خلص تقرير رسمي إلى أن زيارة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى للقاهرة للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس المصري الجديد هي «إعلان موقف بحريني جديد لتأكيد مؤازرة المملكة، ورسالة تضامنية قوية مع كل الخطوات التي تتبعها مصر لإعادة استقرارها المفقود». وقال التقرير الذي بثته وكالة أنباء البحرين (بنا) أمس إن «أهمية الزيارة لا تنبع فقط من الحضور والوجود البحريني فحسب، وعلى أعلى المستويات، في مثل هذه المحفل السياسي الكبير الذي يحظى باهتمام واسع من جانب الرأي العام العربي والعالمي بأسره، وإنما لأن هذه الزيارة التي تعد الثانية في غضون سنة تقريباً تعد بمثابة إعلان موقف بحريني جديد للتأكيد على مؤازرة المملكة للمرحلة التي تمر بها القاهرة في هذا التوقيت بالذات، ورسالة تضامنية قوية، لا بد منها، لكافة الخطى التي تتبعها مصر لإعادة استقرارها المفقود».وأكد أن «مواقف بحرينية عديدة ظهرت في الآونة الأخيرة، خاصة خلال السنوات القليلة الماضية، تثبت بما لا يدع مجالاً للشك متانة العلاقات التاريخية والإستراتيجية التي تربط مملكة البحرين بمصر».وأشار التقرير إلى أن «زيارة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى للقاهرة للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس المصري الجديد تأتي تتويجاً لهذه العلاقات الراسخة، لاسيما أنها تأتي في وقت تواجه فيه القاهرة عدداً من التحديات الجسام التي لا يمكن التصدي لها بنجاح وفاعلية إلا بالتكاتف بين الأشقاء والأصدقاء، والذي تبديه المملكة بتوجيهات من القيادة الرشيدة دوما لكل حلفائها».دلالات وأهمية الزيارةولا تنبع أهمية ومحورية الزيارة السامية للقاهرة من الحضور والتواجد البحريني فحسب، وعلى أعلى المستويات، في مثل هذا المحفل السياسي الكبير الذي يحظى باهتمام واسع من جانب الرأي العام العربي والعالمي بأسره، وإنما لأن هذه الزيارة التي تعد الثانية في غضون سنة تقريباً تعد بمثابة إعلان موقف بحريني جديد للتأكيد على مؤازرة المملكة للمرحلة التي تمر بها القاهرة في هذا التوقيت بالذات، ورسالة تضامنية قوية، لابد منها، لكافة الخطى التي تتبعها مصر لإعادة استقرارها المفقود.واقع الأمر أن هذا الموقف البحريني ليس بجديد عليها في الوقت الذي تحتاج فيه الدول الشقيقة أن تقف بجانبها، خاصة أن مصر تبدو وهي بحاجة إلى هذا الدعم بينما تسير على الطريق من أجل إعادة الاستقرار والإصلاح والتنمية، مثلما أشار إلى ذلك العاهل المفدى في تصريح أخير له، أكد فيه ضرورة دعم الخطى والإجراءات التي تعيد القاهرة إلى سابق عهدها باعتبارها الشقيقة الكبرى لدول المنطقة ككل، والتي بحاجة لاستعادة دورها الرائد الذي كانت تقوم به لكي تجابه به، ومعها الدول العربية، التهديدات التي يتعرض لها الإقليم ككل من كل حدب وصوب.