مدينة كوباني الكردية السورية، والتي قام نظام الأسد الأب بتعريب اسمها إلى «عين العرب» في إطار مشروعه العنصري (الحزام العربي) منتصف السبعينات، بغية تعريب المناطق الكردية السورية، سواء على صعيد الاسم أو الديموغرافيا، هذه المدينة، لفتت أنظار العالم إليها، خلال الأيام الماضية، على خلفية صمودها في وجه هجوم التنظيم الإرهابي «داعش»، ونزوح عشرات آلاف المدنيين منها ومن القرى المحيطة بها إلى داخل الأراضي التركية.حتى كتابة هذه الأسطر، مازالت المدينة مستمرة في مقاومة القصف العنيف وكثافة النيران الداعشية، وسط تفاوت كبير بين «داعش» والمقاتلين لصالح التنظيم الإرهابي عدداً وعتاداً! فمن هم هؤلاء المقاتلون الكرد؟ وكيف صمدوا كل هذه المدة؟ في حين أن الجيشين العراقي والأسدي لم يصمدا أمام هجمات داعش لأيام؟! ومن أين تستمد «داعش» قوتها؟ وما هي التكتيكات التي استخدمها المقاتلون الكرد لجسر هوة التسليح والإمداد بينهم وبيد «داعش»؟ وفي حال سقوط المدينة، ما هي الأسباب التي أدت إلى ذلك؟ وما هي النتائج التي يمكن أن تنجم عنه؟ وفي حال فشل «داعش» في السيطرة على المدينة، ما هي المكاسب السياسية التي يمكن أن يحققها الكرد، داخل وخارج سورية؟ هذه الأسطر، ستكون محاولة للإجابة على هذه الأسئلة.خارطة توزع الأكرادتنقسم المناطق الكردية في سورية إلى ثلاثة أجزاء: أولها منطقة الجزيرة، ومركزها محافظة الحسكة، وتضم مناطق «سريه كانية (رأس العين)، درباسية، عامودا، قامشلو (قامشلي)، تربه سبي (قحطانية)، ديريك (المالكية)، إضافةً إلى مناطق عربية كالشدادة وتل براك، وقرى سريانية أيضاً، ومنطقتي عفرين وكوباني. وتفصل هذه المناطق الثلاث عن بعضها البعض، امتدادات لمناطق عربية.وفي الأصل، المناطق الكردية السورية هي امتداد للمناطق الكردية في تركيا (كردستان تركيا) تم فصلها عن بعض، نتيجة اتفاقية «سايكس - بيكو» سنة 1916، المبرمة بين الفرنسيين والإنجليز، لتقاسم النفوذ في المناطق الجنوبية التي كانت تابعة للسلطنة العثمانية. ما يعني أن كوباني، هي امتداد لسهل «سروج» في تركيا، وكذلك بقية المناطق الكردية التي تشطرها الحدود التركية - السورية إلى شطرين.لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد سكان كوباني، ويشير إحصاء سنة 2004 إلى أن عدد سكانها مع القرى المحيطة بها، ناهز 200 ألف نسمة، كما تشير بعض المصادر الإعلامية إلى أن هذه العدد تضاعف، بنتيجة نزوج نحو 200 ألف مواطن سوري إليها، قدموا من المناطق العربية في ريف حلب، هرباً من وحشية «داعش». وتتبع كوباني نحو 384 قرية صغيرة، بحيث يصبح إجمالي مساحتها ما يزيد عن 3000 كيلو متر مربع.وبموجب مشروع «الحزام العربي» الهادف إلى تعريب المناطق الكردية السورية، والذي أطلقه نظام الرئيس السوري السابق حافظ الأسد سنة 1974، تم تغيير اسم كوباني إلى «عين العرب». وبعد إعلان تنظيم «داعش» عن دولته، وبايع البغدادي خليفةً له، قام مناصرو التنظيم، بتغيير اسم المدينة من «عين العرب» إلى «عين الإسلام» على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. الأهمية الاستراتيجية والمعنويةتتمتع كوباني بأهمية استراتيجية، كونها تشكل عقبة أو حاجزاً بين المناطق التي تسيطر عليها «داعش»، في منطقتي جرابلس ومنبج غرباً، والمناطق التابعة لمحافظة الرقة شرقاً وجنوباً. وفي حال سقوط كوباني، تصبح الجغرافيا التي تسيطر عليها «داعش» ممتدة من محافظة حلب إلى الموصل والأنبار في العراق، مروراً بالرقة ودير الزور، رقعة واحدة. وبالتالي، يكتمل الحصار على بقية المناطق الكردية السورية في محافظة الحسكة.