^ في اعتقادي أن الحكومة في البحرين خطت خطوات واسعة في مجال ضبط العمليات والمعاملات بين الجهات الرسمية والمواطنين والمقيمين والمستثمرين وذلك عبر بوابة الحكومة الإلكترونية، وهي بقدر ما سعت في تطبيق بنود الحكومة الإلكترونية وفرضها على مؤسسات الدولة، إلا أننا ما زلنا نشاهد مظاهر (الحكومة الورقية) على أرض الواقع. يعرِّفون الحكومة الإلكترونية (E-government) على أنها (نظام حديث تتبناه الحكومات باستخدام الشبكة العنكبوتية العالمية والإنترنت في ربط مؤسساتها بعضها ببعض، وربط مختلف خدماتها بالمؤسسات الخاصة والجمهور عموماً، ووضع المعلومة في متناول الأفراد وذلك لخلق علاقة شفافة تتصف بالسرعة والدقة تهدف للارتقاء بجودة الأداء). ليس هذا التعريف هو الوحيد؛ فهناك جهات دولية عرَّفت معنى الحكومة الإلكترونية، ولعل من أهم تلك التعريفات ما طرحته الأمم المتحدة حين أكدت في تعريفها لها أنها (استخدام الإنترنت والشبكة العالمية العريضة لتقديم معلومات وخدمات الحكومة للمواطنين)، من جهة أخرى، قدمت منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي (OECD) عام 2003 التعريف التالي للحكومة الإلكترونية وهي (استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وخصوصاً الإنترنت للوصول إلى حكومات أفضل)، والخلاصة فإن (الحكومة الإلكترونية هي النسخة الافتراضية عن الحكومة الحقيقية مع بيان إن الحكومة الالكترونية تعيش محفوظة في الخوادم (السيرفر) الخاصة بمراكز حفظ البيانات (Data Center) للشبكة العالمية للإنترنت، وتحاكي أعمال الحكومة التقليدية والتي تتواجد بشكل حقيقي ومادي في أجهزة الدولة). بعد هذا كله من حقنا أن نتساءل؛ لماذا ونحن نزور مؤسسات الدولة الرسمية مازلنا نشاهد الأوراق مكدسة على مكاتب موظفيها؟ لماذا حين نقف في طوابير تخليص معاملاتنا شبه التافهة يطالبك الموظف الحكومي أن تُملي تلك الاستمارات المملة التي لا فائدة مرجوة منها؟ لماذا يطالبونك (وهم الذين يعملون في الحكومة) بإحضار جواز السفر والبطاقة الذكية وشهادات معتَّقة كُتبت في القرن الماضي، وشهادة ميلادك وشهادة أرضك ومنزلك، ويلزمونك أن تفتش في (كَبَتْ) والدتك من أجل البحث عن الوثائق الأصلية وما إلى ذلك؟ والسؤال الأهم هنا (أصلاً ليش) الورق؟ إذاً لماذا كل هذه البرامج والدورات والمصاريف العملاقة التي تصرفها الحكومة لتغييب الورقة من فوق مكاتب المواظفين ومن يد المواطنين، بينما هنالك من المؤسسات الرسمية مازالت تتعامل بالورق، بل وتصر عليه؟!!. في الحقيقة لا نعلم ما هي المشكلة.. هل هي في عدم ربط المعلومات الأساسية بشبكة الكترونية موحدة؟ أم أن المسؤولين في تلك المؤسسات الورقية لا يريدون أن يدخلوا العصر الحديث، فتراهم يجبرون الناس أينما حلَّوا وارتحلوا أن يحملوا معهم حزمة من الملفات والأوراق، ونسخاً غير محددة من الجواز والذكية وباقي (الشلة) من الأوراق الثبوتية؟. هل مازال هنالك تفكير جامد في بعض مؤسساتنا الرسمية يعمل أصحابه بطريقة عكسية، بخلاف ما تتجهه إليه الدولة في فرض الحكومة الإلكترونية، لتفرض تلك الجهات المتخلفة ورقها على الدولة وعلينا معا؟.. هل تقوم الحكومة بحملات تفتيش ومراقبة ومحاسبة ضد كل مؤسسة حكومية لا تلتزم بواجباتها الإلكترونية التي رُسِمَتْ لها من قبل، من أجل تيسير وتسهيل معاملات الناس؟ أم أن المسألة تسير على البركة؟ أبشع المواقف التي تصادفك حين تريد أن تنجز معاملة أقل من عادية ونحن في عصر المعلومة والسرعة والفضاء والكبسولات وضغطة الزر، هو أنك تجد موظفا يطلب منك شهادة ميلادك الأصلية أو وثيقة منزلك الأثري، وكأنه يريد أن يقول لك (اذهب وفتش في كَبَتْ أمك) عن كل تلك التحف، “وهناك يمقن تلقاها ويمقن لا
«فَتِّش في كَبَت أُمك»!
15 أبريل 2012