أعلن رئيس منتدى الفكر العربــي سمــو الأميـر الحسـن بــن طــلال عن مبادرة جديدة للمساعدة في بناء السلم والأمن بالعالم العربي من خلال التعاون الإقليمي فــي مجال الحفاظ علــى المياه وإدارتهــا. وسيتولى الأمير الحسن رئاسة المنتدى رفيع المستوى الخاص بخطة السلام الأزرق في الشــرق الأوســـط، والـذي يعــد ثمرة تعاون مباشرة مع «مجموعة التبصر الاستراتيجي»، وهي خزان أفكار دولي مقره مومباي. وسيقدم الأمير الحسن بــن طلال من خلال رئاسته للمنتدى، إرشاداً استراتيجياً ومداخلات في أعمال المنتدى للتعرف على شرائح المجتمع الضعيفة في دول غرب آسيا المحرومة من الماء بسبب العنف، والهجرة، والتغير المناخي، وعوامل أخرى. وستقوم المبادرة الجديدة أولاً بوضع خريطة المواقع والمجتمعات المحلية التي تواجه نقصاً في المياه في العراق، والأردن، ولبنان، وسوريا، وتركيا، قبل الانتقال لاقتراح إدراج سياسات لدول المنطقة.ويقوم المنتدى رفيع المستوى بالبناء على الأعمـال السابقـة التي قام بها سمو الأميــر الحسن ومجموعة التبصر الاستراتيجي في مجال المحافظة على المياه وإدارتها.وقد وضعت المجموعة رفيعة المستوى مؤخراً، بالتعـاون مـع منظمـات، مثـل «الوكالة السويدية للتعاون التنموي الدولي»، والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، خريطة طريق استراتيجية للتعاون المائي بعنوان: «التعاون المائي من أجل عالم آمن».وتعتبر خريطة الطريق رائدة في إطلاق نهج «دوائر التعاون» الثوري، والذي يدعو الدول إلى تطوير تعاون عميق، على مستوى سياسي وبين إقليمي، ومن ضمن 148 دولة تشترك في مصادر عابرة للحدود في العالم، لا نجد دولتين تتعاونان فعلياً في مجال المياه وتشتبكان في حرب مع بعضهما لأي سبب كان، وبعكس ذلك، الدول التي تجنبت التعاون المائي، كما في الشرق الأوسط تتهددها الحروب بشكل فعلي.ويشكل النقص الحاد في المياه تهديداً خطيراً للأمن الإنساني في غرب آسيا وشمال أفريقيا على المدى البعيد، وبسبب الاستخدام المفرط، فإن من المتوقع أن يصبح حوض المياه الجوفية الواقع على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة، والــذي يزود أكثر من 1.6 مليون إنسان بالمياه، غير صالح للاستعمال بعد 2020. وخلال الخمسين عــاماً الماضيــة انخفـض تدفق مياه نهر الأردن إلى أكثر من النصف، كما استنزفت الأنهار التي تتدفق عبر تركيا، وسوريا، والعراق بنسبة تتراوح ما بين 50 إلى 90 %، كما إن 45 مليون إنسان في مصر معرضون للخطر خلال العقدين المقبلين بسبب ارتفاع مستويات البحر الأبيض المتوسط، وتمثل تلك التهديدات خطراً بعيد المدى على السلم والاستقرار في المنطقة.وكان الأمير الحسن بن طلال قد استقال، في وقت مبكر من هذا العام من رئاسة الهيئة الاستشارية للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون المياه والصرف الصحي، كي يتمكن من التركيز بشكل أفضل على الترويج لحلول عادلة ومستدامة للمياه والصرف الصحي عبر المنطقة كلها.وفي هذا الصدد قال الأمير الحسن بن طلال «يمثل النزاع الحالي في سوريا، والذي كان الجفاف طويل الأمد من ضمن أسبابه، إنذاراً لما سيحدث مستقبلاً من انهيار اجتماعي عبر المنطقة كلها، الأمر الذي يجب تجنبه بسرعة»، مضيفاً «علينا أن نتوقف عن التركيز على الأمن العسكري وحده، وأن نطور حلولاً بعيدة الأمد تعزز الأمن الإنساني للناس في المنطقة».من جانب آخر ألقى الأميــر الحســن بــن طلال قبل أيام الخطاب الرئيس بمؤتمر «الأيام الأمنية لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي والمتعلق بتحسين الأمن من خلال الدبلوماسية المائية»، المنعقد حالياً في فيينا بالنمسا، حيث أبلغ الحضور بأن «غياب الماء هو أكبر وأعظم أسلحة الدمار الشامل تأثيراً». وأضاف «قبل بضع سنين فقط، كان الأردن رابع أفقر دولة في المياه بالعالم، اليوم، وهو يكافح لمواجهة تدفق ما يتراوح بين 200 إلى 400 لاجئ سوري يومياً، فقــد أصبح الأردن ثالث أفقر دولة من ناحية الموارد المائية».واختتم حديثه بالقول: «علينا الابتعاد عن الحلول التي تعامل الناس وكأنهم أشياء، ويتعين علينا، بدلاً من ذلك، التركيز على حلول تمكن الناس وتجعلهم جزءاً من الحل، دعونا نتعاون فــي مجـال الميــاه، وسوف تكون تلك الخطوة الأولى من عديد من الخطوات التي ستنقل منطقتي، ومناطق في مختلف أنحاء العالم، من ميادين النزاعات إلى التعاون».