بعد أسابيع من إصابته بغارة إسرائيلية تسببت بفقدانه ذراعه اليسرى وقتلت أربعة من أفراد عائلته، مازال أحمد عياد «23 عاماً» على غرار آلاف المصابين الآخرين في قطاع غزة بحاجة لرعاية طبية طويلة الأمد.وتعاني العديد من المؤسسات المسؤولة عن إعادة التأهيل في قطاع غزة صعوبات في التأقلم بعد انتهاء حرب إسرائيلية مدمرة لخمسين يوماً. وتقول أرقام صادرة عن الأمم المتحدة أن أكثر من 10 آلاف فلسطيني أصيبوا في الحرب مع أكثر من ألف سيعانون من إعاقة دائمة.ويتذكر عياد وهو يجلس في غرفة الانتظار في المركز الوحيد للأطراف الصناعية في القطاع الفقير اليوم الذي إصابته فيه شظية في صدره وذراعه اليسرى، التي أصبحت مبتورة من فوق الكوع.ويقول «بدأ القصف وقت صلاة الفجر في مناطق بعيدة ولكننا سمعنا الصوت يقترب منا في الساعة السادسة صباحاً واضطررنا لمغادرة منازلنا».وبدأت إسرائيل في 8 من يوليو الماضي عملية عسكرية ضد قطاع غزة قتلت 2143 فلسطينياً وأدت إلى إصابة 11 ألفاً آخرين بالإضافة إلى تشريد نحو نصف مليون من سكان غزة.وقصف حي الشجاعية حيث أصيب عياد في العشرين من يوليو الماضي بينما كان يقف مع عائلته وعشرات من جيرانه على بعد 50 متراً من منزلهم عندما تعرض للقصف مما أدى إلى مقتل اثنين من أبناء أخوته وشخصين آخرين من أقربائه غير المباشرين.وأضاف «أصبت في يدي ورجلي وصدري وغبت عن الوعي لفترة. كانت هناك أشلاء حولي وناس خسروا أطرافهم».ونقل عياد إلى مدينة نابلس شمال الضفة الغربية حيث بترت ذراعه. وعلى عكس العديد من المصابين الذين نقلوا إلى مستشفيات تركية وأردنية ومصرية للعلاج، عاد عياد إلى غزة ليبدأ العلاج في مركز الأطراف الصناعية والشلل.ويدله طبيب برفق باتجاه نقالة في العيادة الصغيرة ويقوم بتدليك الجذع الذي بترت منه ذراع الشاب اليسرى لتخفيف الضغط عليها في جلسة هي الأولى من سلسلة جلسات يحتاج إليها الشاب قبل تركيب ذراعه الصناعية.وعلى الرغم من وجود المعدات اللازمة في المركز والتي تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتوفيرها، فإن الوضع المالي الصعب الذي تعاني منه بلدية غزة التي تدفع رواتب موظفي المركز الـ 25 يهدد قدرتهم على الاستمرار.ويقول حازم الشوا مدير المركز «هذا ثالث شهر لم يتلق فيه موظفو المركز رواتبهم».وأضاف الشوا «اتفقنا مع الموظفين أننا سنواصل تقديم خدماتنا حتى من دون راتب لأطول فترة ممكنة» مؤكداً أنه لا يعلم مدى قدرتهم على الصمود.وبعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، بدأت المنظمات الإنسانية بعرض مساعداتها على السكان الذين أصيبوا إصابات ستؤثر على نوعية حياتهم.وقامت مجموعة من الممرضات في حي الشجاعية بدعم من منظمة المعوقين الدولية التي تعمل في غزة منذ عام 2007، بزيارة منزل نهاية الأنجار (28 عاماً).وأصابت قذيفة منزل الأنجار في 20 من يوليو الماضي ما أدى إلى بقائها مع أطفالها الثلاثة لفترة تحت الركام قبل انتشالهم.وأصيب أطفالها بحروق في حين أصيبت السيدة بكسور في الحوض ما جعلها غير قادرة على المشي دون مساعدة.ومازالت السيدة التي لجأت إلى منزل والدها الذي يبعد بضعة شوارع عن منزلها المدمر في حالة صدمة.وقالت وهي تجلس على سريرها وبجانبها ابنتها نور التي تبلغ من العمر 10 سنوات «انهار البيت علينا. لم أسمع شيئاً سوى صوت الاهتزاز. وأول ما رأيت كيف كنت تحت الركام قلت لنفسي هذا هي النهاية، سوف نموت».وتحكي السيدة وهي تبكي كيف صرخت طلباً للمساعدة من جيرانها وهي تحت الأنقاض حتى اكتشفت أنه لا يمكنها الوقوف.بينما أشارت إحدى الممرضات بأنها قد لا تستطيع أن تمشي بمفردها بعد اليوم.وتقوم جمعية المعوقين الدولية بالتعاون مع شركائها الغزيين بزيارة مصابي الحرب في بيوتهم لتوفير العلاج والعناية بالجروح.