من الجانب الآخر، هذه المدينة، هي ثالث أكبر تجمع بشري للكرد السوريين، بعد منطقتي الجزيرة وعفرين، السالفتي الذكر. كما إنه لها مكانة معنوية لدى حزب العمال الكردستاني، إذ استضافت هذه المدينة زعيم الحزب عبدالله أوجلان، صيف 1979، بعد هروبه من تركيا. إضافةً إلى أنها مسقط رأس صالح مسلم، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي، ومسقط رأس قادة كبار ضمن العمال الكردستاني كشاهين جيلو، شيلان كوباني، زوهات كوباني. كما إن هذه المدينة، تعتبر من المعاقل الجماهيرية للكردستاني في سورية. وبالتالي، الدفاع عن كوباني بالنسبة للكرد السوريين عموماً، والعمال الكردستاني على وجه الخصوص، هي مسألة «كرامة وشرف»، قبل أن يكون لذلك أية اعتبارات سياسية وعسكرية.الأكراد والجيش الحر ضد داعشومنذ نحو عام، تفرض «داعش» حصاراً خانقاً على مدينة كوباني التي يسيطر عليها مقاتلو وحدات الحماية الشعبية الكردية الموالية لحزب العمال الكردستاني، لكن «داعش» لم تستطع إخضاع المدينة واستباحتها حتى الآن.وبعد سيطرة «داعش» على محافظة الموصل العراقية، منتصف يونيو الماضي، وفور إطلاق سراح الرهائن الأتراك «المختطفين» لدى «داعش» يوم 20/9/2014، بدأ التنظيم بشن هجومه على كوباني من ثلاث جهات؛ شرقاً وغرباً وجنوباً، مستخدماً الدبابات والمدرعات والمدفعية الثقيلة، ما أجبر عشرات الآلاف من سكان القرى المحيطة بكوباني على النزوح من ديارهم وعبور الحدود إلى الأراضي التركية، وسيطرة «داعش» على قراهم ونهبها. وبحسب النشطاء الميدانيين، لم يبق في المدينة أحد غير المقاتلين.أثارت حركة النزوح الكبيرة من القرى المحيطة بها، وانسحاب المقاتلين منها باتجاه مركز المدينة، استغراباً وتساؤلات كثيرة لدى العديد من المراقبين، ولكن، اتضح فيما بعد أنه لولا طلب المقاتلين الكرد من الأهالي تفريغ القرى، لأدى ذلك إلى ارتكاب «داعش» مذابح رهيبة بحق المدنيين، ربما تتجاوز في حجمها المجازر التي ارتكبتها في مناطق شنكال (سنجار) بحق الإيزيديين الكرد، وبحق عشيرة الشعيطات العربية في محافظة دير الزور السورية.ويذكر نشطاء إعلاميون من داخل مدينة كوباني، أن «التنظيم حصل على أسلحة ثقيلة، من الفرقة 17 في الرقة، ومن اللواء 93 بالقرب من بلدة عين عيسى (القريبة من كوباني) وكذلك من مطار الطبقة العسكري السوري، التي فرت عنه قوات الأسد، ومن معسكرات الجيش العراقي التي تركتها قوات المالكي في الموصل، قد تكفي لمحاربة دول وليس مدينة مثل كوباني». وأشار مصطفى عبدي أن المقاتلين والمقاتلات الكرديات، «بأسلحتهم الخفيفة، يقاومون ما يزيد عن 10 آلاف مقاتل داعشي، غالبيتهم من الأجانب» يهاجمون كوباني من ثلاثة محاور. مؤكداً أن «داعش» يأتيها الإمداد من الرقة والمناطق التي يسيطر عليها التنظيم، بينما المقاتلون الكرد، كل طرق الإمداد مقطوعة عنهم، وهم محاصرون في المدينة، وأنهم «اتخذوا قرار اللجوء إلى حرب الشوارع طويلة الأمد»، وأطلقوا على مقاومتهم ضد «داعش» اسم معركة القلعة! وأنهم مصممون على إلحاق الهزيمة بالتنظيم.