"كلما امتد وقت مباراة نهائي كأس العالم 2014 بإستاد "ماراكانا” بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية ، كلما زاد قلقي على المنتخب الألماني. فلو كان المنتخب الألماني خسر تلك المباراة بهدف من ضربة حظ للمهاجم الأرجنتيني جونزالو هيغواين أو بتسديدة رائعة من ضربة حرة مباشرة من النجم ليونيل ميسي، كان ذلك ليصبح انتكاسة مريرة بعد فوز ألمانيا الساحق على البرازيل 7 / 1 في الدور قبل النهائي. فبعد هذا الإنجاز التاريخي، أصبحت ألمانيا مجبرة على التتويج بلقب أبطال العالم. ولكن أمام الأرجنتين ، تحولت المباراة إلى معركة ضارية. وبدأت أتوقع وصول المباراة إلى ضربات الجزاء الترجيحية.بل وقد وجدت نفسي أفكر في أنه مرة أخرى سيفشل فريق أوروبي في الفوز بلقب بطولة كأس عالم مقامة في أمريكا اللاتينية. لذا فقد شعرت بارتياح هائل عندما سجل البديل ماريو غوتزه هدف الفوز لألمانيا 1 / 0 قبل نهاية الشوط الإضافي الثاني للمباراة بسبع دقائق. ولكم كان هدفا مبتكرا! هدف ساحر.لقد فازت ألمانيا ببطولة كأس العالم هذه عن جدارة. فقد بعث الفريق برسالة قوية بالفعل منذ الأيام الأولى للبطولة عندما فاز 4 / 0 على البرتغال. ولكن ألمانيا بعد هذا الفوز حققت بعض الانتصارات المتقاربة ، هذا بخلاف التعادل 2/2 مع غانا في مباراة حملت العديد من اللحظات المرعبة. ولكنني لم ينتابني أبدا ذلك الشعور بأن الأمور قد لا تسير على ما يرام. وبعدها جاءت الذروة خلال الفوز الذي لا يمكن تصوره بسبعة أهداف لهدف واحد أمام البرازيل، عندما تخلص الألمان من جميع قيودهم. وذلك في البرازيل، من بين جميع الأماكن على وجه الأرض. في مهد كرة القدم ، البلد الذي يبدو أن المواهب الجديدة تنمو على أشجاره.ورغم هزيمتهم، فإنني أعرب عن كل احترامي للأرجنتينيين. فقد كان عليهم التأقلم مع عدد من المشاكل ، مثل خوض مباراة صعبة في الدور قبل النهائي أمام المنتخب الهولندي في مباراة امتدت للوقت الإضافي وضربات الجزاء، ومثل عدم إتاحة أكثر من يوم واحد لهم لاسترداد عافيتهم قبل خوض النهائي. لقد قدم الأرجنتينيون معركة رائعة أمام ألمانيا.ولا يمكن إرجاع نجاح ألمانيا إلى نجم واحد بعينه ، وذلك رغم ترانيم المديح التي ظل خبراء اللعبة مثل سيزار لويس مينوتي ويوهان كرويف وفيسينتي ديل بوسكي يرددونها عن مانويل نيوير حارس مرمى ألمانيا الفائز بجائزة أفضل حارس في البطولة أو عن الهداف توماس مولر صاحب المركز الثاني بقائمة هدافي المونديال خلف الكولومبي جيمس رودريغيز أو ربما، قبل أي أحد آخر ، عن ماكينة التمريرات المتقنة توني كروس الذي مع الأسف سيرحل قريباً عن نادي بايرن ميونيخ من أجل الانضمام إلى ريال مدريد الأسباني. ولا يمكننا هنا أن نحمل هذا الأمر ضده ، فأي عرض للانضمام إلى ريال مدريد يستحيل مقاومته.ويعتبر نجاح ألمانيا مثالاً أولياً على كيفية تطور فريق الكرة الرائع. وبعد احتلاله المركز الثالث في مونديالي 2006 و2010، أصبح هذا الفريق مصقولاً تماماً وواصل تحسنه خطوة بخطوة. والآن بعدما قدم أداء جماعياً مثالياً فقد فاز باللقب المنتظر منذ سنوات طويلة.في نهائي بطولة كأس العالم 1986، عندما كنت مدربا لألمانيا، خسرنا 2 / 3 أمام الأرجنتين بقدر من سوء الحظ في مباراة مثيرة بالمثل في المكسيك. وعندما التقينا مع الأرجنتين من جديد في نهائي 1990 لنفوز 1 / 0، كنا أفضل منهم بكثير رغم وجود النجم دييجو مارادونا بين صفوفهم. في ذلك الوقت بادرت بتقديم بعض الإصلاحات الأولى، فقد تأكدت من نزولنا في فندق جيد بإيطاليا ومنحت اللاعبين بعض فترات الراحة وحسنت العلاج الطبي للاعبي الفريق. ووصولاً إلى يومنا هذا، تطورت كل هذه الإصلاحات بدرجة كبيرة بمنتخب ألمانيا متزامنة مع التطور الخططي والفني للاعبين.ولاشك في أن الدفع بماريو غوتزه صاحب هدف الفوز كلاعب بديل كانت ضربة عبقرية من مدرب أبطال العالم. فربما كان العديد من الناس لا يصدقون أعينهم عندما رأوا المدرب يواخيم لوف يقوم بالدفع، من بين كل الناس، بلاعب لم يخطر على بال أحد. ولكن هذا ما يسمى بالغريزة، شيء لا يمكن التوصل إليه عبر الحسابات. ويبقى السؤال الآن، هل سيظل يواخيم لوف مدرباً للمنتخب الألماني. لقد وقع لوف مؤخراً تمديداً على عقده مع اتحاد الكرة الألماني ولكن حتى 2016 وحسب. ولو أراد الاستمرار في العمل كمدرب، ففي رأيي لا يوجد وظيفة أفضل من العمل مع اتحاد الكرة الألماني. فهناك ، كل الأمور تسير بسلاسة.لقد شاهدنا بطولة رائعة. فتدفق أحداث البطولة وتنظيمها والحماس الذي شهدته، هذه الأشياء ربما لم تكن تتوقعها بهذا الشكل ولكنها جاءت بالشكل الذي كنت تتمناه. كان مشهداً حرك العالم بأسره. وكان فريق البلد المضيف، أحد أبرز المرشحين لإحراز اللقب، هو الوحيد الذي لم يتمكن من الصمود للنهاية رغم كل الحماس الشديد الذي أحاط به. كان الضغط عليهم عظيماً بكل بساطة، هذا بالإضافة إلى سوء الحظ الذي واجهه منتخب السامبا بإصابة النجم نيمار. ولكن هذا لا يمكن اعتباره نهاية الكرة البرازيلية. فأنا واثق من أننا بعد أربعة أعوام أخرى، سنرى في روسيا منتخباً برازيلياً مختلفاً تماماً”.