ظهرت العلمانية بمفهومها الأول «فصل الدين عن الدولة» في القرن السابع عشر الميلادي؛ إبان الثورة الفرنسية وكردة فعل لتسلط الكنيسة.. ثم انتشرت في العالم بالقرن التاسع عشر بمفهومها العام عزل الدين عن الحياة، وفحشت في القرن العشرين، وكان انتقال هذه الجرثومة إلى العالم الإسلامي على أيدي الاستعمار والمستغربين، ومنذ ظهورها تنبه المصلحون لها فتناولها فلاسفة الإسلام؛ لكشف عوارها وتبيين انحلالها، حتى انكمشت في نفوس المسلمين، وإن كانت بين حين وآخر بين مد وجزر، وتغير لعباءتها المعنوية.ليس المراد هنا السرد التاريخي للفكر العلماني؛ وإنما أردت أن أبين أن هناك نوعاً من أنواع العلمانية قد يخفى على كثير من الناس، و إن كان محتقراً للفكر العلماني الآنف الذكر.. فمن الناس من قد يمارس العلمانية في حياته وهو لا يشعر!!تقرر أن العمانية بمفهومها الشامل: فصل الدين عن الحياة، وهذا الفصل عام في كل أفعال المسلم عظمت أو صغرت، فمن يفصل أخلاقه عن واقعه فهو حقيقة ممارس للعمانية، ومن يرى أن ظلم الناس وأكل أموالهم بغير حق على حد من الإسلام فهو علماني، ومن رأى أن تربية الأولاد ينبغي أن تفصل عن المعاني الإسلامية فهو علماني أيضاً..إذاً العلمانية ليست محصورة في السياسة أو الدولة، بل هي عامة في جميع نواحي الحياة عند الأفراد والمجتمعات، وعند العامة والخاصة، فالإسلام انتظم جميع حياة الناس ومسالكهم العلمية والعملية، ولا يخرج من ذلك شيء.رزقنا الله وإياكم حسن الإسلام.