كتب – أحمد الجناحي: لا يمكن قراءة عرض مسرحية «أروح لمين» الذي قدمه مسرح البيادر مساء الجمعة بمسرح الصالة الثقافية، بعيداً عن كل ما يحيط بالعرض على الساحة السياسية والاجتماعية بالبحرين.مشكلة الإسكان العجوز طرحها العرض مجدداً بمثل المشاكل القديمة ذاتها، تاركاً للجمهور حق التساؤل الذاتي في نفسه، «القضية تطرح للمرة المليون، أفشتها كثير من العروض وكتبت عنها الكثير من الأقلام الحرة، وتناولتها برامج التلفزيون والإذاعة المختلفة، وبقيت المشكلة بمثل تفاصيلها القديمة قائمة حتى هذا اليوم دون حل للإجراءات الروتينية المعقدة، والأخطاء الفادحة، التي هي سبب رئيس في مشكلة الإسكان ناهيك عن المشاكل الأخرى التي تدخل المواطن في دوامة لا يخرج منها إلا بعد وفاته»، لتثبت المشكلة مجدداً أنها أصبحت امرأة عجوز تحدث الجميع بعرضها منذ الصغر دون أن يجدوا لها حلاً يسترها.وقدم العرض إسقاطاً مباشراً على الظروف السياسية بالمملكة، مسلطاً الضوء على النواب البرلمانيين والبلديين، الذين اتهمهم بالتسيب، وخدمة مصالحهم ومصالح ذويهم الشخصية، والسفر للاستجمام تاركين منتخبيهم في صراع مع المشاكل المختلفة والمتعددة. وانتقد العرض صراحةً النواب المهتمين بالظهور الإعلامي والتصريحات الفضفاضة عبر وسائل الإعلام دون أن يطبقوا نصف ما يقولونه على أرض الواقع، موجهين رسالتهم إلى الجماهير معلنين فيها أهمية وضرورة اختيار النائب بالشكل الأمثل والصحيح، وعدم الانجراف خلف البرامج الانتخابية الملونة، خصوصاً وأن المملكة تستعد لاستقبال مهرجان الانتخابات النيابية والبلدية.بدا العرض فنياً مقسوماً لعدة أقسام مختلفة، قضايا إسكانية اجتماعية وقضايا برلمانية سياسية، إلى جانب مشكلة قروض الزواج التي تصرف على الكماليات وتغرق الزوج قبل أن يوفر الضروريات، وتسيب الموظفين في الوزارات والمؤسسات، والواسطة، وغيرها من القضايا الأخرى المطروحة في حوار الممثلين، مفتقراً لأسلوب المعالجة المسرحي في القضايا المطروحة، ليترك العرض بذلك حزمة من الخيوط والمشاكل المترابطة دفعة واحدة، كونت عقداً يصعب حله وتفكيكه.أغنية لمسلسل نيران التراثي بدأ فيها العرض، واستخدم إعادة تمثيل إعلانات شهر رمضان المبارك التلفزيونية كفواصل فنية تكسر الجمود وتأخذ الجمهور لمنعطف آخر قبل أن تعود به للقضية الأم أثناء العرض، كان هذا التفسير الوحيد لوجودها، كونها لا ترتبط بالعرض ومحتواه إطلاقاً، إلا أنها نجحت حقيقةً في خلق مزيد من أجواء الضحك في مدرجات الجمهور.استخدم العرض ديكورات وأضواء بسيطة خدمت العرض، إلا أن مشكلة الصوت عانى منها الجمهور الذي كان جزءاً من العرض في آخر المدرجات.وبذلك يسجل العرض علامة إيجابية في تاريخ العمل المسرحي بالبحرين، بـ«الطقات» الشبابية المبدعة التي حملت العرض على أكتافها وكانت سبباً رئيساً لنجاحه، كان في التمثيل كل من أحمد شريف، محمد حسن، محمد بوكمال، البسام علي، عبدالله الدرزي، محمد صقر، أحمد رشيد، وفي الطاقم الفني كل من عبدالله علي مدير الإنتاج، يوسف حسن نائب الإنتاج ورئيس اللجنة الإعلامية، عبدالله الدرزي مساعد المخرج والمكياج، فيصل آل محمود مساعد الإنتاج، يحيى العمادي التصميم والجرفيكس، وأحمد جاسم الإضاءة وأحمد حسن الصوت والمؤثرات، سعود مرزوق الديكور.الفنان البحريني عبدالله ملك اعتبر المسرحية هدية جميلة قدمها مسرح البيادر للجمهور المتعطش في رأيه لمثل هذه الأعمال الخفيفة التي تناقش قضايا الناس. وعن القضية قال الفنان «قضية الإسكان قضية مستهلكة، وهذا النوع من العرض اعتدنا عليه، لكن الشباب كان لهم حضورهم الذي ميز عرضاً من إسقاطات وخفة دم تقبلها الجمهور واستقبلها بألوان من الضحك المختلفة، وتمنيت لو كان هناك تعمق أكبر في مشهد النواب، حتى تصبح المسرحية أعمق فكرياً، لكن المسرحية جميلة والشباب في البيادر قاموا بأداء مميز».مخرج العمل عادل جوهر، قال إن العرض تناول عدة مواضيع وقضايا، لكنه ركز على قضية الإسكان بشكل رئيس «الإسقاط المباشر للروتين المتكرر والممل في جميع الوزارات، وأكثر وزارة فيها من الروتين الممل هي وزارة الإسكان، أريد أن تصل رسالتنا للجميع، وخصوصاً المسؤولين ليخففوا ويحدوا من هذه الإجراءات والأخطاء المتكررة التي تعطل مصالح المواطن، لأن البيت أساس كل مواطن، وإذا ما وجد البيت وجدت العائلة».وقال الفنان أحمد شريف «كان دوري هو دور شاب في مقتبل العمر، موظف راتبه أقل من 600 دينار، ظروفه المادية لا تسمح له بالزواج، إلا بتوافر المنزل، لتبدأ رحلته مع وزارة الإسكان غير المنتهية، لتكون النهاية واقعية، فلا أحصل على بيت إسكان الذي أحلم فيه من أجل الزواج.. ونحاول الاقتداء بالدول الخليجية الأخرى، بأن توضع قوانين مثلهم بأن يحصل المواطن على بيت إسكان خلال سنتين من طلب التقديم، ونحن نطمح إلى ذلك وما من مستحيل».الفنان البسام علي، جسد أكثر من دور في المسرحية وكان دوره الرئيس «نائباً برلمانياً»، وأشار إلى أن خبرته المسرحية رغم بساطتها مكنته من الانتقال السلس والسهل بين أدوار مختلفة، معتبراً المسرح فناً لشخصيات متعددة.وعلق عبدالله أحمد أحد مشاهدي العرض «التنظيم جميل والمسرحية قريبة من الجمهور والفرد البحريني وتلامس واقعه، ومشكلة الإسكان تمسني وتمس 90% من الشباب البحريني». ورأى محمد سيادي أن العرض جميل جداً، استطاع أن يمزج بين الكوميديا والقيم والواقع، من خلال مشاكل وهموم المواطنين في البلد.