كتب - جعفر الديري: الفن التشكيلي في البحرين، عريق إلى الدرجة التي يصنف فيها كأحد أوجه النشاطات الفنية البارزة خليجياً وعربياً، بفضل كوكبة من الناشطين؛ اجتهدوا في ترسيخ لون خاص، راعى البيئة المحلية، مستفيداً من التجارب العربية والعالمية. غير أن الفن التشكيلي في البحرين، وبشهادة فنانين ونقاد، يعيش ركوداً، تسببت به عوامل عدة. فما سبب هذا الركود؟ وهل هو نوع من التراجع، أم حالة صحية تعيشها كل تجربة حقيقية؛ في شدّها وجذبها حتى مولد عمل كبير؟ توجهنا بهذا السؤال لمجموعة من الفنانين البحرينيين، فخرجنا بالآراء الآتية... لا يعتقد الفنان التشكيلي والخطاط سيد حسن الساري، بتراجع الفن التشكيلي في البحرين، بلحاظ ما وصل إليه في الأعوام السابقة، «ربما توقف عند حد معين أو أخذ في تطور بسيط جداً والتكرار، لكن ما يجعلنا ننظر له على أنه تراجع؛ هو الحركة الفنية التي أخذت بالركود بشكل واضح في العالم، وظهور كثير من المتطفلين، مما جعل لخلط الأوراق أثراً سلبياً».تجارب متجددة يقول الساري: علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن عدد الفنانين في الجيل الأخير؛ كان قليلاً جداً، لكن في الجيل اللاحق ظهرت على السطح تجارب مختلفة كسرت التكرار، وبما أن العدد الجديد قليل، أخذ بعين الاعتبار هذا الأمر وهو بطء الحركة التشكيلية، قياساً بالعقود السابقة؛ التي كانت ساحة ساخنة وحركة نشطة، بدءاً بالستينات قبل أن تكون هناك جمعيات رسمية، ووصولاً إلى تأسيس أسرة هواة الفن والأدب، وبعدها جمعية البحرين للفن المعاصر الأولى في الخليج العام 1971، وكذلك مشاركة الرواد في معرض «كريفن كراريز» الذي يعد الأول على مستوى المنطقة، ويعرض في أكثر من دولة، حيث برز الفنان حسين السني حينها بعمل القلاف. وجميع تلك العوامل النشطة تعطي صورة مختلفة عن حركة بطيئة، كانت نشيطة في السابق.مواكبة الحاضر من جهتها تؤكد الفنانة التشكيلية كادي مطر، أنها وجدت خلال متابعتها المستمرة للمعارض الفنية التي تقام في البحرين؛ نوعية متجددة من الأعمال الفنية تحويها هذه المعارض وبأشكال مختلفة وغير تقليدية، ومتباينه تعكس جوانب الفنان ومدى ثقافته، مشيرة إلى أن البعض يميل بشده للتركيز حول الشكل الجمالي والآخر تشده الأفكار والرؤى، وكل بالنسبة لي ذو جماليات خاصه ما دامت روح الفنان حاضره. وتضيف مطر أن هذه الأعمال الفنية استطاعت من خلال ذلك، أن تواكب وتعاصر الحاضر أكثر من غيرها من الأعمال، وهذا الأمر يعكس بطبيعة الحال مدى استيعاب الفنان البحريني لأهمية التجدد والتغيير لما ينتجه من أعمال فنية، والتي أعتقد أنه يتجه بها اليوم نحو فلسفات جديدة ومقبوله، لما هو عليه العالم اليوم، وهذا يعكس أيضاً أن الفنان البحريني يستوعب ألا يكون منغلقاً على ثقافته ومنحصراً فيها. وتلفت مطر لأهمية تشجيع وإتاحة الفرص وتكثيف الفعاليات الفنية بالنسبة للجيل الحالي، مؤكدة أن ذلك كفيل بتقدم هذا الجيل وإثرائه الساحة الفنية بحرينياً. بين الشكل والمضمون وتتساءل مطر: ما المطلوب من الفن في مجتمع مثل مجتمعنا؟ هل هو الشكل والقيم الجمالية هو محركنا نحو اللوحة أم المضمون الذي تحمله من رؤى وأفكار تتحدث عن قضاياه؟ وما الثقافة السائدة في هذا الاتجاه؟ وباعتبار أن الأذواق والميول مختلفه فإن كلا الخيارين وارد في الذاكرة أثناء العمل الفني، غير أنك ربما تصطدم بآراء قد تشل اتجاهك أينما ذهبت بين مؤيد ومعارض لهذا الأمر أو سواه. لكن لكل جيل هويته واهتماماته، فلماذا نطمس جيلاً مقابل آخر بدلاً من تقبل الآخر كما هو عليه؟!. وتتابع أن للفنان روحه الخاصة، ميوله وتأويلاته وطرق تعبيره التي تفرده عن الآخر، وهو يريد من عمله أن يعبر عنه وأن يمثل وجوده هو في المكان الذي يعيش، يعبر عن دواخله كيفما كانت، ووجوده بحد ذاته إثراء للحراك الفني بشتى الأصعدة. وفي ظل إيماننا بشيء ما فهو ينمو باتجاهه، أما لو قوبل بالنقيض فإنه يتخذ مساراً مختلفاً يحقق مأرباً لدى متصيدي الفرص وحدهم. وطالما أن ثقافتنا السائدة نحو الأشياء، منحرفة في نقدنا لها وتطويرها وتوجيهها فإن كثيراً من الطاقات ستبقى مهدورة وفي إطار العبث، وكلما أتيحت لها فرصة تحمل المسؤولية على عاتقها؛ فسيتغير الأمر ولكل مجتهد نصيب. قاعدة صلبة بــدوره يــــرى الفنــــان التشكيلـــي والخطــاط المخضرم عبدالشهيد خمدن في التجربة التشكيلية في البحرين، تجربة من أهم التجارب، أضافت الكثير من التجارب سواء محلياً أو عربياً أو دولياً. ويضيف خمدن أن الحركة التشكيلية في البحرين، بدأت من الخمسينات، وإذا حسبنا من الخمسينات إلي يومنا هذا، فإن الحركة ترتكز على قاعدة صلبة لها تاريخ وتجارب وخبرة لفنانين تحملوا مسؤولية النهوض بهذه الحركة.
تشكيليون: المتطفلون أثقلوا التشكيل البحريني ولم يتراجعوا به
27 مايو 2014