أقعدت رصاصة طائشة أطلقها مقاتلون فلسطينيون المصور أسامة السلوادي، لكن تصميمه على العمل ورفضه الاستسلام دفعاه لأن يصبح مصوراً من نوع آخر، يبحث عن جماليات المشاهد ويوثق التراث الفلسطيني بعدما كان مصوراً يركض وراء الحدث ويلاحق الأخبار.والمصور أسامة السلوادي من مواليد عام 1973، بدأ العمل في التصوير بعد أن أنهى دراسته الثانوية، وعمل مع صحف محلية عدة، وفي سن التاسعة عشرة عمل مع وكالات أنباء عالمية منها وكالة فرانس برس، وغطى أحداث الانتفاضة الأولى (1987-1991)، ومن ثم الانتفاضة الثانية (2000-2005)، والتحق بعدة دورات تطويرية في التصوير والصحافة والإخراج والمونتاج واللغة الإنجليزية.في العام 2006، أصيب أسامة السلوادي عندما كان يعمل في مكتبة في مدينة رام الله، برصاصة طائشة.ويقول لوكالة فرانس برس «سمعت صوت إطلاق نار في الشارع.. وقفت على شرفة مكتبي لأتبين ما يجري..فإذا بي أصاب برصاصة».ويضيف «صرخت للناس الذين في الشارع لينقذوني..وقعت على الأرض، ثم دخلت في غيبوبة لمدة 40 يوماً، عندما صحوت قال لي الطبيب +لن تستطيع أن تمشي+.. فقلت له إنني أعرف ذلك لكنني سأعود وأمشي مجدداً».الرصاصة التي أصابت أسامة أطلقها مسلح فلسطيني أثناء ظاهرة فوضى السلاح التي عمت المناطق الفلسطينية بعد الانتفاضة الثانية.لكن ذلك لم يصبه باليأس، بل هو في إيمان راسخ أنه سيعود ويمشي يوماً ما.ويقول «الإصابة لم توقفني أنا مستمر في العمل وأتنقل على كرسي متحرك..أعمل وإنتاج بوتيرة أعلى مما كنت عليه قبل الإصابة».لكن تجربة الإصابة لم تكن سهلة، بل كانت «قاسية، وتجربة الغيبوبة كانت أشد قسوة».ويتابع «لكن قرب الإنسان من الموت ووجوده ما بين الحياة والموت يعطيه بعداً روحانياً أكثر من قبل، ويساعده على أن يرى أن الحياة بسيطة وجميلة».عكف أسامة، بعد إصابته، على العمل في توثيق صور ومقاطع للرئيس الراحل ياسر عرفات، في أول عمل أرشفة رقمية في فلسطين.وعمل مع منظمة اليونسكو كخبير ومستشار في توثيق الملفات الرقمية.وأنجز كتابين مصورين قبل إصابته، واحد عن المرأة بعنوان «نساء فلسطينيات، عطاء وإبداع»، والثاني بعنوان «صور من الحياة اليومية».وبعد إصابته، أطلق عام 2008 كتاباً مصوراً بعنوان «كيف الحال فلسطين» وهو عبارة عن مجموعة صور من مجموعته الشخصية. وفي العام 2010، أصدر كتاباً عن صور القدس والجدار الفاصل.وانكب السلوادي أيضاً على التراث الفلسطيني، ففي العام 2012 بدأ العمل على سلسلة كتب ثراثية أنجز منها «ملكات الحرائر» الذي يظهر جماليات الثوب الفلسطيني. ويقول السلوادي «أنا أرى كيف يسرق كل شيء من الشعب الفلسطيني من الأرض إلى الأكل إلى الثوب إلى الحجر، وينسب إلى الإسرائيليين، لذا فكرت بأن علينا حماية موروثنا بتوثيقه عبر الصورة والكلمة».وقبل أيام، أصدر كتاباً جديداً بعنوان «بوح الحجارة» يتحدث عبر الصور عن الفن المعماري الجميل القديم، عن الأقواس والانحناءات والأبواب، وعن المباني والقصور القديمة. وأبرز مدينة نابلس القديمة بقصورها العائلية كقصر عائلة طوقان، وقصر عبد الهادي وسوق القصبة.وخسرت البلدة القديمة في نابلس خلال الانتفاضة الأولى والثانية العديد من المباني الجميلة التي كانت تقصفها إسرائيل بداعي وجود مسلحين.ومن كتبه أيضا «كتاب عن المجوهرات والحلي الفلسطينية» وآخر «عن الزهور الفلسطينية»، و»عن الحرف الفلسطينية»، والمأكولات والمطبخ الفلسطيني».ويقول أسامة سلوادي» وجدت أن الإسرائيليين ينسبون حتى الكنافة التي صنعت لأول مرة في الشام، لأنفسهم».وختم بالقول «أنا أشعر أني أقوم بمهمة وطنية تجاه هذا التراث».