وأطلق كتاب ومثقفون ونشطاء كرد اسم «كوبانيــغراد» على المدينة، وفتحوا حساباً على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» دعماً لمقاومة كوباني، مشبهين إياها بمقاومة «لينينغراد» و«ستالينغراد» وسط الحصار النازي لهما، إبان الحرب العالمية الثانية.وتجدر الإشارة إلى أن بعض الفصائل المحسوبة على «الجيش الحر» المعارض لنظام الأسد، تقاتل إلى جانب المقاتلين الكرد. حيث ناشد أحد قادة هذه الفصائل، «الجيش الحر» بفتح جبهات قتال على «داعش» في المناطق الأخرى، بغية تخفيف الضغط على كوباني! بينما أصدرت وحدات الحماية الشعبية بياناً على موقعها الرسمي يوم 3/10/2014 ذكرت فيه أنهم سيستخدمون كل السبل المتاحة «لإنهاء داعش وتحقيق النصر». وتوعدت بأن تنهي «داعش» على أرض كوباني، وأنهم «سيعلنون للعالم أجمع النصر على داعش في كوباني».يشار إلى أن هذه الوحدات، تضم أكراد تركيا والعراق وإيران إلى جانب أكراد سورية، إضافةً إلى الكشف عن وجود ثلاثة مواطنين أمريكيين ضمن صفوفهم، أصيب أحدهم بجراح، نتيجة الاشتباك مع «داعش» على الحدود العراقية - السورية.احتمال سقوط المدينةمع المقاومة التي يبديها المقاتلون لمحاولات «داعش» دخول المدينة، وقصف طيران التحالف مساء يوم الجمعة 3/10/2014 لبعض مواقع «داعش» حول المدينة، والأخبار التي تصل من داخل المدينة، بخصوص المعنويات العالية للمقاتلين الكرد، يتضاءل احتمال سقوط المدينة، في حال ركز التحالف الدولي ضرباته على مواقع «داعش» المحاصرة لكوباني، وخطوط الإمداد الآتية له من الرقة وتل أبيض وجرابلس. ويعزو مراقبون سقوط المدينة، في حال لو حدث ذلك، إلى الأسباب التالية:1- عدم فتح المقاتلين الكرد جبهة «رأس العين» - «تل أبيض» شرقاً بهدف تشكيل ممر إمداد نحو كوباني، خشية أن يتم تفسير ذلك على أن المقاتلين الكرد يريدونها «حرباً كردية - عربية»، على اعتبار أن المناطق الفاصلة بين «سري كانيه» وكوباني هي مناطق ذات غالبية عربية.2- عدم تحضير المقاتلين الكرد أنفسهم بالشكل الكافي، طيلة السنوات الثلاث الماضية لاحتمال هجوم «داعشي» كبير، بالرغم أن المدينة كانت محاصرة منذ سنة، واحتمال الهجوم كان قائماً في أية لحظة.3- الدعم اللوجستي التركي المحتمل لـ«داعش» والمرجح بحسب العديد من تصريحات المسؤولين الغربيين والتقارير التي تناقلها الإعلام الأوروبي والأمريكي. وسماح تركيا لعبور عشرات ألوف الكرد من كوباني إلى داخل أراضيها، ليس صك براءة من ضلوع أنقرة في دعم التكفيريين الجهاديين. زد على ذلك، أن تفريغ المنطقة من الكرد، هو لصالح تركيا.4- عدم مساعدة النظامين السوري والإيراني للمقاتلين الكرد، بالرغم مما أشيع عن وجود علاقة الكردستاني مع طهران ودمشق. ذلك أن الأخيرة من مصلحتها أن يبقى الكرد ضعفاء وتحت السيطرة، بخاصة أن الكردستاني أبدى رغبته في فتح قنوات مع الغرب والإدارة الأمريكية، والبحث عن حليف جديد، ما فسره نظام الأسد على أنه محاولة فك ارتباط. ومن جهة أخرى، يريد نظام الأسد لكوباني أن تسقط، وتستبيحها «داعش» حتى تتورط تركيا أكثر في الدوامة السورية، وتشتعل الحرب بين الكردستاني وأنقرة مجدداً. فنسف عملية السلام بين الأكراد والأتراك هي مصلحة مشتركة لطهران ودمشق.5- عدم محاولة شراء الكردستاني الأسلحة الحديثة المضادة للمدرعات والطيران، من روسيا، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بالرغم من توفر المال لديه، ومع وجود خطوط ارتباط كثيرة بين الكردستاني وموسكو، سواء عبر طهران أو دمشق، أو بشكل مباشر.