إن الحديث عن التطرف الديني لا يرتبط بديانة دون أخرى، فقد يغزو التطرف مختلفاً، إن لم يكن، كل الديانات، وقد يرتبط بأفراد ومصالح وأهداف وأجندات خارجية. ولأن الخطاب الديني يلعب دوراً كبيراً في التأثير على العامة، فإنه بالتالي يملك تأثيراً مباشراً على السلم الأهلي في البلدان المختلفة.ولكون الدين الإسلامي دين فطرة، فقد أوجدت هذه الفطرة التصاقاً كبيراً بين العامة ورجال الدين، الأمر الذي سمح لبعض رجال الدين أن يكون لهم تأثير كبير على أتباعهم، ويملكون مفاتيح الشرائح المجتمعية التي تتأثر بهم وبآرائهم. وعليه، تقع على عاتق رجال الدين أن يكونوا أهلاً لهذا الدور من خلال وعي وثقافة وطنية بالإضافة إلى البعد الديني.من هذا المنطلق، يملك الخطاب الديني أهمية عظيمة ودوراً كبيراً في نشر ثقافة السلم الأهلي، وحتى يتحقق السلم الأهلي على الخطاب الديني أن يكون ضمن تعاليم الدين الحقة بثوابت وطنية ومصلحة عامة مع تحليه بالاعتدال والوسطية وبقبول الرأي الآخر، وترسيخ قيم المواطنة، ونبذ العنف.كما إن المقومات التي يتسم بها الخطيب، يجب أن تتضمن الاعتدال والسماحة، والوعي والثقافة والفهم الحقيقي لتعاليم الدين، آخذاً بأن الاختلاف سنة كونية يجب ألا تهدد أمن واستقلال الأوطان وتقدمها، بل إن يوظف هذا الاختلاف لتطوير حياة المواطنين من خلال أدوات نقد بناء، وأن يضع مصلحة الوطن وأمنه واستقراره وتقدمه، أهدافاً وغايات يسعى إليها دائماً.إن مؤشرات المشاهد السياسية في بعض البلدان، تؤكد على الممارسات التي قامت بها بعض الفئات ساعية إلى تدمير بلد ما، والتي استخدمت الخطاب الديني لتحقيق أهدافهم، مدركة أهمية الخطاب الديني في التأثير على العامة، وفي اللعب على المشاعر الدينية التي تعد أقوى المشاعر التي يمكن أن تقود الشعوب إلى التأرجح بين الوهم والحقائق.ومن الأمثلة العديدة للتطرف الديني، لايزال العالم أجمع يستحضر ضحايا المجازر الصربية من البوسنيين المسلمين في مدينة سريبرينتسا، وحملات الإبادة المنظمة التي يقوم بها البوذيون ضد مسلمي بورما، وغيرها من المذابح.إن اختلال الخطاب الديني يفسد وجدان الشعوب، ويزعزع السلم الأهلي ويعرض الأوطان لمحنة قد لا تستطيع تجاوزها، لذلك يجب الحرص على اختيار الخطيب الصالح للحصول على الخطاب الصالح.معهد البحرين للتنمية السياسية