عواصم - (وكالات): فتح رئيس الوزراء نوري المالكي الأزمة السياسية في العراق على مزيد من التعقيدات بعدما أعلن أنه لن يتنازل «أبداً» عن ترشحه لولاية ثالثة، رغم الانتقادات الداخلية والخارجية، في خطوة تؤشر إلى أن عملية تشكيل حكومة جديدة لن تشهد خاتمتها قريباً. وجاء موقف المالكي رغم دعوة المرجعية الشيعية للإسراع في تشكيل حكومة تحظى بقبول وطني واسع، وسحب خصمه السياسي رئيس البرلمان أسامة النجيفي ترشحه لولاية ثانية على رأس مجلس النواب إفساحاً في المجال أمام توافق سياسي حول الرئاسات الثلاث.وفي الوقت الذي تواجه فيه وحدة البلد أخطر تحدياتها، عبرت الولايات المتحدة عن معارضتها للدعوة التي وجهها رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني للاستعداد لتنظيم استفتاء على حق تقرير المصير، معتبرة أن الطريقة الوحيدة أمام العراق لصد هجوم المسلحين هي في أن يبقى موحداً. وقال المالكي في بيان نشر أمس «لن أتنازل أبداً عن الترشيح لمنصب رئيس الوزراء».وأضاف أن ائتلاف «دولة القانون» الذي قاده في الانتخابات الأخيرة وفاز بأكبر عدد من مقاعد البرلمان «92 من بين 328» مقارنة بالكتل الأخرى «هو صاحب الحق في منصب رئاسة الوزراء وليس من حق أية جهة أن تضع الشروط، لأن وضع الشروط يعني الديكتاتورية، وهو ما نرفضه بكل بقوة وحزم». ويتعرض رئيس الوزراء إلى انتقادات داخلية وخارجية خصوصاً حيال استراتيجيته الأمنية في ظل التدهور الأمني الكبير في البلاد وسيطرة مسلحين من فصائل وتنظيمات عراقية مختلفة مناهضة لحكمه بينها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش، على مساحات واسعة من العراق، ويواجه كذلك اتهامات بتهميش السنة واحتكار الحكم.ويطالب خصومه السياسيون كتلة «التحالف الوطني» أكبر تحالف للأحزاب الشيعية بترشيح سياسي آخر لرئاسة الوزراء، فيما يصر هو على أحقيته في تشكيل الحكومة، علماً بأنه ترأس حكومته الثانية رغم أن لائحته النيابية لم تفز في 2010 بأكبر عدد من مقاعد البرلمان.وفشل مجلس النواب في جلسته الأولى الثلاثاء الماضي بانتخاب رئيس له بحسب ما ينص الدستور، قبل أن يعلن النجيفي، أحد أبرز خصوم المالكي، سحب ترشحه لولاية ثانية.وقال النجيفي «أقدر عالياً طلبات الأخوة في «التحالف الوطني» الذين يرون أن المالكي مصر على التمسك برئاسة مجلس الوزراء في حال ترشيحي لرئاسة مجلس النواب وأقول لهم إني لن أترشح لرئاسة المجلس».ويؤشر موقف المالكي وتمسكه بمنصب رئيس الوزراء بأن الأزمة السياسية في العراق لن تشهد خاتمتها قريباً، حيث إن السنة يرفضون الانضمام إلى حكومة يقودها المالكي. وفي هذا السياق، دعا المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني إلى الإسراع في تشكيل حكومة تحظى بقبول واسع. وقال السيد أحمد الصافي ممثل السيستاني في خطبة الجمعة في كربلاء إن «الإسراع بتشكيل الحكومة وفقاً للأطر الدستورية مع رعاية أن تحظى بقبول وطني واسع، أمر في غاية الأهمية».وأضاف «كما من المهم أن يكون الرؤساء الثلاثة، رئيس البرلمان ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، منسجمين في ما بينهم في وضع السياسات العامة للبلد وقادرين على حل المشاكل التي تعصف به وتدارك الأخطاء الماضية». وانتقد البرلمان العراقي قائلاً «انعقدت أولى جلسات البرلمان الجديد وفقاً لما نص عليه الدستور، وتفاءل المواطنون أن يكون ذلك بداية جيدة للمجلس للالتزام بالنصوص الدستورية والقانونية، ولكن ما حصل من عدم انتخاب رئيس المجلس ونائبيه كان إخفاقاً يؤسف له».