تركيا وداعشمازالت السلطات التركية، متكتمة على «صفقة» إطلاق الرهائن الأتراك لدى «داعش»، معتبرةً ذلك من «أسرار الدولة». وأثير الكثير من اللغط والشك حول حقيقة عملية الاختطاف تلك، على أنها «مفتعلة» ومتفق عليها بين الطرفين، لتخفيف الضغط على أنقرة بخصوص الاتهامات الموجهة لها بالضلوع في دعم التنظيمات التكفيرية الإرهابية. حيث أشارت الكثير من التقارير الأمنية والإعلامية إلى ضلوع تركيا في دعم «داعش»، إضافةً إلى تصريحات المسؤولين الأمريكيين الذين أكدوا ذلك، ومنها ما صرح به جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي في 2/10/2014، واتهامه لحلفاء أمريكا في الشرق الأوسط بدعم «القاعدة» والتنظيمات التكفيرية، وفي مقدمتهم الأتراك، وإن اعتذر عنه بعد ذلك كما نشرت وسائل الإعلام.وإزاء الدعم التركي لـ«التنظيم»، هدد زعيم حزب العمال الكردستاني، عبدالله أوجلان تركيا بأن «احتلال كوباني يعني نهاية التسوية السليمة بين الكردستاني وأنقرة». في إشارة منه إلى ضرورة أن تكف تركيا عن تقديم الدعم اللوجستي لـ«داعش»، وحض الحكومة التركية على التدخل في كوباني، قبل احتلالها واستباحتها من قبل التنظيم، لا بعد ذلك! وفي لقاء بين رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم، يوم الرابع من أكتوبر في أنقرة ومسؤولين في وكالة الاستخبارات الوطنية، شجعوه خصوصاً على الانضمام إلى صفوف المعارضة المعتدلة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، كما ذكرت صحيفة «حرييت»، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية يوم 5 أكتوبر. ونصح الأتراك أيضاً زعيم حزب الشعب الديمقراطي بالنأي بنفسه عن حزب العمال الكردستاني والتعبير بوضوح عن معارضته للرئيس الأسد مقابل دعم لوجستي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».ولكن يذكر أنه عقب الاجتماع الأمني الذي عقده القادة الأتراك في أنقرة يوم 2/10/2014، بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وفي رد غير مباشر على تهديد أوجلان، صرح رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو: «لا نريد أن تسقط كوباني»، وأنهم سيفعلون «كل ما هو لازم حتى لا تسقط»، محملاً مسؤولية الأحداث في كوباني لحزب الاتحاد الديمقراطي. مؤكداً أن تلك الأحداث «لن تؤثر على مسيرة السلام في تركيا».في غضون ذلك، صادق البرلمان التركي على منح تفويض يتيح للجيش القيام بعمليات عسكرية خارج الحدود لمكافحة الإرهاب. وهذا التفويض، هو قديم - جديد، طرحته الحكومة التركية على البرلمان في أكتوبر 2007، بحجة مكافحة مقاتلي حزب العمال الكردستاني. وبموجبه اجتاح الجيش التركي كردستان العراق في 19/2/2008، وانسحب بسرعة في 29/2/2008، بعد أن مني بخسائر فادحة. بعدها، دخلت أنقرة في مفاوضات سرية مع الكردستاني، احتضنتها العاصمة النرويجية أوسلو. ومازالت هذه المفاوضات مستمرة بشكل مباشر مع أوجلان وقيادة الكردستاني في جبال قنديل. وخلال فترة المفاوضات هذه، كان البرلمان التركي يجدد هذا التفويض، مطلع شهر أكتوبر من كل عام، والجديد في الأمر، أن حجة التفويض تغيرت من محاربة الكردستاني إلى محاربة «داعش»، مع إضافة السماح للقوات الأجنبية استخدام الأراضي التركية لمحاربة «داعش»!