إن الانتماء الإيجابي للوطن، يحتم على الشباب أن يعملوا مخلصين على الخروج من ظلمة الجهل والتبعية إلى نور العلم، والشعور بالقدرة والكرامة والاستقلال، وأن يأخذوا بكل السبل المتاحة للارتقاء بأنفسهم ومجتمعاتهم وأمتهم، إلى الحد الذي يضمن لهم الكرامة والشعور بالحرية ويضمن لأمتهم الهيبة والاحترام بين أمم الأرض، وما ذلك على الشباب بعسير لو توفرت الإرادة المخلصة والعزيمة الماضية والإيمان الراسخ أن يد الله بيد كل مخلص غيور.وفي هذا السياق، تقول الباحثة تقوى سيف الحق، في موقع إسلام أون لاين، مخاطبة الشباب «لن نستطيع - كدعاة أن نؤثر في الشباب، ولا أن نصل إليهم وصولاً سليماً إلا إذا اهتممنا بما يريدون هم أولاً، لا بما نريد نحن لهم وفقط. أن نقدر لهؤلاء الشباب ذاتيتهم ونعمل على تنميتها، ولا نحاول تحت أي مسوغٍ التعدي عليها، أو أن نذيبهم في ذواتنا نحن، كي يكونوا صوراً مطابقة لنا، إذ أثقل كاهل الدين كثرة المقلدين من أبنائه الذين أصبحوا بسبب التربية على التبعية العمياء يتبعون كل ناعق سواء كان دعاؤه بالشر أو بالخير، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول «لا تكونوا إمعة»، من حديث رواه الترمذي بسند حسن.فقد أصبح العمل مع الشباب على أساس تخصصي، واحداً من الاتجاهات الرئيسية التي بدأت تشق طريقها في غالبية البلدان والمجتمعات، والتي تستهدف صقل الشخصية الشبابية، وإكسابها المهارات، والخبرات العلمية والعملية، وتأهيلها التأهيل المطلوب لضمان تكيفها السليم مع المستجدات، وتدريب القادة الشباب في مختلف الميادين المجتمعية، لكن ما يجب الإشارة له هو أن هوة واسعة كانت ولا زالت قائمة بين الشباب في البلدان المتقدمة والشباب في البلدان الفقيرة والنامية؛ لأسباب تتعلق بالقدرات المالية وعدم توفر الخطط والبرامج الكافية للتأهيل والتنشئة والتربية، إضافة إلى أسباب داخلية تتعلق بالموروث العقائدي والاجتماعي وطبيعة القيم والعادات والتقاليد، وتركيبة المجتمع والعائلة ومستوى الانفتاح الاجتماعي، وطبيعة النظم السياسية القائمة، حيث تضافرت كل تلك العوامل لتحد من دور الشباب في البلدان الفقيرة وتفاقم الأزمات المستشرية في أوساط الشباب: كالبطالة، وسوء العناية الصحية، وتدني المستوى المعيشي، ونقص المؤسسات الراعية، ومراكز الترويح والترفيه. وهذا لا يعني البتة أن الشباب في الدول المتقدمة والغنية لا يعانون من مشاكل وأزمات رغم الوفرة في الإحصائيات والخدمات، ولكنها من نوع مختلف عما يعانيه الشباب في الدول الفقيرة.وخلال العقدين الأخيرين، وبسبب التطورات العلمية والتقنية الهائلة، وثورة الاتصالات والإنترنت والفضائيات، ودخول العالم في مرحلة العولمة، كمنظومة ثقافية سياسية اقتصادية اجتماعية تعكس تحالف القوى الرأسمالية العالمية العملاقة؛ تفاقمت أزمات الشباب أكثر فأكثر في البلدان الفقيرة،؛ حيث بات الشباب يعاني من أزمة مزدوجة متولدة عن الأزمات المتوارثة، والمركبة القائمة أصلاً وأخرى ناتجة عن التأثيرات القادمة عبر الإنترنت والفضائيات، والتي تعكس ثقافة ومفاهيم مجتمعات أخرى غريبة، وتتحدث عن رفاهية خيالية نسبة لشباب البلدان الفقيرة؛ ما يهدد الشباب في هذه البلدان بأزمات جديدة جراء هذا المد العولمي.ورغم التقدم الحاصل في العمل وسط الشباب بالمعنى النسبي، فما زال هناك نقاشات ووجهات نظر مختلفة مثارة حول السبل المفضلة للتربية، والتكيف السليم للشباب بما يضمن انخراطه في المجتمع، حيث لم تتوقف النقاشات بين علماء الاجتماع والتربية والناشطين في حقل الشباب والمنظمات الشبابية، حول أنجع وأفضل السبل لتنشئة الشباب وتربيته تربية متوازنة تضمن تكيفه الإيجابي مع ما يحصل من تطورات، وتحميه من التقوقع والانكفاء أو الانسحاب.تتعدد المدارس التي أدلت بدلوها في هذا المجال؛ فمدرسة التربية الصحية والنفسية تركز على أهمية الرعاية النفسية والصحية للشباب، التي من خلالها يمكن حفظ توازن الشخصية، وعدم إصابتها بتشوهات خلال المرحلة الانتقالية من الطفولة إلى الشباب؛ باعتبارها مرحلة حرجة. ومدرسة التربية الرياضية التي ترى في التنشئة الرياضية للشباب أساساً سليماً للشخصية الشبابية المتفاعلة إيجابياً مع محيطها؛ فيما تغذي المدرسة العقلانية -التي تركز على التعليم المعزز بمنهج ديمقراطي- الروح وتنمي المدارك العقلية، شريطة أن تكون العملية التعليمية قائمة على أساس احترام العقل والقناعات، وليست عملية تلقينية ميكانيكية. أما المدرسة السياسية؛ فهي ترى أن التربية السياسية للشباب وزرع القيم والمثل الصحيحة، وصقل الشخصية بالممارسة واكتساب الخبرة وبناء الشخصية القيادية، تمثل مدخلاً منهجياً لبناء شخصية متوازنة وفاعلة، قادرة على تحمل الأعباء ومواجهة الصعاب، بما يحقق الآمال العريضة والكبيرة على الشباب.فرسالتي اليوم إلى الشباب، بدخولهم في الانتخابات وتمثيل الشعب، لأن علمهم وتفكيرهم وثقافتهم وجهدهم واختيارهم هو كنز كبير لوطننا في كل وقت، وهذه دعوة لقطاع الشباب للمشاركة بنزولهم والعمل على توسيع المشاركة في هذه الانتخابات وهذا مطلوب من الجميع، ولأنني أعد نفسي واحداً من الشباب فإنه لا بد لصوتنا أن يكون حاسماً في تلك الانتخابات التي أرادها صاحب الجلالة من خلال المشروع الإصلاحي.عبداللطيف بونجيب