كتبت - عايدة البلوشي:رغم أنها مهنة البحث عن المتاعب كما يقال، إلا أن كثيراً من الفتيات عشقن هذه المهنة في ظل ظروف ربما حالت دون مواصلتهن العمل في عالم الصحافة، وتحولن إلى وظائف أخرى قد تكون ذات علاقة بحقل الإعلام أو لا يربطها به رابط.السؤال المهم الذي يطرح نفسه هو لماذا غادرن هذه المهنة؟، هل للأمر علاقة بالنواحي المادية والراتب؟، أم يتعلق الأمر برهانات وقت العمل والالتزامات الأسرية، أم لأنها بالفعل مهنة متاعب، وهن يبحثن عن الراحة، خاصة أن مهنة الصحافة تلازمك في كل زمان ومكان ولا تنتهي بانتهاء مواقيت العمل، فالصحافي يظل صحافياً بالمكتب، المنزل، الشارع، أو في رحلة راحة واستجمام، ليلاً أو نهاراً، تتحرك فيه غريزة الصحافي أينما ذهب.«الوطن» التقت بعدد من الصحافيات اللائي غادرن مهنة البحث عن المتاعب، لترى إن كن قد ارتحن من المتاعب أم زادت عليهن، بعضهن تحدثن بتحسر عن تركهن للمهنة، وأخريات تبدو عليهن الراحة.الدخول لعوالم أخرى متجددةتقول رندة فاروق، والتي عملت في مجال الإعلام المؤسسي بعد تركها للصحافة، «ربما لا ينطبق علي هذا العنوان.. أعتبر نفسي لا أزال في عالم صاحبة الجلالة لكن في موقع آخر».وتضيف عشرون عاماً في الصحافة البحرينية، كانت «أخبار الخليج» مدرستي الأولى التي تعلمت فيها فنون الصحافة وتشكلت خبرتي فيها. ثم «الوطن» التي مارست فيها تنوعاً صحافياً أدخلني إلى عوالم أرحب وأوسع أضافت الكثير إلى سجل خبرتي الصحافية.رندة فاروق لم تزهد في المهنة، لكنها كما تقول «شعرت لوهلة أنني بحاجة لدخول عوالم أخرى متجددة بشرط ألا أبتعد عن المجال الذي عشقته».وأشارت إلى أنها وجدت أن العمل الرسمي سوف يخلق تجدداً في مسيرتها الإعلامية، فتنقلت بين وزارات الثقافة والإعلام ثم الثقافة ثم التنمية الاجتماعية، وبقيت على تواصل مع كل زملائها وأصدقائها الإعلاميين بمختلف المواقع، وأضافت «أتفهم طبيعة عملهم وأعذر حماسهم وعجلتهم في الحصول على الخبر لأنني عشت ما يعيشونه فأسعى لتوفير المعلومة لهم قدر المستطاع بالقدر الذي يخدم مؤسستي الرسمية ويفي بمتطلباتهم في العمل الصحافي الحر».وقالت فاروق «لكل موقع حلاوته ومرارته والكفاءة تكمن في كيفية الاستمتاع بحلاوته والتجاوز عن مرارته كي يبدع الإنسان في عمله الذي يعشقه»، مؤكدة أن «الإعلامية قادرة على العطاء في أي موقع تشغله سواء في الصحافة الحرة أو في المؤسسة الرسمية طالما كانت تحب عملها وتتفانى في إنجازه».وأضافت «أبارك للمرأة عيدها العالمي وأبارك للإعلامية التي كرمتها صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة التي خصصت سموها شعار المرأة والإعلام للاحتفال بيوم المرأة البحرينية السنوي».ترك المهنة أصعب قرارتقول هناء المحروس: «التحقت بالعمل في المجال الصحافي عام 1987 في مجلة «المواقف» حتى عام 1988 وكانت هي بدايتي مع مهنة الصحافة التي عشقتها عشقاً كبيراً لما تتلمسه من مشكلات وهموم الناس وتساهم في تشكيل شخصية الصحافي الذي يتطلع لإيجاد الحلول للمشكلات التي تعترض حياة المواطن البحريني والمقيم سواء على الصعيد الاجتماعي أو الاقتصادي أو القانوني».وأضافت «وقف رئيس التحرير منصور رضي سنداً قوياً في دعمي من الناحية المهنية ثم انتقلت إلى صحيفة «أخبار الخليج» في عام 1989 فهي نقلة نوعية في حياتي المهنية ساهمت مساهمة كبيرة في الاحتكاك بالعديد من الأساتذة الكبار أمثال الأستاذ أحمد كمال وأنور عبدالرحمن وأحمد عبدالغني رحمه الله ولطفي نصر الذين استفدت من خبراتهم الطويلة في مجال الصحافة».