كتب – جعفر الديري: يكشف التراث عن أدوار مهمة للمرأة البحرنيية، ماتزال تقوم بها بنشاط وفاعلية، رغم أن الأعمال الدرامية التراثية أعطت صورة ذهنية سلبية عن أدوارها، ولم تعكس المهن التي زاولتها قديماً. إن المرأة البحرينية التي خضعت قديماً لثنائية غرائبية؛ فهي تابعة لا رأي لها أمام الرجل وهي أيضاً امرأة فاعلة في بيتها؛ اكتسبت مكانة كبيرة بفعل قدرتها على التعايش مع الأوضاع الصعبة قديماً وحديثاً، حتى إذا دخل التعليم النظامي للبحرين مبكراً؛ أعلن عن امرأة متميزة على نساء الخليج، حققت إنجازاً كبيراً حين صوتت في الانتخابات البلدية مبكراً، وشاركت في العملية الديمقراطية بحماس كبير، فما أن فتحت الدولة باب الترشح للانتخابات النيابية والبلدية، حتى شهد المجتمع البحريني زيادة مضطردة في أعداد النساء المترشحات للبرلمان. وإذا كانت الدولة أيدت حق المرأة في الحماية الأسرية وثبتته في الدستور، وإذا كان قانون العمل البحريني ساوى في كثير من مواده بين الجنسين، فكيف هي صورة المرأة البحرينية اليوم، مقارنة بما بدت عليه في التراث؟!. تقول الكاتبة شيماء الوطني إن التراث البحريني والمجتمع البحريني متفاوت في نظرته بالنسبة للمرأة، وأعتقد أن ذلك يعود لدرجة الوعي، البعض كان يراها تابعة للرجل في العائلة والبعض الآخر يراها قادرة على تحمل المسؤولية والمشاركة في المجتمع، إذن صورة المرأة تتفاوت بين الأمس واليوم، حسب المواقف، فهناك أمور ترفع من قدر المرأة وأخرى تحط من قدرها.وتضيف الوطني: في القصص التراثية سواء الخرافية منها أو الحقيقية لم يقتصر عمل المرأة على البيت فقط، وإذا قرأت كتاب مريم للروائي حسين المحروس، وهو بمثابة سيرة، ستجد أن المرأة عملت حتى في السقاية وحمل الماء للبيوت.صورة نمطية بدورها تدعو النائبة سوسن تقوي؛ الباحثين والمهتمين، لتغيير الصورة النمطية للمرأة البحرينية، وتبيان دورها القيادي خلال الحقب المختلقة التي مرت بها البحرين، لافتة إلى أن ما يعرف شعبياً بجلسات الثرثرة في «شاي الضحى» لا يعكس واقعا حقيقا شاملا عاشته الأسرة البحرينية في العقود الماضية.وتضيف تقوي ان صورة المرأة في التراث البحريني عكست صلابة الأم البحرينية في مواجهة التحديات ومؤازرتها لزوجها للتصدي للتحديات وترجمت صدق الزوجة الصالحة التي تلتف حول أسرتها وتنذر حياتها من أجل أولادها وبناتها وربما تكون الابنة هي الضحية البارزة في الأعوام الماضية بسبب محدودية التعليم في العقود السابقة لانطلاق التعليم النظامي في البحرين.وتلفت إلى أن بعض الأعمال الدرامية التراثية أعطت صورة ذهنية سلبية عن دور المرأة من خلال قصر نشاطها في العقود الماضية على التفرغ لما نعرفه شعبياً بجلسات الثرثرة في «شاي الضحى»، مشيرة إلى أن ذلك وإن كان صحيحاً ويشمل شريحة معينة ومازال؛ إلا أنه ليس انعكاساً حقيقياً شاملاً لواقع عاشته الأسرة البحرينية في العقود الماضية، حيث يجري تغافل الدور الكبير للمرأة في فترة غياب العائل الرئيس بموسم الغوص مثلاً وتقوم هي بدور الأب والأم وما يعنيه ذلك من مسؤوليات كبيرة على كاهلها وسط الظروف الصعبة بتلك المرحلة في تاريخ البحرين.