وتتجلى المواقف البحرينية الثابتة من الأوضاع بمصر عند النظر إلى عدة مشاهد رئيسة تكشف جميعها في الحقيقة عن عدة دلالات استراتيجية مهمة في تطور العلاقات البحرينية ـ المصرية، والتي يتوجها العاهل المفدى بزيارته، أبرزها الوقوف قلباً وقالباً مع الدولة المصرية، قيادة وشعبا، في كل ما يسهم في خيرها ونماء شعبها، وذلك أمام المحنة التي حالت دون قيامها بدورها الركين تجاه الأمتين العربية والإسلامية، لاسيما أن البحرين تؤمن بأن مصر تمثل محوراً من محاور الأمن والاستقرار الإقليميين، ولا يمكن تجاهل التأثر السلبي لمعادلة موازين القوى في المنطقة نتيجة غيابها خلال الفترة الأخيرة عن الساحة.تقديم الدعم اللازم للقاهرةمن بين أبرز المشاهد التي تظهر ثبات الموقف البحريني ودعمه للأشقاء بمصر في وقت مازالت تتردد فيه بعض الأصوات التي لا تلقي بالا لإمكانية خروج الأوضاع عن مسارها بسبب مواقفها وخطورة التداعيات الناتجة عن ذلك، ما يتصل بإقرار الأوضاع الحالية بالقاهرة بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وضرورة دعم خارطة الطريق.وحقيقة الأمر، أن المملكة لم تدخر جهداً في إظهار دعمها وموقفها الثابت من التطورات في مصر، خاصة خلال الثلاث سنوات الأخيرة، وذلك احتراماً لإرادة الشعب المصري، وبدا أن هناك عزماً وإصراراً بحرينياً على توفير الدعم الضروري لما تحتاجه القاهرة في وقت تشتد فيه الحاجة إلى ذلك.ولعل لقاء العاهل المفدى بالرئيس المصري المؤقت قبل فترة دليل على هذا المعنى، حيث بدت ثوابت الموقف البحريني واضحة بالنظر إلى ما جسدته كلمات جلالته ، التي أشار فيها إلى أن مصر هي العمق الاستراتيجي للوطن العربي على مر التاريخ وستبقي كذلك، وأن الشراكة بين مصر ودول مجلس التعاون مهمة جداً، وأن استقرار مصر هو استقرار للجميع، وهو موقف ينم ليس فقط عن العلاقات التاريخية والروابط المشتركة التي تربط البلدين في كل القطاعات، وإنما عن تقدير المملكة الواضح واعتزازها الكبير بالأدوار والمواقف المشرفة لمصر ولشعبها خلال الأحداث التي مرت بها البحرين عام 2011، وتأكيد على أن البحرين لا يمكن أن تتجاهل من قدَّم لها يد العون، وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي في وجه أية تحديات تواجه القاهرة باعتبارها تحديات مشتركة. يضاف إلى ذلك أن البحرين ستعزز من أي جهد يمكن الشعب المصري من تحقيق ما يصبو إليه، وأن العلاقة بمصر الدولة والتاريخ والحضارة والشعب لم ولن تغيرها الظروف والمستجدات، خاصة أن علاقات التعاون، مثلما أُشير سلفاً، علاقات وطيدة وقديمة وتشمل المجالات كافة سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، وهو ما أكده مجدداً عاهل البلاد المفدى خلال تسلمه في المنامة مؤخراً دعوة حضور حفل تنصيب الرئيس المصري الجديد، حيث هنأ مصر قيادة وشعباً بالاستحقاقات الرئاسية الأخيرة التي وصفها بأنها «عكست ما يتمتع به الشعب المصري من وعى ومسئولية وطنية».ولم يقتصر الدعم البحريني لمصر على هذه الأوجه فحسب، وإنما شمل أيضاً تأييد دعوة خادم الحرمين الشريفين إلى مؤتمر لأشقاء وأصدقاء مصر، وذلك لمساعدتها في تجاوز أزمتها الاقتصادية، وهو التأييد الذي لا يعكس سوى أمرين، أحدهما: حرص البحرين على الوقوف بجانب كل الجهود والمبادرات التي من شأنها النهوض بمصر ثانية للقيام بالأعباء المنوطة بها كدولة إقليمية كبرى يمثل الاستقرار بها عمادا للأمن والاستقرار في دول المنطقة ككل، والأمر الآخر: ضرورة العمل وبالسرعة الكافية بجانب الدول الحليفة والصديقة، خاصة الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، على توفير الظروف الملائمة وإيجاد الآليات المناسبة لإعادة إنهاض مصر كي تواصل دورها الريادي في محيط المنطقة، ولكي تتمكن وبسرعة من تعويض الفترة السابقة التي غابت فيها عن الساحة العربية وتقوم بالأعباء المناطة بها كطرف إقليمي رئيس.