عواصم - (وكالات): تخوض قوات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي معارك عنيفة مع مسلحين ينتمون لفصائل عراقية مختلفة في الرمادي غرب البلاد، في هجوم يعيد الزخم إلى حملتهم المتواصلة منذ شهر وينذر باحتمال تضييق الخناق على بغداد في حال سقوط المدينة المركزية التي لا تبعد سوى 100 كلم عن العاصمة، فيما اتهمت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية «هيومن رايتس ووتش» السلطات العراقية بإعدام أكثر من 255 سجيناً سنياً الشهر الماضي في 5 مناطق انتقاماً من «فظاعات» تنظيم «داعش»، مطالبة بفتح تحقيق دولي في هذه «المذابح».وفي موازاة التطور الميداني يستمر غياب التفاهمات السياسية حول الرئاسات الثلاث عشية جلسة البرلمان العراقي الثانية غدا، فيما تستعر الخلافات بين السلطات الكردية وبغداد التي اتهمت إقليم كردستان بالاستيلاء على حقلي نفط.وقال ضابط برتبة مقدم في شرطة محافظة الأنبار الغربية «تدور اشتباكات ضارية بين القوات الحكومية ومسلحين من «الدولة الإسلامية» يحاولون اقتحام الرمادي من جهة الغرب». وأضاف أن «الاشتباكات وقعت في منطقة الخمسة كيلومترات وقرب مقرات حكومية بينها مبنى مجلس المحافظة الجديد ومناطق أخرى بينها التأميم والحرية حيث فجروا مركزاً للشرطة وسيطروا على مركز ثان». وتابع المصدر أن 11 شرطياً قتلوا وأصيب 24 في الاشتباكات، وهي حصيلة أكدها الطبيب أحمد العاني من مستشفى الرمادي.في موازاة ذلك، أعلن ضابط برتبة رائد في الجيش العراقي «فقدان أثر 31 عسكرياً بينهم عدد من الضباط الذين كانوا متواجدين في إحدى المناطق القريبة من موقع الاشتباكات». ويسيطر مسلحون ينتمون لتنظيمات وفصائل مختلفة بينهم مسلحون من العشائر وعناصر من «حزب البعث» السابق إضافة إلى مقاتلين من تنظيم «الدولة الإسلامية - داعش»، على مناطق تقع في وسط وجنوب الرمادي مركز محافظة الأنبار منذ بداية العام الجاري، إلى جانب مدينة الفلوجة المجاورة غرب بغداد.ويسيطر المسلحون وبينهم «داعش» الذي أعلن «قيام الخلافة الإسلامية» وبايع زعيمهم أبوبكر البغدادي «خليفة للمسلمين»، على عدة مدن أخرى في الأنبار، وعلى مناطق واسعة من محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى إثر هجوم كاسح شنوه قبل أكثر من شهر.وتسعى قوات المالكي التي يبلغ عدد أفرادها نحو مليون جندي وشرطي منذ نحو 3 أسابيع استعادة السيطرة على هذه المناطق وخصوصاً الموصل شمال بغداد مركز نينوى، وتكريت شمال بغداد مركز صلاح الدين، من دون أن تنجح في ذلك.وفي حال تمكن المسلحون من السيطرة بشكل كامل على الرمادي، فإنهم يكونون بذلك قد فكوا عزلة مدينة الفلوجة المجاورة، ووسعوا سيطرتهم بشكل كبير على مناطق قريبة من غرب بغداد حيث يقع مطار العاصمة الدولي.في هذا الوقت، ارتفعت حدة الخلاف بين بغداد وإقليم كردستان العراق من جديد حيث اتهمت وزارة النفط العراقية القوات الكردية التابعة بالاستيلاء والسيطرة على حقلي باي حسن وكركوك النفطيين الأساسيين في محافظة كركوك، بحسب ما جاء في بيان رسمي. وحذرت الوزارة إقليم كردستان «من خطورة هذا التصرف غير المسؤول الذي يعد تجاوزاً على الدستور والثروة الوطنية وتجاهلاً للسلطة الاتحادية وتهديداً للوحدة الوطنية».وفي وقت لاحق، أكدت السلطات الكردية في إقليم كردستان سيطرتها على حقول النفط. وجاء في البيان أن «عناصر من حكومة كردستان وقوات حماية نفط كركوك تقدمت لتأمين حقول النفط في منطقتي باي حسن ومخمور».ويدور منذ الأربعاء الماضي سجال حاد بين رئيس الوزراء نوري المالكي والسلطات الكردية في الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي بعدما اتهم المالكي الأكراد بإيواء تنظيمات متشددة بينها «الدولة الإسلامية» و»القاعدة». وعلق الوزراء الأكراد في حكومة المالكي مشاركتهم في جلسات الحكومة على خلفية هذه التصريحات، فيما لم يتضح ما إذا كانوا قرروا تجميد عضويتهم بشكل كامل، حيث إن وزير الخارجية هوشيار زيباري لم يكن حاضراً في استقبال نظيره المصري سامح شكري الذي التقى المالكي في العاصمة. وفي وقت لاحق، كلف نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني بتولي وزارة الخارجية بدلاً عن زيباري الوزير الكردي الذي يقاطع جلسات الحكومة حالياً، حسبما ذكر مصدر حكومي.وقبيل الجلسة الثانية للبرلمان غداً الأحد، طالب المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني البرلمان بعدم تجاوز المهل الدستورية أكثر بعدما فشل في جلسته الأولى في انتخاب رئيس له.وقال الشيخ عبدالمهدي الكربلائي ممثل المرجع السيستاني في خطبة الجمعة في كربلاء إن «التحديات والمخاطر الحالية والمستقبلية التي تحدق بالعراق وتنذر بواقع مقسم ومتناحر تتطلب وقفة شجاعة وجريئة ووطنية وصادقة من الكتل السياسية».ويظلل تمسك المالكي برئاسة الحكومة المشهد السياسي بعدما فتح أزمة الحكم على مزيد من التعقيدات الأسبوع الماضي حين أعلن أنه لن يتنازل «أبداً» عن ترشحه لولاية ثالثة على رأس الحكومة، على الرغم من الانتقادات الداخلية والخارجية له والاتهامات الموجهة إليه باحتكار الحكم وتهميش السنة.ويطالب خصومه السياسيون كتلة «التحالف الوطني» أكبر تحالف للأحزاب الشيعية بترشيح سياسي آخر لرئاسة الوزراء، فيما يصر المالكي على أحقيته في تشكيل الحكومة مستنداً إلى فوز لائحته بأكبر عدد من مقاعد البرلمان مقارنة بالكتل الأخرى.من جهتها أعلنت الولايات المتحدة أنها ستعتمد تدابير دبلوماسية وسياسية وأمنية "مكثفة” لمساعدة العراق على الانتصار على "الدولة الإسلامية”، محذرة في الوقت ذاته من أن تأخير تشكيل حكومة جديدة سيصب في صالح هذا التنظيم المتطرف.