كتب - جعفر الديري: لم يكن أحد من الناس؛ يتخيل أن هذه الطفلة، ستكون في يوم من الأيام أشهر ممرضة في تاريخ الإنسانية، يحتفل بيوم التمريض باسمها في 12 مايو من كل عام، رغم ما كانت تتمتع به من حب كبير للإنسان وحدب على مخلوقات الله تعالى من حيوان ونبات. فلورنــس نايتينجيــل أو سيـــدة المصباح، تعتبر اليوم مؤسسة التمريض الحديث، حين كانت تخرج في ظلام الليل إلى ميادين القتال، وهي تحمل مصباحاً بيدها، للبحث عن الجرحى والمصابين لإسعافهم. حتى منظمة الصليب الأحمر الدولي، جاءت من وحي ما قدمته نايتينجيل من أعمال إنسانية خلال حرب القرم فيما بين 1854 و1856 كمتطوعة لتضميد جراح الأسرى والمصابين من المقاتلين.اعتبرت نايتينجيل التمريض مهنة، يجب التدريب عليها ووضع خطة تعليمية لها، ورأت في التمريض فناً، وأن الممرضات لا يتعاملن مع رخام أو حجارة، لكنهن يتعاملن مع آدميين أحياء لهم احتياجات ولهم شخصيات وطباع مستقلة وكان من ضمن عباراتها عن التمريض «أن التمريض يمرض أجساماً حية وأرواحاً»، كذلك نقرأ في مذكراتها، ناصحة الممرضة التحلي بالصفات التالية: الابتعاد عن الأقاويل والإشاعات، كتمان أسرار المرضى، تسارع لتنفيذ طلبات المرضى «حيث إنهم يضعون حياتهم بين أيديها»، أن تكون دقيقة الملاحظة رقيقة المعاملة حساسة لشعور الغير.في بلدة فلورنسا بإيطاليا العام 1820، تولد فلورنس نايتينجيل من عائلة غنية تؤمن بتعليم المـــــرأة، لتتعلـــم العــــام 1851 التمريض في مدرسة الكايزروارت، مؤمنة بضرورة وضع برامج لتعليم التمريض وبرامج لتدريس آداب المهنة، وأن تكون هذه البرامج في أيدي نساء مدربات وعلى أخلاق عالية يتحلين بالصفات الحميدة. تعاني نايتينجيل كثيراً من العقبات والمعوقات في سبيل أن تؤسس لعمل تمريضي عظيم، ورغم ذلك ترفض نايتينجيل فكرة الزواج، رغم كثرة الخطاب، خوفاً من أن يؤثر الزواج على ما وهبت نفسها له، رعايـة المرضـى، لتتفانى في تمريض الجنود في الجيش، رغم معاملة العسكريين الجافة، حتى يجد الشعب الإنجليزي نفسه مضطراً للتبرع لنايتينجيل بالنقود لتنشئ مدرسة لتعليم الممرضات في مستشفـــى ســان تـــومـــاس بإنجلتــرا، وهنا تنتقــي نايتينجيــل طالباتها بدقة.