عواصم - (وكالات): أكدت الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي مع مصر ولبنان والأردن والعراق امس التزامها العمل معاً على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، وذلك في ختام اجتماع إقليمي عقد في جدة بحضور وزير الخارجية الأمريكي جون كيري. وأكدت الدول العشر مع الولايات المتحدة أنها «تتشارك الالتزام بالوقوف متحدة ضد الخطر الذي يمثله الإرهاب على المنطقة والعالم بما في ذلك ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام». ولم تشارك تركيا في البيان بالرغم من مشاركتها في الاجتماع. وشددت الدول الـ 11 في بيانها المشترك على أنها «وافقت على أن تقوم كل منها بدورها في الحرب الشاملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية».واعتبرت الدول أن ذلك يشمل «وقف تدفق المقاتلين الأجانب عبر الدول المجاورة ومواجهة تمويل الدولة الإسلامية وباقي المتطرفين، ومكافحة أيديولوجيتها التي تتسم بالكراهية، ووضع حد للإفلات من العقاب وجلب المرتكبين أمام العدالة والمساهمة في عمليات الإغاثة الإنسانية والمساعدة في إعادة بناء وتأهيل مناطق الجماعات التي تعرضت لبطش تنظيم الدولة الإسلامية ودعم الدول التي تواجه الخطر الأكبر من التنظيم».وأشارت الدول أيضاً إلى «المشاركة، إذ كان ذلك مناسبا، في الأوجه المتعددة للحملة العسكرية المنسقة ضد تنظيم الدولة الإسلامية».ورحبت الدول الموقعة على البيان بـ «تشكيل حكومة عراقية جامعة» وبـ «الخطوات الفورية التي تعهدت هذه الحكومة باتخاذها لخدمة مصلحة جميع المواطنين العراقيين بغض النظر عن الدين أو المذهب أو العرق».ويأتي هذا الموقف في ختام اجتماع على مستوى وزراء الخارجية انعقد في جدة غداة إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما إطلاق حملة «بلا هوادة» ضد تنظيم الدولة الإسلامية بما في ذلك عبر تنفيذ ضربات جوية في سوريا كما في العراق دون تدخل بري. ويأتي ذلك في خضم حشد الأمريكيين الدعم لمساعيهم الرامية لتشكيل تحالف دولي من اكثر من 40 دولة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.وشارك في الاجتماع إضافة إلى الولايات المتحدة والسعودية كل من البحرين والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان ومصر والعراق والأردن ولبنان، إضافة إلى تركيا التي امتنعت عن المشاركة في البيان الختامي.وقال مسؤول تركي إن تركيا لن تشارك في أي عمل عسكري ضد تنظيم الدولة الإسلامية وقد تكتفي بتقديم تسهيلات لوجستية من خلال قاعدة أنجرليك.وفي مؤتمر صحافي عقب الاجتماع، اكد كيري أن «الدول العربية تلعب دوراً محورياً في التحالف» ضد التنظيم المتطرف. وسخر كيري خلال المؤتمر من اعتبار موسكو أن أي عمل عسكري ضد تنظيم الدولة الإسلامية على الأراضي السورية يجب أن يحظى بتفويض دولي من مجلس الأمن، وذلك على خلفية الأحداث في شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا.وكان المتحدث باسم الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش قال في وقت سابق أن توجيه ضربات لمواقع الدولة الإسلامية في سوريا بدون موافقة نظام الرئيس بشار الأسد و»في غياب قرار من مجلس الأمن الدولي سيشكل عملا عدائيا وانتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي».من جانبه، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن الاجتماع شدد على «التعامل بمنظور شامل» مع مسألة الإرهاب الذي حذرت منه السعودية مراراً، بما يشمل «ليبيا ولبنان وسوريا والعراق واليمن».وإذ أكد أن «التقاعس والتردد لن يساعد في اقتلاع ظاهرة الإرهاب من جذورها»، شدد على أن «أي تحرك أمني ضد الإرهاب لا بد أن يصاحبه تحرك جاد نحو محاربة الفكر الضال الذي يؤدي إليه». من جانبه، قال الرئيس الأمريكي في إعلان رسمي مساء أمس الأول «هدفنا واضح، سوف نضعف الدولة الإسلامية وصولاً إلى القضاء عليه من خلال استراتيجية شاملة ومستديمة للتصدي للإرهاب».وأكد أوباما أنه لن يتوانى عن ضرب تنظيم الدولة الإسلامية «في سوريا كما في العراق».