قال علماء ودعاة إن «أعظم أسباب الفرح عند الصالحين، حين يوفقون في طاعة الله، ويزدادون قرباً من الله تعالى، بزيادة في علم أو عمل صالح، قال الله تعالى «يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمةٌ للمؤمنين قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون»، مشيرين إلى أن «هناك «أسباباً مشروعة للفرح والبهجة إذا لم تؤدِّ إلى شر أو كبر أو بطر».من جهته، قال الشيخ خالد الطويل إن «الله أمرنا أن نفرح بطاعته»، موضحاً أن «الناس في الدنيا يفرحون لأسباب كثيرة، منهم من يفرح إذا ترقى في وظيفته وعمله، ومنهم من يفرح إذا جاءته زيادة في راتبه، أو ربح في تجارته، ومنهم من يفرح إذا رزق بمولود، وكل هذه أسباب مشروعة للفرح، إذا لم تؤدِّ إلى شر أو كبر أو بطر، لكن أعظم أسباب الفرح عند الصالحين حين يوفقون في أمر من أمور الآخرة ويزدادون قربا من الله تعالى بزيادة في علم أو عمل صالح».وأضاف الشيخ الطويل «هناك فرح عظيم يستوجب على المؤمن إذا ما تحقق سببه أن يفرح فرحاً شديداً، وهو أن يوفقه الله للطاعة، وأن يزيد إيمانه، وأن يعينه على عمل صالح، لم يكن يعمله من قبل، هنالك يفرح المسلم، ويسر سروراً بالغاً، لأنه فعل عمل، لم يكن يفعله من قبل، لذلك فإن المسلم يفرح بطاعة الله وبرحمته، خاصة عندما يهديه الله إلى الإسلام والطريق القويم». وتابع الشيخ الطويل «لما قدم خراج العراق إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، خرج سيدنا عمر ومولى له فجعل عمر يعد الإبل، فإذا هي أكثر من ذلك، فجعل عمر يقول: الحمد لله، وجعل مولاه يقول: يا أمير المؤمنين هذا من فضل الله ورحمته، فبذلك فليفرحوا. فقال عمر: كذبت، ليس هو هذا، يقول الله تعالى: «قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا»، يقول بالهدى والسنة والقرآن فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون، وهذا مما يجمعون».وفي هذا الصدد، يرى العلماء أن «الفرح الحقيقي هو الفرح بطاعة الله وبفضله، فالفرح بالطاعة، كقدوم رمضان، والحج، وبمواسم العبادة، وبيوم عرفة، وبالأضحية، وبصيام عاشوراء، وبستة أيام من شوال، وبختم القرآن، وبالتوفيق للصدقة، وبنصر الله، والذين يفرحون بمثل هذا، ويستقيمون على شرع الله، يرجون أن يفرحوا يوم القيامة بما قدموا من الصالحات «فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً وينقلب إلى أهله مسروراً»، وكما فرحوا في الدنيا بطاعة الله تعالى سيفرحون إن شاء الله بثوابها يوم لا ينفع مال ولا بنون، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن فرح الصائمين بثواب صيامهم «للصائم فرحتان، فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك»».وهناك في السيرة والتاريخ نماذج مباركة لأمور فرح بها المسلمون، وفي مقدمتهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فكان النبي عليه الصلاة والسلام يفرح بإسلام الناس ونجاتهم من النار، فمثلاً حين مرض غلام يهودي وأتاه النبي يعوده، قعد عند رأسه وقال: «أسلم» وأبوه بجواره، فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم الغلام ثم مات، ففرح النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامه وخرج وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقذه بي من النار».كما كان يفرح إذا حصل لبعض أصحابه خير، كما فرح بتوبة الله على الصحابي كعب بن مالك الذي تخلف عن غزوة تبوك بغير عذر، فلما تاب الله عليه فرح حتى كان يبرق وجه النبي، ولما جاءه كعب قال له «أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك». كما فرح بسماع الكلام الجميل الذي يدل على الصدق وقوة الإيمان، لما قال له الصحابي الجليل المقداد ابن الأسود في يوم بدر «لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى، اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيراً، ودعا له.كما فرح بمبادرة الصحابة إلى طاعة الله، لما دعاهم للتصدق، وفرح الرسول أيضاً يوم فتح مكة. ومن الصحابة، أبوهريرة رضي الله عنه، الذي فرح بإسلام أمه رضي الله عنها حين أسلمت.من جانبه، دعا الشيخ صالح المغامسي المسلمين إلى «ضرورة أن يؤدي المسلم عبادته، قربة إلى الله، وليس تخلصاً منها، فالله سبحانه وتعالى لا يضره معصية الإنسان، لكن الإنسان يهلك إذا عصي ربه، والوفاة على الإسلام، خير من الوفاة على الكفر، فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما حضرته الوفاة «اللهم إني لست بريئاً فأعتذر، ولا قوياً فأنكسر، ولكن لا حول ولا قوة لا بك»، فإذا كتب الله للمسلم أن يصلي الفجر في جماعة، فعليه وهو خارج من المسجد، أن يستشعر فرحاً أن الله برحمته، أيقظه من مرقده وأقامه بين يديه، ورده إلى بيته سبحانه وتعالى، هؤلاء هم الذين يغبطون، والذين إذا أراد الله بهم خيراً ثبتهم على الدين، فلا يوجد فرح يفرح به العبد، أعظم من الفرح بالإسلام، فعلى العبد أن يحمد الله على نعمة الإسلام، ونعمة الإيمان، وعلينا أن نسأل الله أن يرزقنا الجنة ونحن مسلمون».