كتب - أحمد الجناحي:تشعر بمسؤولية الحفاظ على نقودهم وتشغل دور البنك المنزلي لأولادها لتتحكم بالإيرادات والمصروفات تحت بنود وشروط معينة تضمن فيها التصرف السليم لتلك النقود، الأم القلب الحاضن للأولاد ومشاكلهم وحتى مصروفاتهم، وفي العيد يجمع الأطفال مبلغاً من المال لا يتوافر له في الأيام العادية، وكثيراً ما تأخذ الأم العيدية من أولادها بحجة الحفاظ عليها من الضياع، وتقنعهم على مضض أنها ستشتري لهم كل ما يحبون، وكل ذلك خوفاً من أن يبددوها فيما لا يفيد.أم سعود تقول إن الأطفال ينفقون عياديهم في الأمور غير المفيدة كشراء الحلويات وبعض الألعاب من البرادات التي يفوق سعرها سعر الأسواق والمحلات التجارية الأخرى، «العيدية أحد السمات التي تعطي فرحة أخرى لفرحة العيد في قلوب الصغار، ولكي لا تكون العيدية مصدراً لسوء تصرف الطفل، على الأم أن تتحكم في صرف عيدية أطفالها، بجمعها لديها، وإعطائهم منها على قدر حاجتهم»، وتضيف «ومن المهم أن تعرف الأم أين ستصرف العيدية وعلى ماذا لتضمن حق أطفالها وتؤمن نقودهم».عبدالله أحمدي، 15 سنة، يرى أن العيدية عبارة عن مبلغ من المال يكون تحت تصرف صاحبه ليشتري ما لذ وطاب، وما يتمنى الحصول عليه، دون تدخل أي طرف من الأطراف، أو دون هيمنة العائلة على المبلغ بحجة الادخار للمستقبل، ويقول عبدالله إن والدته شديدة الحرص على جمع مبالغ العيدية التي يحصل عليها لتدخره عندها، للمستقبل، وعند الحاجة، «أمي تجمع العيدية التي نحصل عليها للمستقبل، وتمر السنين والأعوام ويأتي المستقبل ويصبح ماضياً دون أن نرى أي قطعة نقدية من العيدية، وعندما نطلبها تقول أمي، بأنها مازالت تحتفظ بها للمستقبل، وأن الأمر لا يستحق صرف العيدية الآن»، ويضيف عبدالله «في الفترة الأخيرة صراحةً، أعطي أمي فقط نصف العيدية التي أحصل عليها، وأحتفظ بالنصف الآخر دون علم أمي، فأنا في هذه الفترة لا أعمل، وبحاجة لهذه العيدية للخروج مع الأصدقاء، وحتى شراء بعض المستلزمات التي تخصني»، ولا يعتبر ذلك تمرداً، بل على العكس، يرى أنه يأخذ حقه الذي يشاركه الآخرون فيه.مريم النعار أم لخمسة أطفال تقول إن الكبار في العيد يحرصون على مشاركة الأطفال فرحتهم وبهجتهم فهم يعيشون فرحة مختلفة، تبدأ بحلول العيد وتنتهي بفرحة مختلفة تطرزها لهم العيدية، وتضيف «يحرص الأطفال على جمع العيدية التي يهبها لهم ذووهم وأقاربهم بهذه المناسبة الجميلة، التي من شأنها أن تلبي رغباتهم الترفيهية من شراء الحلويات والألعاب، ويفضل بعضهم ادخارها إلى آخر ويستثمرها في تحقيق متطلباته واحتياجاته»، وتشير النعار إلى ضرورة أن تكسب الأم طفلها بعض الأمور الإيجابية التي من شأنها أن تنمي عنده قيمة التوفير والادخار، وذلك عن طريق شراء حصالة لتوفير جزء من المال، وإظهار أهمية ادخار جزء من المال، فالقرش الأبيض ينفع لليوم الأسود، وتبين أنها من الأمهات اللاتي يضعن العيدية بيد أطفالهن وتترك لهم حرية التصرف بها، لتنمي عندهم الثقة وحسن التصرف، مع الإشراف المتواصل عليهم وعلى طريقة صرفهم العيدية، إلى جانب بعض التوجيهات الضرورية.