كوننا مسلمين ونعيش في مجتمع مسلم فإنه كثيراً ما نفكر في شرعية الأمور التي نفعلها، بل وحتى وإن كان المتحدث بعيداً عن الدين ولا يطبق شيئاً من تعاليمه، فإنه يتذرع بهذا الأمر فقط ويتكلم عن شرعية الموضوع الذي يتناقش فيه مع أقرانه لا لشيء سوى ليحج الطرف الآخر وخصوصاً إن لم يكن يوافق صاحب القرار على قراره، تراه يجول في عالم النت بحثاً عن آراء العلماء والمشايخ لكي يدعم قوله بأكبر قدر ممكن من الأدلة والشواهد، والعيب الغريب في هذا الأمر أنك ترى ناقل الفكرة لا يتحلى بالموضوعية في كلامه بل يغض الطرف عن الآراء التي لا تناسب فكرته. كتبت هذه المقدمة لأن موضوعنا اليوم حول قضية شائكة مختلف فيها ولكل شخص منا رأي خاص به حول هذا الموضوع، ما أود التنبيه عليه هو أنني لست بشيخ ولا أتجرأ على الفتيا وكل ما أذكره عبارة عن آراء شخصية كونتها بعد الدراسة والقراءة حول هذا الموضوع، وموضوعنا اليوم حول الحب قبل الزواج.هل يعتبر الحب قبل الزواج عيباً؟ كثيراً ما يسأل المقبل على الزواج عن الحب قبل الزواج هل هو حلال أم حرام؟ وهل وجوده شرط لنجاح الزواج؟ وهل عدم وجود الحب دليل على فشل العلاقة؟ما أود قوله هو أن الحب ليس عيباً، فالحب كمشاعر قلبية لا سيطرة للإنسان عليها والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وقد ضرب الله مثلاً في قصة إعجاب ابنة شعيب بموسى عليه السلام على الحب كمشاعر تلامس القلوب، فكانت نتيجته تعريضها بشمائله وعرض والدها الزواج على موسى عليه السلام، فأنفق من عمره الشريف عشر سنين في سبيل حبه لها، ولولا أن الحب من أغلى الأشياء، لما ذهب كثير من زمن الأنبياء فيه، وقد ذكرنا في مقال سابق قصة مغيث وبريرة وعدم إنكار النبي صلى الله عليه وسلم ما حصل منهما.قصص الحب في تاريخنا الإسلامي عديدة ومنها قصة المحب مع علي بن أبي طالب التي تقول: أُتيَ علي بن أبي طالب رضي الله عنه بغلام من العرب وجد في دار قوم بليل فقال له: ما قصتك؟ فقال: لست بسارق، ولكني أصدقك: تعلقت في دار الرباحي خودة يدل لها من حسنها الشمس والقمر لها من نبات الروح حسن ومنصب إذا افتخرت بالحسن صدقها الفخر فلما طرقت الدار من حب مـــهجة أتيت وفيـها من توقدهـــا جمر تبادر أهل الدار لي ثم صيحوا هو اللص محتوم له القتل والأسر فلما سمع علي شعره رقَّ له وقال للمهلب بن رباح: اسمح له بها نعوضك منها. فقال يا أمير المؤمنين سله من هو لنعرف نسبه ؟ فقال: النهاس بن عيينة العجلي . فقال: خذها فهي لك.ما أود قوله هو أن الإسلام دين الفطرة، لا يأتي لكبح الجماح أو صدها وإنما يأتي ليقننها ويقومها ولذا شرع الزواج للمتحابين، ولو كان الحب عيباً أو حراماً لما قال النبي في الحديث النبوي الشريف الذي رواه ابن ماجه وصححه الألباني بلفظ «لم ير للمتحابين مثل النكاح».ولذا فرسالتي اليوم للأهالي.. إياكم ومنع فلذات أكبادكم من الارتباط بمن يحبون، لأن النتائج ستكون وخيمة، وإن كنتم ترون عدم مناسبة الفتاة لابنكم أو العكس فكل ما يمكنكم القيام به هو المناقشة ومحاولة الإقناع، وإن رأيتم تمنعاً من الابن أو الابنة وعدم اقتناعهم بكلامكم فلا تقفوا ضدهم.عمر الحمركاتب في الشؤون الأسرية oalhamar