قضية الطفل عمر ذي الأربعة أعوام جسدت واقعاً مجتمعياً وأبرزت خللاً تربوياً وحملت ثنايا هذه الحادثة أبعاداً خطيرة على المجتمع ومستقبل الأجيال القادمة لأنها أظهرت ثغوراً طائفية نتيجة تفشي مرض جديد في المجتمع اسمه “الطائفية” ويبدو بأنه لا علاج له رغم المحاولات المستمرة، فهذه المُدرسة حتماً مريضة نفسياً أو مصابة بداء الطائفية وإلا أيعقل بأن تصدر مثل هذه الأفعال من تربوية؟! في اليوم نفسه من الحادثة أوقفت إدارة المدرسة المعلمة المعنية -مشكورة- عن العمل دون راتب لمدة أسبوع لمعاملتها غير التربوية، وأخذ تعهد منها بعدم تكرار هذا السلوك غير التربوي، ونقل الطالب إلى صف آخر، هذا هو العقاب فقط!! والسؤال الذي نطرحه: ماذا لو عمر في دولة أخرى؟ أما بعض الجمعيات الحقوقية والوطنية التي تدعي الإنصاف والعدل. فأين أنتم من قضية عمر؟ لماذا صمتت هذه الجمعيات التي تتباكى يومياً في المحافل الدولية وأمام وسائل الإعلام بالتطرق إلى قصة الطفل ولو بسطر واحد؟! بل والأدهى من هذا وذاك بعض الصحف المحلية خرست عن هذه القضية وكأنها لم تكن (أذن من طين وأذن من عجين) أو سارت على نهجها ففيما لا يعجبها تطبق (لا أسمع ولا أرى ولا أتكلم) وما يعجبها تصدره في الصفحات الأولى. أما فئة من المواطنين وصل بهم الأمر إلى تكذيب القصة لأسباب طائفية ومذهبية. الأمر لا يتوقف عند قصة عمر، فبعد حادثة عمر تكررت القضية نفسها وبأركان جديدة مع طفل آخر وبنفس المدرسة والذي أكدها والد الطفل في اتصال هاتفي يوم أمس، وأشارت تفاصيلها بأنه فوجئت الأم ببكاء ابنها بعد رجوعه من المدرسة وسألته عن سبب البكاء فأخبرها بأن المُدرسة قامت بإهانته بألفاظ غير لائقة تدل على الطائفية، وعلى الفور خرج الأب من عمله مسرعاً إلى المدرسة لعل إدراة المدرسة تقف بجانبه وتستنكر ما حدث، إلا أن مدير المدرسة أكد له وبعبارة صريحة (إذا لم تعترف المعلمة لا نستيطع بأن نعمل شيئاً، وطلب منه المغادرة والحضور في اليوم الثاني ليتأكد هل فعلاً حدث ما حدث) هكذا بكل بساطة. قضيتان في أقل من أسبوع دخلت فيها المدرسة في نفق الفتنة الطائفية والتعامل غير الإنساني مع الأطفال وما لها من ترسبات على نفسية الطفل، حادثة لا يمكن السكوت عنها أو ركنها في أورقة المحاكم وعلى الدنيا السلام. تحية تقدير للشارع البحريني على شن حملة شعبية ضد المعلمة الطائفية على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبين وزير التربية والتعليم باتخاذ إجراءات أكثر صرامة في الوزارة التي بدأت تشوبها الشوائب الطائفية والأخلاق غير التربوية منذ أكثر من عام. فما حدث بالأمس يؤكد وجود توترات طائفية وعنصرية دخيلة على المجتمع البحريني والتي بدت واضحة من خلال ردود فعل بعض الجمعيات السياسية والحقوقية وتصريحاتها التي تنحاز لطائفة دون أخرى وتصمت عن طائفة دون أخرى، ونقولها بصراحة إذا لم تكن الإجراءات صارمة إزاء القضية حتماً بأنها ستتكرر مراراً وتكراراً، والسؤال ماذا لو عمر في دولة ثانية؟!
ماذا لو «عمر» في دولة أخرى؟!
15 أبريل 2012