبه في إطار قوات أمن مجلس التعاون، فقد عبرت الخارجية الروسية عن تعازيها لأسر الضحايا وجددت إدانتها بأشد العبارات لكل مظاهر الإرهاب وأكدت أن الإرهاب «لا مبرر له».وفي حادثة أخرى شددت وزارة الخارجية الروسية أيضاً على أنه «لا يمكن استخدام العنف على أنه وسيلة لتحقيق الأهداف السياسية».ثانياً- الرفض القاطع لأي محاولة للتدخل في الشؤون الداخلية للبحرين: البيانات الروسية والتصريحات التي صدرت منذ العام 2011، شددت في أكثر من مره على الرفض القاطع لأي محاولة للتدخل في الشؤون الداخلية للمملكة البحرين.وفي هذا الشأن، قال السفير الروسي في مقابلة صحافية أن بلاده تدرك ماهية التحديات والمخاطر والتهديدات التي تتعرض لها البحرين، مشيراً إلى أن روسيا ارتأت منذ بداية الأحداث المؤسفة التي شهدتها المملكة إن حل أي مشكلات يجب أن ينبع من داخل البلاد ووفقاً لظروفها، ودون تدخل من أي جهة، بحيث يظل الحوار الفعال والبناء هو الحل الوحيد لتجاوز الأزمات وبما يعم بالخير على المصلحة العامة، وشدد على ضرورة عدم تدخل أي دولة أو قوة خارجية، أياً كانت، في الشؤون الداخلية للبحرين، وأن البحرينيين وحدهم هم المعنيون بحماية وطنهم من التخريب والدفاع عنه بالطريقة السليمة.ثالثاً- دعم المشروع الإصلاحي والإجراءات التي تتخذها المنامة:دعم موسكو للمشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى منذ بدايته، وتواصل هذا الدعم الروسي لما اتخذته مملكة البحرين من إجراءات في مجالات حماية حقوق الإنسان والإصلاح الأمني والقضائي. فقد أصدرت وزارة الخارجية الروسية أكثر من بيان في مناسبات متعددة عبرت فيها عن مساندتها لسلسلة الإصلاحات التي تشهدها المملكة، وتأييدها للتحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي بدأت في مملكة البحرين بمبادرة من القيادة الحكيمة.كما أكدت موسكو أيضاً على جهود القيادة الحكيمة لتعزيز الأمن والاستقرار في مملكة البحرين، مؤكدة أن تقرير اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق أكد اتخاذ الحكومة الموقرة خطوات مهمة في حماية حقوق الإنسان والإصلاح الأمني والقضائي.وأخيراً أشادت بما توصل له المشاركون في حوار التوافق الوطني، مبينة أنهم تمكنوا من صياغة اقتراحات عبر الاتفاق تهدف إلى تحديث مملكة البحرين وجعل مؤسسات الدولة أكثر ديمقراطية وحل مسائل وشؤون اجتماعية واقتصادية.