وتتزامن الأزمة السياسية مع الهجوم الكاسح للمسلحين الذين سيطروا خلاله على مناطق واسعة شمال العراق وغربه وشرقه تشمل مدنا رئيسية بينها تكريت والموصل شمال بغداد.وفي خضم هذا الهجوم الذي سمح للأكراد بالسيطرة على مناطق متنازع عليها مع بغداد بعد انسحاب القوات الحكومية منها، دعا رئيس إقليم كردستان العراق بارزاني برلمان الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي إلى إجراء الاستعدادات للبدء بتنظيم استفتاء حول حق تقرير المصير. لكن البيت الأبيض الذي كان يعمل من خلف الكواليس لمحاولة إقناع القادة السنة والشيعة والأكراد في العراق بتشكيل حكومة وحدة وطنية في بغداد، عبر عن معارضته هذا الاقتراح. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش أرنست «الواقع هو أننا لا نزال نعتقد بأن العراق أقوى إذا كان متحداً»، مضيفاً «لذلك تواصل الولايات المتحدة الدعوة إلى دعم عراق ديمقراطي وتعددي وموحد وسنواصل حث كل الأطراف في العراق على الاستمرار بالعمل معا نحو هذا الهدف».والتقى نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن في وقت لاحق كبير موظفي مكتب بارزاني فؤاد حسين وشدد أمام الوفد الكردي على «أهمية تشكيل حكومة جديدة في العراق تضم كل المكونات» لمقاتلة «الدولة الإسلامية»، بحسب ما أعلن البيت الأبيض في بيان. كذلك، بحث بايدن الوضع في العراق في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في إطار جهود واشنطن لدى الفرقاء في المنطقة لدعم تشكيل حكومة وحدة عراقية.ميدانيا، قتل 3 من مقاتلي قوات البشمركة الكردية في هجوم مسلح استهدف حاجز تفتيش في قضاء المقدادية شمال شرق بغداد، وفقاً لمصادر أمنية وطبية .في الوقت ذاته، استعاد جيش المالكي قرية العوجة مسقط رأس الرئيس السابق صدام حسين في انتصار رمزي ضمن مساعيه لاستعادة مساحات كبيرة من الأراضي استولى عليها المسلحون شمال وغرب العراق. من جهة أخرى، قال مسؤولو أمن عراقيون وأمريكيون بارزون إن المسلحين يعدون العدة للهجوم على بغداد وإن الخلايا النائمة التي زرعت داخل العاصمة ستستيقظ في «ساعة الصفر» وتدعم المقاتلين القادمين من أطراف المدينة.وتقول حكومة المالكي إنها تتعقب الخلايا النائمة وتقبض على عناصرها لتأمين العاصمة وتقول جماعات شيعية شبه عسكرية إنها تساعد السلطات. وهناك من السكان السنة من يقول إن الحملة تستخدم لترويعهم. ويتحدث العراقيون عن «ساعة الصفر» التي سيبدأ فيها تنفيذ خطة هجوم معدة سلفا. ويقدر مسؤول أمني عراقي رفيع عدد عناصر الخلايا النائمة بنحو 1500 في غرب بغداد إضافة إلى 1000 عنصر في مناطق على مشارف العاصمة.وقال إن هدف هذه الخلايا هو اختراق «المنطقة الخضراء» شديدة التحصين التي أقامتها الولايات المتحدة وتضم مباني الحكومة على الضفة الغربية لنهر دجلة. وأضاف أن ذلك سيكون بمثابة نصر دعائي سينطلق منه المقاتلون لإقامة جيوب لهم في غرب بغداد وفي مناطق نائية.من جانب آخر، أعلنت وزارة الخارجية الهندية أنه تم إخراج 46 ممرضة هندية علقن في العراق منذ الشهر الماضي في بداية هجوم المسلحين، وهن الآن في طريق العودة إلى بلادهن.
المالكي يعقد الأزمة السياسية: لن أتنازل أبداً عن رئاسة الوزراء
05 يوليو 2014