روي عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن «أهل مكة قالوا: «يا محمد! ألا يخبرك ربك بالسعر الرخيص قبل أن يغلو، فتشتري عند الغلاء، وبالأرض التي تريد أن تجدب، فترتحل منها إلى التي قد أخصبت»، فأنزل الله تعالى: «قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون»». وفي هذا الصدد قال العلماء إن «هذه الآية من أعظم أصول الدين، وقواعد عقائده، ببيانها لحقيقة الرسالة، والفصل بينها وبين الربوبية والألوهية، وهدمها لقواعد الشرك، ومباني الوثنية من أساسها. وقد سبقت الآية الكريمة بآية تبين أن الله تعالى أمر خاتم رسله أن يجيب السائلين له عن الساعة بأن علمها عند الله تعالى وحده، وأمرها بيده وحده، وأمره في هذه أن يبين للناس أن كل الأمور بيد الله تعالى وحده، وأن علم الغيب كله عنده، ذلك أن الذين كانوا يسألون الرسول عن «الساعة»، كانوا يظنون أن منصب الرسالة قد يقتضي علم الساعة، وغيرها من علم «الغيب»، وربما كان يظن البعض أن الرسول قد يقدر على جلب «النفع»، ومنع «الضر»، فأمره الله تعالى أن يبين للناس أن وظيفة الرسول التعليم والإرشاد، لا الخلق والإيجاد، وأنه لا يعلم من «الغيب» إلا ما يتعلق بذلك مما علمه الله بوحيه، وأنه فيما عدا تبليغ الوحي عن الله تعالى بشرٌ كسائر الناس».