كتب - جعفر الديري: إن أصداء هذا الشاعر الممتاز لاتزال حاضرة في أذهان الناس، فهو جزء من القضية الفلسطينية عاش مرارتها وانكسارها، كما تنسم انتصاراتها. ومازال الناس حتى يومهم هذا، يتذكرون المدرس الذي كان يجهد في تعليم أبناء وطنه، والإذاعي الذي كان يبث مقالاته مندداً بالانتداب البريطاني، مثيراً حفيظة من احتل وطنه! ذهب إبراهيم طوقان إلى ربه، 2 مايو 1941 في عز شبابه وإبداعه، متألقاً شامخاً كما عرفه الناس، ولذا لم تتغير صورته في أذهانهم، بل حافظت على شكلها وألوانها وكأنها التقطت الساعة! ويقول الناقد جعفر حسن لـ«الوطن»: عند نبش الذاكرة عن الشاعر إبراهيم طوقان، يطل من النافذة مباشرة ذلك النشيد الذي تبنته حركة القوميين العرب من شعره، والمعنون بـ(موطني)، ذلك النشيد الذي تراصف مع أناشيد قومية ذاع صيتها بسببين أحدهما ربطها بحركة القوميين العرب التي ظهرت بعد نكبة 1948م وقيام دولة الكيان الصهيوني، وثانيهما هو تبني حركة المقاومة الفلسطينية تلك الأناشيد باعتبار أول ظهورها ضمن فرعين أحدهما قومي (فتح) والآخر يساري (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين)، ولعل إبراهيم طوقان يكفيه من الذكر ذلك النشيد المجلجل عن الوطن، وكونه شاعراً ذا نزعة عروبية واضحة. نفس عروبي ويضيف حسن أن من يتصفح ديوان الشاعر إبراهيم طوقان سيجد فيه ذلك النفس العروبي المقاوم للاستعمار، كما ستدرك تلك الملامح التي تحث على العمل والإنجاز، وكأنه أدرك في انهيار الدولة العربية وتفتتها بعد الحرب العالمية الثانية انهيار قيم العمل نتيجة اعتماد الدولة العميقة على قيم البداوة القبيلة التي تتناسب مع التفتيت الإقليمي في العالم العربي، وهناك كم لا بأس به من الدعوة للإصلاح، تلك الدعوة التي تماشت جنباً إلى جنب مع الدعوة لمقاومة الاستعمار، خصوصاً إذا عرفنا أنه من فلسطين المحتلة ومن مواليد نابلس، والتي كانت في تلك الفترة التاريخية تحت الانتداب البريطاني، بينما تنقل في البلاد العربية وعمل في بيروت وعاد لفلسطين ليعمل في الإذاعة.ويتابع حسن: أيضاً سنجد نزعة رومانسية واضحة في أشعاره، وخطابية عالية أيضاً والتي كانت تتناسب مع الحث على العمل والمنبرية، وهو شاعر من شعراء العمود، اعتمد على المفردة المتداولة الفصيحة القريبة من الجمهور، كما إن له شعراً غزلياً واسعاً بالنسبة لديوانه وتظهر فيه علامات بعض الأغراض الشعرية القديمة، وتظهر ملامح النزعة الأحيائية في معظم شعره. كلمات خالدةبدوره يقول الشاعر فواز الشروقي: نشأنا على حب فلسطين، وبرعمت فيها قصائد إبراهيم طوقان. كان وجداننا منذ الطفولة مهيأً لكلمات إبراهيم طوقان المضمخة بتراب نابلس الطاهر وبنسائم القدس النقية وبالموج الذي يداعب سواحل عكا. ولا عجب أن كانت قصائدنا الأولى في حب فلسطين قد تأثرت بقصائد إبراهيم طوقان وبتعابيره وأوصافه وتراكيبه. ولن تموت قضية فلسطين فينا كما لن تموت قصائد إبراهيم طوقان.ويضيف: نستذكر هذا الشاعر الكبير في ذكراه، ونتمنى أن يعود الجيل الجديد من القراء والكتاب والشعراء إلى قراءة دواوينه التي تقطر وفاء وحباً واعتزازاً بفلسطين وبالقضية.