موزة عبدالعزيز أم لبنتين وولد، تقول «في العيد شجعي طفلك على أن يدخر عيديته، ليتجمع لديه مبلغ من المال يشتري به ما يحتاج إليه من ألعاب وملابس، وحتى أجهزة إلكترونية، وكلما رأى الطفل صدق الكبار في وعودهم، بإعطائه حصيلة ما ادخر، اقتنع بالفكرة واستمر في تنفيذها»، وترى موزة أن العيدية لها العديد من الفوائد التي تسهم في تعليم الأطفال قيمة الادخار لشراء متطلباتهم والاستفادة من المال عند الحاجة، وتدرب الطفل على تحمل المسؤولية واكتساب بعض من الحرية من خلال نقوده التي يتصرف بها في حرية تامة ودون تدخل من الآخرين.خالد عبدالجليل شاب في المرحلة الإعدادية، يرى أن العيدية من حق الشاب دون تدخل أو تحكم الأهل فيها، وأن على الأهل توفير ما يحتاجه من ملابس ومستلزمات، «على الأهل توفير كل ما نحتاجه من ملابس ومستلزمات، لا أن يأخذوا العيدية والنقود التي نحصل عليها ليقوموا بواجباتهم الأسرية اتجاهنا على نفقتنا!!، هذا خطأ كبير تقوم به العائلة»، ويضيف «عن نفسي لا أعطي أسرتي النقود التي أحصل عليها، لأني أعلم بأني لن أراها مجدداً، ومن الممكن أن تصرف عيديتي على غيري، وأنا أحق من غيري بها».خبراء التربية لهم رأي أيضاً في موضوع العيدية، فهم يدعون الأمهات إلى السماح للأطفال بحرية التصرف مع الإرشاد اللطيف دون أخذها منهم، فالطفل لن يتعلم حسن الإنفاق، إلا بتجربة عملية.يشير الدكتور محمد عبدالنبي موجهاً كلامه للأسر بشكل عام وللأمهات بشكل مباشر «ارشدوا أطفالكم عن طريق النصيحة، واتركوا لهم حرية التصرف في الإنفاق والادخار ومصادر الإنفاق، بعد عقد اتفاق معهم بأن يتم صرف العيدية أو النقود بشكل سليم حسب نظرهم، وأن يبرروا لأنفسهم سبب صرف العيدية أو إنفاقها، مع ضرورة الإشراف البعيد على عملية الصرف، والتدخل إن لزم الأمر للحفاظ على المصلحة الكاملة»، ويضيف «شعور الطفل بالندم على شراء شيء ما، هو الذي سيجعله بعد ذلك منتبهاً ويعيد التفكير قبل التسرع في الاستجابة لمغريات التسوق».ويرى الدكتور أن معنى الادخار لا يستوعبه الأطفال في الوقت الحالي بسبب عدم إدراكهم لقيمة النقود التي يمتلكونها، ويشير الدكتور إلى أن اعتياد الآباء والأمهات على إعطاء النقود للطفل بصفة يومية يجعل الطفل يشعر أنه حصل على المال بسهولة دون عناء‏، ويعلمه التخلي السريع عما حصل عليه بشكل سريع وسهل، وهذا الأمر موجود في الطبيعة البشرية، والعكس صحيح فمن حق الطفل أن يحصل على المصروف اليومي من والديه ولكن يجب أن يتزامن ذلك مع توعية الطفل بأهمية المال والحصول عليه بطرق مشروعة وضرورية أن ينفق في أمور مشروعة حتى لا يتعود الطفل على الحصول على المال بطرق غير مشروعة كالسرقة إذا منعت الأسرة عنه المصروف.المستشار الأسري عبدالرحمن الجبر يبين أن العيدية تنمي قدرة الطفل على التصرف وأخذ القرارات فيما يمتلك من نقود، وتمكنه من تأديب نفسه على تصريف أموره المادية، ويرى المستشار أن على الأم الابتعاد قليلاً عن دور البنك المنزلي الذي يتحكم فيه بشكل جائر بنقود وعيادي الأطفال، مما يدفعهم للتمرد، وأن تمنحهم فرصة خوض هذه التجربة، وأن تركز أكثر على التقييم ليستفيد الطفل من تجاربه من خلال تقييم الكبار لأوجه إنفاقه النقود واكتشاف الخطأ وتصويبه، ويبين المستشار أن على الآباء مشاركة أبنائهم تخطيط إنفاق العيادي بشرط أن يكون القرار الأخير للطفل حتى يحقق رغباته، مشيراً إلى أهمية تجنب التعليمات الصارمة والتسلط، واستبدال ذلك بالحوار الإرشادي الهادف.