مثلت المراسيم الملكية بإلغاء المحافظة الوسطى وبلديتها وتعديل الدوائر الانتخابية ودعوة الناخبين للترشح والانتخاب لعضوية مجلس النواب، استجابة ملكية سريعة لما توصلت إليه الأطراف السياسية، وما دعمته شخصيات المجتمع من قواسم مشتركة.وجاءت المراسيم لتؤكد إيمان القيادة السياسية بأهمية المشاركة الشعبية وبمبدأ التوافق كمبدأ لم تحد عنه البحرين أبداً، وشكلت نموذجاً فريداً انتهجته المملكة خطاً ومساراً لها في تبني النهج الديمقراطي.وتأتي المراسيم السامية الأخيرة تعبيراً صادقاً عن خطاب رفعه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد النائب الأول لرئيس الوزراء، لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى منتصف الشهر الجاري، يطلع فيه جلالته على نتائج الاجتماعات الثنائية مع جميع الأطراف السياسية لاستكمال حوار التوافق الوطني حول المحور السياسي، وانعكاساً للرد الملكي وإشادته بنجاح سمو ولي العهد في جمع الكلمة ووحدة الصف وتقريب وجهات النظر، وصولاً إلى قواسم مشتركة بين الأطراف المتحاورة.ووضعت المراسيم الملكية نتائج جولات الحوار الوطني الأخيرة موضع التنفيذ، ما يعد أكبر دليل على احترام جلالة الملك لما يتوافق عليه الشعب بجميع أطيافه، وترجمة صادقة على أن البحرين جادة في مواصلة طريق الإصلاح، وحريصة كل الحرص على تنفيذ ما تم التوصل إليه من نقاشات وحوارات مستفيضة، وهو التزام أكده جلالة الملك منذ دعا لحوار التوافق الوطني في أوائل يونيو 2011.ويؤكد هذا الالتزام الثابت إيمان جلالة الملك العميق بأهمية الحوار الوطني في دفع مسيرة الإصلاح والتطوير الشامل، وأن المشروع الإصلاحي لم ولن يتوقف بل هو سائر وفق معطيات ومتطلبات خصوصية الديمقراطية البحرينية وبما يهدف إلى تعزيز مشاركة المجتمع في التشريع والرقابة.وجاء تأكيد القيادة السياسية على تنفيذ مخرجات المحور السياسي في استكمال حوار التوافق الوطني مقروناً بترسيخ مبدأ مهم جداً، وهو أن يتم ذلك عبر القنوات الدستورية، فاحترام دولة الدستور والقانون باعتباره أحد أهم معايير الانتماء إلى العصر الحديث يؤكد إصرار البحرين على السير في الطريق الصحيح نحو الإصلاح والتحديث والتطوير.وتجسدت القواسم المشتركة التي أعلن عنها سمو ولي العهد واضحة في المراسيم السامية، وتصب جميعها في صالح المشروع الإصلاحي البحريني، فما تم في ملف تعديلات الدوائر الانتخابية يصب في اتجاه تعزيز الديمقراطية.وتلجأ الدول الديمقراطية بين فترة وأخرى لإجراء تعديل الدوائر كلما اقتضت الحاجة، لضمان التمثيل العادل والمتوازن للمواطنين في المجلس النيابي، وتعزيز استقلالية جهاز الإشراف على الانتخابات، كأمر بديهي ومطلوب ويأتي في إطار جهود البحرين لتعزيز الشفافية، وهو الأمر ذاته فيما يتعلق بالسلطة التشريعية، وغيرها من دلالات حملتها المراسيم السامية التي حملت في الحقيقة آمالاً جديدة للمواطنين وعبرت عن رغباتهم، وهو ما يؤكد أن البحرين على أعتاب مرحلة جديدة من الإصلاح والتحديث تطال كافة مناحي الحياة ويستفيد منها المواطنون جميعاً.وتؤكد المراسيم الملكية الأخيرة والقواسم المشتركة للحوار الوطني وتأييد ممثلي العوائل البحرينية وشخصيات المجتمع لها، أهمية أن ينحو الجميع باتجاه المشاركة السياسية في الانتخابات النيابية المقبلة للفصل التشريعي الرابع، بعد تأكيد سمو ولي العهد أنه سيتم عرض ما يتطلب من مخرجات الحوار الوطني في شقه السياسي على مجلس النواب المقبل.ويؤشر هذا على الأهمية الكبرى للمشاركة الشعبية في الانتخابات المقبلة ترشحاً وانتخاباً، إذ يناط بمجلس النواب المقبل مسؤولية وطنية كبرى تتمثل في وضع مخرجات الحوار الوطني في شقه السياسي موضع التنفيذ، ولذلك فإن جميع المواطنين مطالبون أن يشاركوا في الانتخابات المقبلة ويختاروا النواب الأقدر على القيام بهذه المسؤولية الوطنية الكبيرة.إن ما صدر من مراسيم سامية استناداً إلى ما تحقق من نجاحات في الحوار الوطني ومباركة القيادة السياسية لها وبمقدمتها جلالة الملك، ولقاء ولي العهد بممثلي العوائل ووجهاء المجتمع، يضع الجميع أمام مسؤوليتهم الوطنية في أهمية التحفيز على المشاركة بكثافة في الاستحقاق الانتخابي المحدد يوم 22 نوفمبر المقبل، لما لذلك من أهمية في دفع المسيرة الديمقراطية واستكمال ما تم بناؤه خلال ثلاثة فصول تشريعية سابقة. ولعل تأييد شخصيات المجتمع للمشاركة الفاعلة في الانتخابات المرتقبة، خطوة هامة في هذا الصدد وإعلان عن استمرارهم في أداء دورهم الوطني في تعزيز المسيرة الديمقراطية، وهو ما كان محل ثناء جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد.إن على جميع أبناء الوطن التعاطي البناء مع المبادرات الصادقة والهادفة من جانب القيادة السياسية، وهي بلا شك تسهم في تطوير التجربة الديمقراطية، فالوطن اليوم بأمس الحاجة إلى تضافر جهود أبنائه وتوحيد الصفوف، فكما إن الفرص الواعدة عديدة فإن التحديات أيضاً عديدة وتحتاج من الجميع أن يكونوا على مستوى هذه التحديات.