وتتابع تقوي أن المرأة البحرينية انخرطت في مهن صعبة في الزمن القديم وذلك بسبب صعوبة الحياة ومن أجل توفير لقمة العيـــش وذلـــك غيــــر منعـــكس بشكــــل كبير في الأعمال التراثية ســواء المسموعــة أو المرئيــة أو المكتوبة.وتحث تقوي الباحثين والمهتمين بشؤون التراث على ضرورة السعي الجاد من أجل تنوير المجتمع بالدور الرائد للمرأة البحرينية من خلال استكمال دورهم المشكور والمقدّر بحمل أمانة التراث البحريني وتوعية المجتمع به خصوصاً الأجيال الجديدة التي نحن في حاجة لأن تكون ملمة ومطلعة على تراث بلادها الغني بالعادات والتقاليد والعبر، خصوصاً القصص التي تعزز من وحدة الوطن وتماسك شعبه.بين الخير والشر أما الشاعرة هنادي الجودر، فتجد أن صورة المرأة في الموروث الشعبي البحريني، كانت تتراوح بين الخير والشر، فكانت دائما هناك صورة المرأة الخيرة سواء كانت بنتاً أو زوجة أو اختاً، المدبرة التي تصون زوجها أو أخوها في غيابه بينما لابد وأن يقابلها الصورة النقيضة التي تمثلها زوجة الأب أو أخت الزوج أو أمه، والتي تتفنن في حياكة المكائد والدسائس والكذب والخداع، أيضاً برزت صورة المرأة الفارسة المقدامة الأبية وهي ليس ببعيدة عن واقعنا، وفي رأيي صورة متوازنة للمرأة وتحكي صميم الواقع. وتشير الجودر إلى تشابه صورة المرأة في دول الخليج والوطن العربي بمسميات مختلفة وبشكل يتلاءم مع طبيعة كل بيئة وخصوصيتها، إذ لا تختلف كثيراً عن بعضها في العمق، فتراثنا نحن الدول العربية متقارب جداً ومتشابه إلى حد كبير. وتضيف الجودر: لعبت المرأة في التراث القديم والجديد؛ دوراً هاماً في الحياة العملية بجانب وظيفتها الرئيسة كربة بيت وقائمة على رعاية النشأ. مارست التجارة (البيع والشراء) بالطرق البسيطة ومارست الرعي والزراعة وصيد الأسماك بالطرق البسيطة والسهلة كل حسب بيئتها. وكان لها دور في الحياكة وأنواع التطريز التي تختلف مسمياتها باختلاف البيئة. وفي التراث برزت مهنة المشاطة وهي من المهن المهمة التي كانت تقوم بها بعض النساء. وقامت بدور القابلة والمساده (المراخة) والمعالجة .إلخ وهي صور لوظائف استمرت وتواصلت للتراث الحديث بأشكال مختلفة ومتطورة وأسماء مغايـــرة.. مع استحداث وظائف جديدة لامرأة تتناسب مع طبيعة الوقت ومتغيراته. وترى الجودر أن صورة المرأة اليوم أحسن في جوانب تتمثل في استقلاليتها وقدرتها على تحقيق ذاتها وطموحاتها، واعتمادها على نفسها واستقلال شخصيتها، لكن صورة الأمس كانت أفضل من حيث الحفاط على كرامة المرأة ببقائها في بيتها ووضع الأمور في نصابها الصحيح، فالرجل هو المسؤول عن نفقات البيت والعمل خارجه، والمرأة هي المسؤولة عن إدارته من الداخل.
ناشطات: المرأة البحرينية في التراث فاعلة واقعاً تابعة رأياً
22 أغسطس 2014