أكد رجال أعمال واقتصاديون أن جسر الملك حمد الذي سيربط شمال البحرين بالسعودية، سيحدث طفرة تجارية واستثمارية لا سابق لها بين البلدين الشقيقين من جهة، وبين دول مجلس التعاون الخليجي من جهة ثانية، وسيفتح آفاقاً أرحب للاقتصاد البحريني، آخذين في عين الاعتبار تمديد أنابيب غاز وسكة الحديد الخليجية وغيرها من المشاريع الحيوية. وبينوا لـ (بنا) أن الجسر الجديد سيضاعف من الحركة التجارية والسياحية وتدفقات رؤوس الأموال بين البلدين بفضل انسيابية الخدمات المقدمة، إضافة إلى تبخر ما بات يعرف بتكدس الشاحنات وأزماتها المرورية الخانقة. واعتبر رئيس لجنة قطاع الأغذية والزراعة بغرفة تجارة وصناعة البحرين خالد الأمين، جسر الملك حمد خطوة مهمة تصب في صالح الاقتصادين البحريني والسعودي، في مسعى جاد لحماية البلدين من أية عراقيل مستقبلية على الصعيد اللوجستي والاقتصادي. وأكد الأمين أن الجسر الجديد سيساهم بشكل كبير في حل أزمة الشاحنات على جسر الملك فهد ويعزز من انسيابية انتقال البضائع والمسافرين، مشدداً على أن جسر الملك حمد سيكون مشروعاً سباقاً في خلق تكامل خليجي اقتصادي بحلة جديدة، وتكوين كيان اقتصادي شبيه بالاتحاد الأوروبي. ورأى الأمين أن البحرين تعد البوابة الرئيسة للسعودية، ومتى تكون الخدمات اللوجستية متكاملة فإنها ستجذب رؤوس الأموال الأجنبية والتدفقات الاستثمارية ومساهمين مستجدين من مختلف أنحاء العالم، مشيراً إلى أن الجسر يشكل إضافة نوعية لعملية تسويق مملكة البحرين كمنطقة عمل حيوية وصديقة لجميع المستثمرين، معرباً عن أمله في أن يتم تخصيص أحد الجسرين الرابطين بين البحرين والسعودية للخدمات اللوجستية والتجارية وحركة الشاحنات، فيما يخصص الآخر لنقل المسافرين والسيارات الخاصة والنقل العام. وأبدى الأمين تفاؤله من أن يوفر الجسر الجديد استثمارات أكبر للسوق المحلي، لافتاً إلى أن طموحات رجال الأعمال والتجار لا تقف عند جسر الملك حمد فقط، بل تتعداه إلى مقترح إنشاء خط ملاحة بحري بين البلدين الشقيقين. من جانبه قال رئيس لجنة قطاع النقل والمواصلات بغرفة تجارة وصناعة البحرين عبدالحكيم الشمري، إن مشروع الجسر الجديد يؤكد على المكانة الراسخة لمملكة البحرين ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي، كما يؤكد على أهمية البحرين اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وأمنياً بالنسبة للمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص ومجلس التعاون الخليجي بصفة عامة. وأوضح الشمري أن المتابع للتطورات الاقتصادية خلال 10 سنوات الماضية يوقن بأن تضاعف حجم التبادل التجاري وحركة المسافرين بين البحرين والسعودية يحتم إيجاد صيغ بديلة ورديفة للجسر الحالي الذي تجاوز طاقته الاستيعابية. وتوقع الشمري أن يستخدم الجسر الجديد لتركيب خط سكك الحديد الخليجية بتصاميمه الهندسية المتطورة، وأن يربط الجسر الجديد كل من منطقة خليفة بن سلمان الصناعية ومدينة الجبيل الصناعية مروراً بمدينة الدمام وتوابعها، وسيكون الجسر -بحسب الشمري- همزة وصل مع الكويت مروراً بحفر الباطن الذي تقع فيه القاعدة الرئيسة لقوات درع الجزيرة، وسيختصر هذا الجسر المسافة بين الكويت بما يفوق 100 كلم تقريباً. وتوقع الشمري ان يكون جسر الملك حمد مجهزاً بكل الإمكانات التي تجعل انتقال السلع والمسافرين تتم بطريقة ميسرة وسريعة نظراً لتراكم الخبرات من تجربة جسر الملك فهد. وقال الشمري «نحن نستبعد أن يقلل الجسر الجديد من أهمية الجسر الحالي، بل سيكون مكملاً له ومساعداً في انسيابية حركة المسافرين لتصل إلى 120 ألف مسافر ينتقلون يومياً عبر الجسرين». ورأى الشمري أنه لابد أن يخدم الجسران الجميع من تجار ومسافرين وشاحنات ومركبات خاصة، ويقدمان جميع أنواع الحركة التجارية والسياحية خاصة أنهم ينطلقون من نقاط متباعدة في كلا البلدين، فالجسر الحالي يخدم الحركة إلى قطر وعاصمة الرياض، بينما الجسر الجديد سينقل الحركة في اتجاه شمال السعودية والبحرين. وتوقع الشمري أن يكون سير الجسر الجديد رابطاً بين الخط الدائري للمحرق الكبرى منطلقاً من ميناء خليفة في الحد مروراً بمدينة سلمان الصناعية وجزر أمواج وديار المحرق، متجهاً إلى شمال مدينة المنامة ليربط المرفأ المالي مع المدينة الشمالية متجهاً إلى السعودية، مما سيسهم في تعزيز شبكة الطرق البحرينية وينقل الحركة من داخل المدن إلى خارجها. وأكد الشمري أن الجسر الجديد سيعزز الاستثمارات الصناعية في المناطق الصناعية من خلال المزيد من المصانع والمؤسسات الخدماتية، لافتاً إلى أن الجسر الجديد سيكون أحد اللبنات الأساسية في الاتحاد الخليجي المقبل. بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال د.