وأوضحت أنها تأثرت في بداية مشوارها في المهنة بالصحافية بروين نصرالله وأخذت خطاً مقارباً لها في تلمس مشكلات الناس وهمومهم وطرح قضاياهم لإيجاد الحلول لها.وقالت «تناولت في مسيرتي المهنية العديد من الملفات المهمة مثل قانون الأحوال الشخصية الذي كانت تطالب به الجمعيات النسائية منذ الثمانيات حتى أبصر النور في السنوات الأخيرة في الشق السني ونأمل أن يظهر الشق الجعفري منه، وكذلك ملف العنف الأسري والمرأة المتزوجة من أجنبي حيث صدرت العديد من القرارات الوزارية، حيث تعاني المرأة وأطفالها معاناة شديدة في التعليم والإقامة والصحة وهناك أخبار صحافية عن قرب إصدار تعديل على قانون الجنسية بحيث يجوز للمرأة أن تمنح جنسيتها لأبنائها وكذلك تحقيق بخصوص حق المرأة البحرينية بأن تكون مدربة سياقة وتحقق هذا الحلم».وأضافت «كان لزوجي عبدالله الأيوبي فضل كبير في الاستفادة منه فهو خريج صحافة ويمتلك خبرة واسعة، إضافة إلى التخصص في هذا المجال في كافة فنون الصحافة من المقال والخبر والتحقيق الصحافي والتحليل السياسي وغيرها وكنا نتبادل الأحاديث في ما يطرح في الساحة المحلية والإقليمية من آراء وأفكار مختلفة».وأوضحت «سنحت لي الفرصة لتغطية المحاكم لعدة سنوات ساهمت في تكوين خبرة قانونية حيث قمت بتغطية المحاكم بمختلف درجاتها وحررت صفحة قانونية وأخذ آراء المحامين ونشر القضايا القانونية والأبحاث التي ساهمت في تعزيز تخصصي في مجال القانون حيث كنت في فترة عملي في الصحافة أدرس «حقوق» في جامعة بيروت العربية».أما بخصوص التوفيق بين مهنة الصحافة والحياة الأسرية تقول هناء المحروس «طبيعة عمل الصحافة هو عدم تقييد الصحافي بوقت محدد مما يمكن الصحافي من القيام بعمله على أحسن وجه والتوفيق بين واجباته الأسرية وبالرغم من إيجابية هذا الأمر لكن توجد سلبية هو عدم الانتهاء من العمل في الجريدة مما يضطر الصحافي لنقل جزء من العمل إلى البيت مما يقيد حياته الشخصية والأسرية».وعن سبب ترك مهنة الصحافة بعد سنوات طويلة، قالت إنه «كان قراراً صعباً حيث صار لي اسم معروف في المجال الصحافي الذي عشقته عشقاً جماً لكن كنت حاصلة على بكالوريوس في القانون وسنحت لي فرصة الانتقال إلى وزارة التربية والتعليم في مكتب الوزير د.ماجد النعيمي واستفدت من خبرتي الصحافية الطويلة التي قاربت 25 عاماً في المجال الاجتماعي والتربوي والقانوني حيث كنت أشارك في إعداد الأسئلة والاقتراحات برغبة الواردة من مجلسي النواب والشورى حيث يتطلب ذلك الإلمام الواسع بقضايا تربوية وقانونية، حيث أجريت العديد من التحقيقات الخاصة بالوزارة مما شكل لي أرضية في الإلمام بسرعة كبيرة بطبيعة عملي كباحثة قانونية، وكذلك ترسيخ ذلك أثناء إجراء التحقيق التربوي من حيث تلمس المشكلة القانونية والتربوية ورفع التوصيات بشأنها إلى الجهات الأعلى».وتقول هناء المحروس «إن التعلق بمهنة الصحافة لم يتوقف حتى بعد تركها حيث رشحتني رئيسة الاتحاد النسائي السابق مريم الرويعي بسبب التصاقي بالعمل المؤسسي والاطلاع على طبيعة عمل الجمعيات النسائية وما يطرح من ملفات مهمة تهم المواطن، رشحتني لرئاسة تحرير مجلة «إشراقة» النسائية التي يصدرها الاتحاد ووضعت فيها شخصيتي من حيث محتوى المواضيع وإعطاء رؤيتي في إخراجها، حيث صدرت عدة أعداد منها، وكذلك بين فترة وأخرى أنشر مواضيع قانونية في صحيفة «أخبار الخليج»، لهذا من الصعب على الصحافي الذي دخل أعتاب مهنة الصحافة أن يتركها بسهولة فهي أصحبت جزءاً من حياتي».
صحافيات غادرن مهنة البحث عن المتاعب
05 يونيو 2014