تحديات ورؤى مشتركةبقدر الدعم المشترك الذي توفره الدولتان لكل منهما خلال الأحداث والمستجدات التي تمر بهما، فإن هناك قدراً من التحديات المشتركة تفرض هي الأخرى العمل وبشكل متكاتف بين الجانبين للتصدي لها، وهناك من الأمثلة الدالة على ذلك الكثير، ولعل واحدة من أبرزها تلك التدريبات العسكرية المشتركة التي نفذتها عناصر من القوات الجوية المصرية وسلاح الجو الملكي البحريني بالتعاون مع 9 دول عربية وأجنبية، وهي التدريبات التي كشفت في الحقيقة عن عدة أمور جوهرية، منها: استمرارية التنسيق والتعاون بين الأجهزة المختلفة، لاسيما منها الأمنية والعسكرية، ومستوى الجاهزية والاستعداد والتفاني لكلا القوات المشاركة في وجه أي طارئ، فضلاً عن توافق الرؤى التي تجمع الطرفين في مواجهة التحديات ذات الاهتمام الخاص.الآخر: الإيمان البحريني وقناعتها بدور الجيش المصري الرئيس ومن ثم بالقدرات القتالية والخبرات التدريبية والمهارية التي تملكها القوات المصرية المشاركة في التدريبات الأخيرة، والتي أشاد بها معالي المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، القائد العام لقوة دفاع البحرين في تصريحات سابقة لإحدى الصحف المصرية، وقال فيها إن «مصر هي القادرة فقط على حفظ أمن الخليج، وأن التاريخ والحاضر يؤكد أنها العمق الاستراتيجي لكل الدول العربية، معتبرا إياها أنها الأقرب للتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي في ظل المصالح المشتركة».وفي حقيقة الأمر، أن هناك العديد من الظروف والمستجدات التي تعد بمثابة تحديات مشتركة للبحرين ومصر على السواء، تدفع بالاتجاه المشار إليه سلفاً، ومن بين هذه التحديات: التحولات السياسية والاجتماعية العنيفة التي شهدتها المنطقة، ومست بتداعياتها أمن واستقرار دول العالم العربي ككل، خاصة أنها تحولات غير معلوم إلى الآن مآلاتها ومصيرها، وعرضة للاستقطابين الإقليمي والدولي، وزادت من حدة الانقسامات البينية سواء داخل المجتمعات العربية أو فيما بين بعض الدول العربية وبعضها، وتحتم مقتضيات الأمور التعاطي مع تداعياتها بشكل أكثر نجاعة مما هو معمول به الآن.يضاف إلى ذلك، أن هذه التحديات تفرض على كبريات دول الإقليم، ومنها البحرين ومصر، دوراً خاصاً لمواجهتها والتصدي لها، لاسيما في ما يتعلق بالإرهاب، والذي تتعرض له كل من البلدين، وكان وزير الخارجية المصري قد أكد من جانبه في تصريحات سابقة أن مصر لن تتخلى عن البحرين في محاربتها الإرهاب، وهو ما أكد عليه مسؤولون بحرينيون أيضاً في مواقفهم إزاء ما تتعرض له القاهرة الآن من عمليات تخريبية، الأمر الذي يعكس التزام البلدين بحماية حياض الأمن الوطني لكل منهما باعتبار ذلك السبيل الرئيسي لحماية الأمن القومي للدول العربية ككل في مجابهة شبح الإرهاب.