كتبت – مروة العسيري:قال مواطنون أن انخراط رجال الدين بالسياسة، أفقدهم هيبتهم وموقعهم الروحي، مشترطين لدخول رجال الدين السلطة التشريعية، أن يكون الخطيب أو إمام المسجد على دراية ووعي تام بحرفية التعامل مع أدوات البرلمان الدستورية للتشريع والرقابة.وقال خالد يوسف: كمواطن لا أريد رجل دين مرتبط بالسياسة، وأمانع منعاً باتاً انخراط رجال الدين في العمل السياسي أو العمل البرلماني، فإن لرجل الدين مكانته وهيبته بين الناس لما يلم به من علم جليل ولكن عندما يضع نفسه في موقع سياسي يتعرض للنقد وللتطاول من قبل البعض وهذا مالا يتناسب مع مكانة رجل الدين العلمية. ولفت يوسف إلى أن المواطنين يحتاجون رجال الدين لمواعظهم وحلقات الذكر والاستفادة الروحانية منها، وانشغال كثير من رجال الدين في الأمور السياسية قلل هذه الجلسات التي تنفع المواطنين في مساءل الحلال والحرام والدروس الدينية المفيدة الأخرى. وأضاف ان أي سياسي يكون عرضه للانتقاد والتقييم وهذا ما يؤثر على صورة رجل الدين التي كانت راسخة في عقولنا من الصغر، كما أن وصول عدد من رجال الدين وأئمة المساجد إلى قبة البرلمان لم تضيف شي جديد، ولم يقوموا بعمل مغاير عن زملائهم الباقين من النواب، بل بالعكس قد تكون هناك قوانين مهمة تتعطل بسبب التشدد في العقيدة. وبين ان السياسية عملية تتداخل فيها الوعود والتفاوض والتنازلات في بعض الأحيان وهذا ما يتعارض مع هيبة وشكل وصورة رجل الدين العامة التي تعارف عليها الناس، ورجل الدين بانخراطه غير المدروس بالسياسة، يؤثر على موازين الحكم عند المواطنين وعامة الناس الذين يستمعون إلى خطب هذا الرجل من فوق المنابر وهذا ما يجر البلاد والعباد للتهلكة وهو من أخطر الأمور، فالعقيدة والديانة أمر مسلم به وما يقوله ممثل هذه العقيدة في بعض الأحيان وعند كثير من الناس يكون أمراً مسلماً به. من جهته قال إبراهيم الدوي ان رجال الدين وجودهم في المجلس التشريعي مهم، إلا أن عدد الواصلين للمجلس لا يجب أن يكون كثيراً، فالمجلس التشريعي بحاجة لعدة تخصصات أهمها التخصصات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لافتاً إلى أن هناك مناصب في الدولة تتطلب وجود رجال شريعة إسلامية واصحاب العلم للاستفادة من خبراتهم. وأكد الدوي أن البحرين بحاجة إلى مشرعين متخصصين ومن مختلف المجالات من أجل إثراء العمل التشريعي وسن أنظمة وقوانين تكون متناسبة مع تطورات الحياة، مبيناً أن قدرة المحترف السياسي تختلف عن إمام المسجد في استخدام الأدوات الدستورية كالاستجواب على سبيل المثال. وأضاف أن ذلك ليس انتقاصاً من قدرة وكفاءة رجال الدين، لكن الأحرى بمعظم رجال الدين الابتعاد عن العمل السياسي البحت لكي لا تتضارب الأفكار اتجاههم وتتشوه الصورة العامة في ذهن الرأي العام. في السياق نفسه أوضح الشيخ د.جاسم السعيدي شرح أن هناك نوعين من علماء الدين وطلبة العلم الذين ينخرطون في السياسة، النوع الأول هو الغالب الذين يفقدون التوازن بين عملهم الدعوي وبين العمل السياسي وقليل منهم جداً من يستطيع الثبات على مبادئه.ولفت السعيدي إلى تجربة دولة الكويت الشقيقة، التي سبقت البحرين بالديمقراطية، مبينا أن رجال الدين عندما انخرطوا في العمل السياسي ابتعدوا عن عملهم الشرعي وأصبحت بعد ذلك العديد من المشاكل خصوصاً عند التأثر بالتيارات الموجودة ومحاولات تحقيق أهداف أجندات هذه التيارات.وقال السعيدي إن ارتباط الشرع بالتشريع أمر مهم، فدين الدولة هو الإسلام، وبحكم علمه الديني فإنه يرى أن العمل السياسي لا يشغل العالم عن بحوثه ودراسته، مشيراً إلى أنه شخصياً ألف كتابين بعد دخوله المعترك السياسي بل أنه وصل إلى ما بعد البحرين من خلال المشاركات البرلمانية ومن خلال العمل السياسي وتعرف عليه العديد من الناس الذين أصبحوا متابعين لخطبه المنبرية بشكل منتظم من خارج البحرين وعن طريق مواقع التواصل الاجتماعي.ورفض السعيدي أن يبجل عالم الدين بطريقة مبالغ فيها، فالتقدير لكبير السن ولصاحب العلم والفضيلة مهم إلا أنه المغالاة في التعامل المبجل أمر غير محبب، مشيراً إلى أن رجل الدين والرجل السياسي هما في محل انتقاد ويجب انتقادهم لكي يصلحوا من أحوالهم، وإنما تبجيل رجل الدين وعدم انتقاده فهذا أمر غير مقبول، وهو شخصياً يتقبل الانتقاد من طلبة العلم الذين يأخذون دروساً عنده أو من أي مواطن ينتقد عمله السياسي.وبين السعيدي أن القوانين الوضعية تحتاج إلى تثبيت وتقويم عن طريق الشريعة الإسلامية، لذلك وجود رجال الدين المحنكين في المجالس التشريعية أمر مهم، «تقع على عاتقي مسؤولية دينية ووطنية لا أستطيع التغافل عنها أو تركها».