في ليلة تلألأت فيها السماء بالنجوم.. جلس شبان كوسوفيون على مقاعد إلى جانب سياح في ساحة مطلة على نهر بستريكا الذي يقطع مدينة بريزرين بينما أخذت خفافيش تتطاير فوق رؤوسهم في ضوء القمر.وأخذ آخرون يدلون أرجلهم من فوق جدران صخرية على ضفة النهر حيث اجتذبهم جميعاً العرض الأحدث في مهرجان دوكوفست الدولي للأفلام الوثائقية والقصيرة الذي وضع كوسوفو على الخريطة الثقافية العالمية بعد 13 عاماً على انطلاقه.وشاهد فيتون نوركولاري المدير المبدع للمهرجان المشاركين من جميع أنحاء العالم وهم يصطفون لتناول الكباب والخبز مع زجاجة من الجعة «البيرة» المحلية. وتغص بريزرين -وهي مركز تجاري ومفترق طرق ثقافي عمره مئات السنين- بالمشاركين في المهرجان.ويقول منظمو المهرجان إنهم باعوا العام الماضي اكثر من عشرة آلاف تذكرة لزوار المهرجان لكن العدد في تزايد هذا العام. وحوالي 40% من زوار المهرجان أجانب.وعلى مدى 15 عاماً كافحت الدولة الصغيرة المساحة التي لا تطل على بحار لتغيير صورتها كبلد مزقته الحروب والجرائم واشتهر في الغرب بانه كان ساحة لحرب حلف شمال الأطلسي في 1999 ضد صربيا لإنقاذ السكان ذوي الأصول الألبانية من عمليات تطهير عرقي.وينتمي منظمو ومتطوعو المهرجان لجيل الشبان من مستخدمي الإنترنت الذين يحاولون تغيير المفاهيم وإرساء مشهد ثقافي افتقر كثيراً للاهتمام الرسمي والدعم المالي.ومنذ انطلاقه في 2002 أصبح مهرجان دوكوفست الحدث الثقافي الأكبر في كوسوفو ومقصداً للأجانب لاكتشاف منطقة البلقان. وثمة أصداء واضحة لمهرجان سراييفو السينمائي الذي نما بين أنقاض العاصمة البوسنية ليصبح أحد أبرز الأحداث السينمائية في أوروبا.واختير أكثر من 230 فيلماً وثائقياً من بين 2400 فيلم قدمت لدورة مهرجان دوكوفست هذا العام.وعلى مدار أكثر من أسبوع استحوذ المهرجان على مظاهر الحياة في مدينة بريزيرن من خلال سبع دور للسينما منها أربع مقامة في الهواء الطلق بين مساجد وكنائس المدينة بما يشهد على إرثها الثري.ووضعت شاشة عرض أعلى حصن يعود إلى العصور الوسطى وأخرى في ميدان قرب مسجد سنان باشا الذي بني في العهد العثماني في القرن السابع عشر.ولحلف شمال الأطلسي حوالي خمسة آلاف جندي في كوسوفو التي يبلغ عدد سكانها 1.8 مليون نسمة.وقال نوركولاري «نحاول أن نقول للناس إن كوسوفو مكان أكثر أمناً وغالبية الناس يقتنعون عندما يأتوا هنا».واتفقت معه في الرأي تشارلوت كوك مدير البرامج في مهرجان «هوتدوكس» للأفلام الوثائقية وهو الأكبر في أمريكا الشمالية وعضو لجنة التحكيم في مهرجان دوكوفست.وقالت كوك «يعرف الناس الصراعات التي حدثت هنا وهناك الكثير من المعلومات الخاطئة عن المنطقة وعن كوسوفو».