نواكشوط - تثير الارتفاعات المتكررة لأسعار المواد الاستهلاكية قلق الموريتانيين في ظل عدم تناسب الرواتب مع الارتفاع المستمر للأسعار وتفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، ويعيش نحو 42% من مجموع السكان البالغ عددهم 3.5 مليون نسمة تحت خط الفقر، ومؤخراً دقت منظمات دولية ناقوس الخطر محذرة من خطر المجاعة الذي يهدد نحو 600 ألف موريتاني بسبب سوء المحاصيل وارتفاع أسعار المواد الغذائية.ورغم أن الحكومة الموريتانية تذرعت بارتفاع الأسعار دولياً لتبرير ارتفاع الأسعار في السوق المحلية، إلا أن المراقبين يؤكدون أن الأزمة مرتبطة بالظروف الداخلية أكثر من تأثرها بالعوامل الخارجية، واعتبروا أن توالي الأزمات الاقتصادية وبطء النمو والجفاف وانتشار الفساد أسباب ساهمت في ارتفاع الأسعار.وكانت موريتانيا قد عرفت احتجاجات ومظاهرات بسبب ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وأسعار المحروقات والماء والكهرباء، لكن الحكومة وعدت بتحقيق إصلاحات كتخفيض الضرائب المفروضة على الرواتب، وإلغائها عن الرواتب المتدنية وتوزيع مساعدات غذائية على المناطق الأكثر تضرراً من ارتفاع الأسعار. وتأمل المنظمات العمالية أن تنجح المظاهرة التي ستنظمها اليوم الخميس بمناسبة عيد العمال في الضغط على الحكومة لمراجعة أسعار المواد الاستهلاكية خاصة أن البلاد مقبلة على تنظيم انتخابات رئاسية في يونيو المقبل، وتطالب نقابات العمال بفتح نقاش وطني حول ظاهرة ارتفاع الأسعار وجمود الأجور، وتضع مطلب تخفيض الأسعار في مقدمة شروطها للحوار مع الحكومة.ورغم أن تعداد السكان في موريتانيا لا يتجاوز 3 ملايين ونصف مليون نسمة إلا أن البلاد تعاني من فقر مدقع، ففي مارس الماضي أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن أكثر من 635 ألف شخص في موريتانيا يحتاجون للغذاء، بسبب سوء المحاصيل والارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية.وتشير دراسات ميدانية أن ضعف جهاز الرقابة ومضاربات التجار واحتكار السلع أسباب رئيسة وراء ارتفاع الأسعار، وتطالب مديرية حماية المستهلك التجار باحترام الأسعار والتشاور مع وزارة التجارة بشأن الزيادات الطارئة على قائمة الأسعار المعتمدة. على الرغم من أن بعض التقارير الدولية والإقليمية تتحدث عن طفرة اقتصادية تعيشها البلاد بسبب الزيادات المعتبرة في النمو، لكن الخبراء يرون أن هذه الأرقام المطلقة تحمل الكثير من علامات الاستفهام، لأنها تتعارض مع الواقع المعيشي. ويقول أستاذ الاقتصاد أحمدو ولد مربيه إن الأرقام تشير إلى تحسن مضطرد بينما الواقع يكشف مشكلات اقتصادية واجتماعية كثيرة بسبب الفساد المتجذر في الإدارة والتفاوت الاجتماعي وانتشار الفقر والبطالة، وتشير إلى أن الاقتصاد الموريتاني لا يزال يعاني من التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية إضافة إلى لجوء الحكومة بعد موجة ثورات الربيع العربي إلى تشغيل الشباب بمعدلات مرتفعة بهدف تلميع صورة النظام وكسب معركة الانتخابات، ويضيف: «الأرقام قد تبدو خادعة والمؤشرات الاقتصادية التي تشير إلى انخفاض البطالة وتزايد قيمة الناتج المحلي ورفع معدلات النمو لا تعني بضرورة أن البلاد في رخاء اقتصادي». وأكد تقرير اقتصادي حديث أعدته صحيفة «فاينانشل تايمز» الأمريكية زيادة التطور الاقتصادي في موريتانيا بنسبة 7.4% خلال العام 2013 في حين كان من المتوقع أن يصل الى 6.7% وكذلك زيادة الناتج القومي المحلي بالنسبة للفرد الى 1100 دولار أمريكي للشخص. ربطت الصحيفة بين الزيادة المعتبرة في الناتج المحلي الداخلي وارتفاع أسعار خام الحديد عالمياً في السنوات الأربع الأخيرة.