يوسف المشعل مشروع جسر الملك حمد خطوة استراتيجية نوعية سيكون لها تأثيرات إيجابية بعيدة المدى سواء في الجهات السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.وأوضح المشعل أن جسر الملك حمد مع السعودية سيعزز قدرة البحرين وتواجدها في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، وسيزيد من ثقلها الاقتصادي والتجاري والاستثماري.وبين المشعل أن الربط البحريني – السعودي الجديد عبر جسر الملك حمد سيمتد إلى سكة الحديد الخليجية، مع إمكان مد انابيب غاز على طول الجسر، موفرة بذلك الغاز ذو الأهمية البالغة للاقتصاد البحريني، سواء من السعودية أو دول مجلس التعاون أو من خارج منطقة الخليج العربي.وبين المشعل أن الجسر الجديد سيحول منطقة الخليج إلى سوق مشتركة حقيقية ومتداخلة، تشبه إلى حد كبير تجربة الاتحاد الأوروبي في التكامل الاقتصادي والتجاري، لافتاً إلى أن المشروع سيساعد منطقة الخليج لتكون منطقة مهيأة اقتصادياً ذات ثقل دولي على غرار المناطق الاقتصادية الكبرى حول العالم. وعاد المشعل وأكد جوهرية الجسر الجديد في فتح آفاق واسعة للتكامل الاقتصادي وبالأخص في مجال النفط والغاز وتوليد الطاقة، خصوصاً وأن موقع شمال البحرين قريب من حقل البترول المشترك بين السعودية والبحرين، وسيكون له وقع إيجابي من ناحية الفرص الاستثمارية المشتركة في مجالات التنقيب وتكرير النفط والاستكشافات البترولية، وتعزيز ذلك بصناعة البتروكيماويات وتعزيز إنتاج الطاقة.ولفت المشعل إلى أن منافع الجسر الجديد تتعدى الجوانب الاقتصادية، لتشمل الكوادر البشرية التي بإمكانها السفر في أي وقت دون أية مشاكل تذكر، وسيساهم جسر الملك حمد، وفقاً للمشعل، في انتعاش العقارات والصناعات شمال البحرين. وتوقع المشعل ارتفاع أسعار العقارات في المحافظة الشمالية بنسبة تتخطى 20% بمجرد الإعلان الرسمي عن الجسر، وأن يربط الجسر الجديد المدينة الشمالية مع ديار المحرق بالجسر الرابع المحدد له بين المحرق والمنامة، لما بعد منطقة الدمام في الجانب السعودي. على صعيد متصل، وصف المحلل الاقتصادي وخبير تحسين الإنتاجية د. أكبر جعفري، مشروع جسر الملك حمد بأنه خبر سار للغاية ينتظره الجميع منذ فترة، وسيساهم في تسريع العمليات اللوجستية والتجارية بين البحرين والسعودية. وتوقع جعفري أن يساهم الجسر الجديد في مضاعفة التبادل التجاري وحركة المسافرين بين البلدين الشقيقين بنسبة 100%، معرباً عن أمله في أن لا يواجه الجسر الجديد الإجراءات الجمركية ذاتها المطبقة على جسر الملك فهد في الوقت الحاضر. واتفق جعفري مع عدد من رجال الأعمال في ضرورة تخصيص أحد الجسرين لنقل الشاحنات والحركة التجارية، معتبراً ذلك أفضل خيار للحد من مشاكل تكدس الشاحنات وتجنب بطء سير الحركة على الجسرين. ولفت جعفري إلى أن من أبرز القطاعات المستفيدة من الجسر الجديد السلع المصنعة والسلع الاستهلاكية التي ستصل في وقت أقرب، لكن النشاط الصناعي سيزيد وله تأثير إيجابي على الحركة التجارية والاستهلاكية والمخرج الوحيد بعكس السعودية لها مخارج كثيرة. ورأى جعفري أن النقل البحري مطلوب أيضاً، وكلما كان هنالك مسارات عديدة كلما كانت الحركة التجارية أكثر نشاطاً وتسريع عجلة التجارة، مؤكداً أن جسر الملك حمد سيحدث فارقاً شاسعاً بحجم الاستثمارات الداخلة للسوق المحلية، ناهيك عن الحركة السياحية المتعاظمة بين الجانبين بفضل الجسر الثاني. وكان خادم الحرمين الشريفين بارك مشروع إنشاء الجسر الثاني الذي سيربط مملكة البحرين مع المملكة العربية السعودية الشقيقة ضمن منظومة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وذلك خلال لقاء حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة في مدينة جدة أمس. وأطلق خادم الحرمين الشريفين على هذا الجسر الجديد الذي سيتم إنشاؤه اسم الملك حمد والذي سيربط شمال مملكة البحرين بشقيقتها المملكة العربية السعودية والذي سيعزز ويسهم في تطوير العلاقات بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .