حذر صاحب السمو الملكي الأميـر الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي، من أن خطاب الكراهية أصبح صناعة تدر أموالاً على فئة قليلة من الناس غايتها جلب الدمار للبشرية، عاداً الحوار فهرساً عالمياً للقيم الإنسانية يعظم الجوامع ويحترم الفروق. وأشاد سموه في افتتاح مؤتمر الحضارات في خدمة الإنسانية بالبحرين أمس، بالرعاية السامية لجلالة الملك المفدى لفعاليات المؤتمر المستمر لغاية 7 مايو على أرض المملكة، بعد أن استضافت سابقاً منتدى الفكر العربي عن الوسطية والاعتدال.وقال سموه «إننا نمر اليوم بأوقات عصيبة تغلب فيها العنف على الحوار»، لافتاً إلى أن خطاب الكراهية يغذي الفتنة ويدفع للنزاع والصراع والحروب ويقود للفرقة والتجزئة.وأوضح سموه أنه «خلافاً لمقولة صراع الحضارات والمواجهة وحتميتها المزيفة، ويسوغ من خلالها بعض المنظرين الدمار والخراب ويبشرون باستمراره، نستطيع أن نرى بوضوح أن الغاية التي أرادها الله من خلق الناس مختلفين ومتنوعين، هي التعارف والتلاقي والتكامل».وأرجع أهم أسباب رفض ضم القدس، هو قتل روح التعددية التي انطوى عليه تاريخ المدينة المقدسة، بعد أن جمعت بين أحضانها اليبوسيين والكنعــانييــــن وأتبــــاع الأديـــــــان الإبراهيمية.وقال سموه إن الرد المنهجي على الإقصائية الصهيونية أو أية إقصائية أخرى تمجد الفرقة وتسوغ العدوان بمبررات دينية، يتمثل بالاعتدال وزيادة الحرص على التعددية العربية والإسلامية، لتقوية المجتمع وتوحيده على أهداف مشتركة، واحترام الخصوصيات المذهبية والدينية والعرقية. ودعا سموه إلى التركيز على رسالة الاعتدال والتعددية الإنسانية التي ينادي بها الإسلام، مضيفاً «لا يمكننا الاستمـرار في الادعاء أننا معتدلون ووسطيون، إن لم نكن فاعلين في نشر الإسلام المعتدل واحترام التنوع».ولفت سموه إلى أن تطوير الحوار على المدى البعيد، يسهم في إيجاد ثقافة سياسية مجتمعية تكون غنية بالتعددية، ويتم فيها إيجاد نظام إنساني أخلاقي وفهرس عالمي مشترك للقيم الإنسانية وتعظيم الجوامع واحترام الفروق.ورأى سموه أن حوار الثقافات لا يمر مــن خلال التخلــي عن الهوية والخصـــوصيـــة، ولا يعنــي احتكــار العالمية في نموذج واحد غير قابل للنقد أو التغيير، مشيراً إلى أن زيادة التمركز حول العرق أو الطائفة أو الدين ليس نتاجاً للدين، بقدر ما هو نتاج مشكلات مادية واجتماعية أوجدها الناس نتيجة لخلل في فهم التنوع والتعدد. وقال سموه إنه إذا كانت قضية الانفتاح على الثقافات الأخرى في الماضي قضية خيار، ففي عصر الترابط وثورة الاتصالات أصبح الانفتاح أمراً لا مفر منه، دون هيمنة وفي إطار فكر تعددي من شأنه إغناء وتطوير الثقافات في العالم وتطوير الحضارة الإنسانية. وأوضح أنه في إطار الحديث عن الحوار الحضاري، يجب تأكيد أهمية تشجيع مبدأ التكافؤ بين الثقافات المختلفة وتطبيقه على أرض الواقع، والإقرار أن الفكر التكفيري المتطرف المنحرف ليس قاصراً على حضارة بعينها أو حصراً بأتباع ديانة دون أخرى.وحث سموه على تطوير المؤسسات التعليمية العربية، والحفاظ على الموضوعية والتجرد في عرض الحقائق التاريخية، مع التركيز على قيم المحبة والسلام.وأضاف أن تحقيق حوار سليم وناجح بين الثقافات والحضارات، يحتاج إلى توفر عدة شروط أهمها الإيمان بالآخر واحترام خصوصياته والندية والمساواة بين مختلف الأطراف المتحاورة.