كتبت - عايدة البلوشي: «مال البخيل ياكله العيار» مثل شعبي قديم، يصف حال البخلاء، ويدل على النظرة الدونية لمن يتصف بالبخل، حيث التأثير السلبي لهذا السلوك على الأقربين والأبعدين. تقول مروة عبدالله إن البخل طبع في بعض الناس بغض النظر عن وضعه المادي أو المعيشي، فهناك أشخاص ظروفهم المادية جيدة جداً إلا أنهم بخلاء، وفي المقابل أسر وضعهم المادي ضعيف ولكنهم لا يبخلون على أنفسهم.وتضيف أن البخل صفة أو سلوك غير مقبول في المجتمعات، وكما هو معروف أصبحت الأسر تحب المظاهر والإسراف على نفسها، فتجدها تشتري الكماليات وكأنها من أساسيات الحياة وتسافر إلى العديد من الدول إلخ.. وتروي نادية «أعاني من هذه المشكلة، حيث إنني أعيش في بيت والد زوجي، وأم زوجي حريصة في كل شيء.. تحاسب على كل شيء بدرجة كبيرة سواء في المأكل والمشرب أوالملبس، في الأعياد لابد أن تسأل عن عدد بدلات الأطفال، وعندما تعلم بأنني اشتريت ما لا أحتاجه أو إضافة على ملابس الأطفال وحاجاتهم، فيبدأ الموال «تحن» وتقول «ما كان له داعي.. الكبت متروس»، «بيكبرون اليهال وبترمين الملابس».. وتضيف: ربما يرى الناس بأن صفة البخل أمر عادي لكن في الواقع تؤدي إلى مشاكل كثيرة في مقدمتها -وعلى الصعيد الشخصي- فإنها تخلق مشاكل وخلافات بيني وبين زوجي، رغم أن ما أشتريه من راتبي في كثير من الأحيان، إلا أنها تصف كل ما أشتريه بالتبذير والإسراف! وتتحدث وفاء رشيد عن أحد أقاربها، «تعيش إحدى قريباتي مع زوج بخيل نوعاً ما ولا عذر له في ذلك، فهو إنسان مقتدر يعمل بإحدى الشركات وحالته المادية جيدة جداً، إلا أنه يبخل في توفير الكماليات لأبنائه بحجة أنها كماليات ولا يحتاجها الأبناء والأم (قريبتي) تعاني كثيراً من هذا الأمر، فأبناؤها صغار عندما يرون ما يملكونه أبناء خالاتهم يريدون مثلهم (ألعاب، هاتف، آيباد إلخ) إلا أن زوجها يرفض بأن يوفر كل ذلك رغم أنه يستطع توفيرها.وتؤكد أن الإنسان المقتدر الذي يبخل على أبنائه، حتماً لن تبقى نقوده له (فمال البخيل ما ياكله إلا العيار) ستذهب لعلاج أو لسداد ديون أو حاجة أخرى، بالتالي يجب أن نعمل بمقولة (اصرف ما في الجيب يأتيك مافي الغيب) خصوصاً للإنسان المقتدر.من جانبه لا يعتبر رئيس قسم علم النفس بجامعة البحرين د.شمسان المناعي، البخل مرضاً، إنما هو اضطراب في شخصية الفرد وسلوكه، يعود إلى بناء شخصيته وتنشئته الاجتماعية. يقول المناعي إن البخل يرجع إلى امتداد الفرد أي التنشئة الاجتماعية التي تلقاها في الطفولة، فأصبحت صفة مستمرة عكسها على أسرته في ما بعد، لكن لا نستطيع القول بأنها صفة وراثية إنما صفة مكتسبة أو قد يكون بعض الآباء يريدون السيطرة على الأسرة فيجعل كل ميزانية الأسرة لديه ليتحكم فيها، وأيضاً البخل يرجع إلى اتجاهات الشخص (اتجاهاته الشخصية)، مثلاً لا يحب الخروج إلى المطاعم ويعتبره إسرافاً، بالتالي هذا يعتمد على اتجاهاته الشخصية. ويضيف: ربما يتصف شخص بالكرم وآخر بالعقلانية وثالث بالبخل فهي صفات تكون موجودة في الشخص نتيجة التنشئة الاجتماعية، لكن للبخل تأثير حتماً على واقع الأسرة، فإن كان الأب يتصف بهذه الصفة، فحتماً تكون التأثيرات على الأبناء والزوجة خصوصاً في هذا العصر الذي ازدادت فيه الاحتياجات ومتطلبات الحياة المعيشية، فالأم (الزوجة) تهتم بالمنزل من حيث شراء أثاث جديد وإكسسوارات والأبناء أيضاً لهم احتياجاتهم (الملابس، ترفيه ..إلخ)، علاوة على ذلك فإن العصر الحالي يهتم بالمظاهر كثيراً والتقليد، فالأبناء على سبيل المثال لهم اهتماماتهم في الجانب الترفيهي كالذهاب إلى المجمعات والحدائق والسفر بالتالي كل ذلك يحتاج إلى ميزانية. ويدعو المناعي للوسطية كما حثنا ديننا الإسلامي، فإن هناك من يوصف بالبخل مقابل أشخاص يتصفون بالإسراف والتبذير، وكلا الصفتين غير محببتين في الإسلام.