وبالتوازي مع التسوية السلمية مع الكردستاني، ترفض أنقرة أن يكون لحزب العمال أي نفوذ على المناطق الكردية السورية، وبالتالي، يرى مراقبون أن أنقرة، دعمت «داعش» لتدخل في حرب مع الكردستاني، بالنيابة عنها، بغية فرض شروط مهينة على الكردستاني، أثناء المفاوضات، واستنزاف قوته العسكرية واستدراجها من تركيا وجبال قنديل إلى مستنقع الحرب مع «داعش». وعليه، يرى هؤلاء أن «داعش» هي أداة تركية، تستخدمها حين الطلب. وفي حال سيطرت «داعش» على كوباني، تكون حجة تركيا قوية لإقامة منطقة أمنية عازلة داخل الأراضي السورية على طول الحدود بين البلدين الجارين، على شاكلة المنطقة الأمنية العازلة التي أقامتها إسرائيل إبان غزوها للبنان سنة 1982.وبالتالي، مع تحقيق تركيا مشروع المنطقة العازلة، تكون قد وضعت يديها على حقول النفط والغاز الموجودة في منطقة رميلان الكردية السورية، إضافةً إلى بسط نفوذها على هذه المناطق والتحكم في مصيرها الإداري والسياسي، في حال سقط نظام الأسد أو لم يسقط. ولن تنهي أنقرة وجودها العسكري في سورية، إلا بعد الحصول على مكاسب وتنازلات كبيرة واستراتيجية داخل سورية والعراق، في مواجهة النفوذ الإيراني في هذين البلدين. بينما يرى آخرون؛ أن خروج الكردستاني منتصراً من معركة كوباني، وعدم سماحه لـ«داعش» بالسيطرة عليها، سيعزز موقفه التفاوضي مع أنقرة، وبل يمكنه فرض شروطه أيضاً، إضافةً إلى أنه سيدفع أمريكا والغرب إلى الانفتاح الجدي على الكردستاني، وشطب اسمه من لائحة «المنظمات الإرهابية» الأمريكية والأوروبية، بغية استخدامه في الحرب ضد «داعش». عراقيل المنطقة العازلةوكي تقيم تركيا منطقة عازلة داخل الأراضي السورية، قبل أي شيء، هي بحاجة إلى إرادة دولية وقرار أممي صادر عن مجلس الأمن. ويستحيل حدوث ذلك مع وجود الفيتو الروسي - الصيني، وإذا جازفت تركيا، ودخلت الأراضي السورية بشكل منفرد، ودون موافقة الناتو وواشنطن، فإنها ستواجه معارضة العمال الكردستاني، لأن الأخير ينظر إلى التدخل التركي على أنه احتلال، وستقوم طهران ودمشق بتحرير أصدقائهما داخل الكردستاني أيضاً.في حين يرى نشطاء أكراد بأنه عندما وعدت تركيا بالدخول في التحالف الدولي ضد «داعش» من خلف الكواليس، لم يكن الأمر مطمئناً. وحين أعلنت انخراطها العلني في هذا التحالف، هذا الموقف أيضاً، ليس مطمئناً. لأنه لا توجد ضمانات جدية وحقيقية حيال عدم لعب تركيا دور «العميل المزدوج»، بحيث تمرر المعلومات الاستخبارية لـ«داعش» بخصوص أماكن استهداف الضربات الجوية. حيث أشار الناشط الإعلامي من كوباني، مصطفى عبدي، أن طيران التحالف «يقوم بالتحليق الاستعراضي في سماء كوباني». وأن ضرباته الجوية لا تكون في المواقع الأساسية لتمركز «داعش»، بل حتى أن عناصر التنظيم، يعودون مرة أخرى لمكان القصف! ما يوحي بأنه ثمة خبراء عسكريين محترفين ضمن «داعش» يوجهون مقاتلي التنظيم، بغية تجنب الضربات الجوية. وأن التنظيم ليس فقط حشداً من المتطوعين والمقاتلين الأجانب والعرب، يمتلكون كميات هائلة من العتاد والأسلحة الثقيلة وحسب.وبحسب عبدي أن المعركة داخل مدينة كوباني ربما تطول. مشيراً إلى أن كوباني «خالية تماماً من المدنيين، وتخوض حرباً على الإرهاب. وهي حرب دفاع عن النفس بنكهة الهجوم». وأن التغييرات على الأرض ستكون لصالح «نصف مليون مشرد في تركيا، خذلهم العالم أجمع، وكذلك المعارضة السورية المفتتة بين الكراسي السياسية».«معهد العربية للدراسات - العربية نت»
معركة كوباني.. السيناريوهات المحتملة
09 أكتوبر 2014