ضجت الأوساط المحلية في الأيام الماضية، بقضية منع بعض خطباء المساجد من الخطابة، ما أثار حفيظة البعض بينما أيده البعض الآخر.لست هنا اليوم لأفتي في جواز وقانونية القرار، بل لأكتب بصفة شخصية عما نحتاج إليه في منابر الجمعة، فمنذ الأزمة الأخيرة لاحظنا العديد من خطباء الجمعة يسيسون منابرهم، حتى باتت وكأنها خطبة قائد فصيل يستنهض عزائم الجنود لدحر الأعداء، فكل جانب يحرض المصلين خلفه على عداوة الآخر، وكأننا لسنا جميعاً في نفس القارب كمسلمين تجمعنا قضايا واحدة وهموم متشابهة.استغل العديد من المتطرفين هذه المنابر لبث الكراهية من مكون للمجتمع ضد مكون آخر، متناسياً أن من يصفونهم بأبشع الصفات ويكيلون لهم التهم، ليسوا سوى زملاء لهم في العمل أو جيران، وفي كثير من الحالات يرتبطون بعلاقات دم أو مصاهرة.طالما كان المجتمع البحريني متداخلاً ومتجانساً مع بعضه، فكيف يأتي اليوم من يحاول تقسيمه؟ لا أستطيع غض البصر عن أولئك المحرضين للمصلين على ولاة الأمر بحجج واهية وأعذار تافهة، متناسين وهم رجال الدين حديث الرسول في خطبة حجة الوداع «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم».نرجو من الله أن تلتم صفوفنا وشملنا ويأتي من يزيد التقسيم تقسيماً، لطالما كنا أمة وسطاً وكان الدين النصيحة ولا يجوز التهديد والوعيد والتطرف، وقال الله عز وجل مخاطباً الرسول الأمي «لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك».عهدنا من رسولنا الكريم اللطف والسماحة وإفشاء السلام، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، فكم أستغرب اللهجة الشديدة المصطبغة بالدموية والترهيب والتكفير والتلعين من على المنابر، تاركين أسلوب الترغيب والتحبيب والمهادنة، وقال رسول الله «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته».يا عباد الله اتقوا الله في خطبكم، فكل من أتى ليسمع خطبكم اتخذ منكم مثالاً أعلى له يستمع إليه، ويجد في حروفكم الصدق والعظة، كما لا أبخس في هذا المقام حق العديد من الخطباء الأجلاء التي تزخر وتعج بهم البحرين، ممن تلتمس في خطبهم راحة الفؤاد من فوائد وعظة وترغيب إلى ما يحبه الله ومناصحة في الابتعاد عما يبغضه الرحمن.وفي آخر سطوري تمر أمامي كلمات الشيخ الجليل الشعراوي عندما قال «أتمنى أن يصل أهل السياسة إلى الدين، لا أن يصل أهل الدين إلى السياسة».بدور عدنان