ومن المفترض بذلك أن تنفذ الطائرات الأمريكية ضربات جوية في سوريا إضافة إلى الضربات التي تنفذها في العراق منذ 8 أغسطس الماضي. ومازال إرسال قوات إلى الأرض مستبعداً تماماً. والتزم الرئيس الأمريكي أيضاً بتعزيز قوة الجيش العراقي وبزيادة المساعدات العسكرية للمعارضة السورية المعتدلة في وجه «داعش».وقد اتفق الرئيس الأمريكي خلال اتصال هاتفي أمس الأول مع خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على ضرورة زيادة تدريب وتجهيز المعارضة السورية المعتدلة «من أجل مواجهة المتطرفين مثل الدولة الإسلامية وكذلك نظام الأسد الذي فقد كل شرعية». وفي تحرك مهم قد يساعد في حشد دول الخليج العربية وراء التحالف الذي ستقوده الولايات المتحدة قال مسؤولون أمريكيون بارزون إن السعودية ستستضيف داخل أراضيها بعثة أمريكية لتدريب مقاتلي المعارضة السورية. وتعتمد البعثة على موافقة الكونغرس الأمريكي على تخصيص 500 مليون دولار لتدريب وتسليح مقاتلي المعارضة السورية.ورحبــــت السلطـــــات العراقية والمعارضــة السوريـة بالاستراتيجية التي عرضها أوباما لمحاربة «داعش» الذي يزرع الرعب في مناطق واسعة من العراق وسوريا. وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من أوائل المرحبين بخطة أوباما وأفاد بيان صادر عن متحدث باسمه أن العراق «يرحب باستراتيجية أوباما فيما يخص الوقوف معه بحربه ضد داعش والجماعات الإرهابية إذ إن المتضرر الأول والأخير من خطورة هذا التنظيم هم العراقيون بكافة طوائفهم وأديانهم وأعراقهم».وفي وقت لاحق، أفاد مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية أن الولايات المتحدة ستبدأ بنشر قسم من طائراتها العسكرية في أربيل في كردستان العراق، تمهيداً لشن ضربات جوية تكون «اكثرهجومية» على مواقع «داعش». كما رحب الائتلاف الوطني السوري المعارض بخطة أوباما لكنه حض على التحرك أيضاً ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. ويسعى نظام الأسد إلى تقديم نفسه كشريك في الحملة لمحاربة الإرهاب ويصر على ضرورة التنسيق معه قبل القيام بأي ضربة عسكرية ضد مواقع «داعش» في سوريا. وأعلن وزير المصالحة الوطنية في سوريا علي حيدر أن «أي عمل كان، من أي نوع كان، دون موافقة الحكومة السورية هو اعتداء على سوريا»، مشيراً إلى انه «في القانون الدولي، لابد من التعاون مع سوريا والتنسيق مع سوريا وموافقة سوريا على أي عمل كان، عسكري أو غير عسكري، على الأرض السورية».وقال مسؤول في الخارجية الأمريكية إن «جميع الدول المشاركة في اجتماع جدة هي ضحية لتنظيم الدولة الإسلامية أو ضحية محتملة له» مؤكداً أن كيري سيسعى إلى «إعطاء زخم» لجهد هذه الدول في مواجهة التنظيم.وأضاف المسؤول أن الولايات المتحدة تنوي «تعزيز قواعدها» في الخليج و«زيادة طلعات المراقبة الجوية».وبحسب المسؤول، فان السعودية «ستكون العنصر الأساسي في هذا التحالف نظراً إلى حجمها ووزنها الاقتصادي وتأثيرها الديني على السنة».وبحسب مسؤولين أمريكيين، يناقش كيري بالتفصيل مع السعوديين برنامج تشكيل وتجهيز مسلحي المعارضة السورية ويفترض أن يشدد كيري أيضاً مع الطرف السعودي على ضرورة تجفيف منابع التمويل لتنظيم الدولة الإسلامية.وإضافة إلى الدعم في المنطقة، حصلت واشنطن على دعم عدة دول أوروبية، خاصة فرنسا التي سيزور رئيسها فرانسوا هولاند العراق اليوم والتي لم تستبعد المشاركة في الضربات الجوية «في حال وجود ضرورة».في الوقت ذاته، قال مسؤول رفيع في الجامعة العربية ان وزير الخارجية الأمريكي سيلتقي الأمين العام للجامعة نبيل العربي غداً في القاهرة، في إطار جولته لحشد اكبر دعم ممكن لتحالف دولي ضد «داعش».في سياق متصل، أعلن المتحدث باسم رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون أن الأخير «لا يستبعد شيئا» بشأن الضربات العسكرية ضد «داعش»، في حين ان وزير خارجيته فيليب هاموند استبعد قبل ساعات من برلين المشاركة البريطانية في ضربات محتملة على سوريا.من جانبه، قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير في مؤتمر صحافي في برلين إن ألمانيا لم يطلب منها المشاركة في ضربات جوية ولن تشارك، بينما أبدت إيران شكوكاً في «جدية وصدق» الائتلاف الدولي الذي تريد الولايات المتحدة تشكيله لمكافحة «داعش».