كتب ـ عبدالرحمن محمد أمين:لا يوجد محرقي واحد إلا وللمدينة التاريخية في قلبه ووجدانه ذكريات تأبى النسيان، فمن عاش بين حواري المحرق الضيقة وطرقاتها الملتفة وبيوتاتها المفتوحة على بعضها البعض، لا بد أن يحن إلى أيام ولت ولن تعود.في مجلس إبراهيم عبدالله مطر بمنطقة البسيتين كان اللقاء محرقياً خالصاً، قارن الرواد بين محرق اليوم والأمس، الذكريات الجميلة حاضرة.. وجهود وزارة الثقافة لإحياء التراث مشهودة.. وهي المدينة التاريخية باقية رغم كر السنين.. وبعيون أهلها حسناء فاتنة لا تعرف الهرم! طريق اللؤلؤبدأ محمد بن سلمان الزياني مداخلته في الحديث عن مشروع طريق اللؤلؤ الذي تعكف وزارة الثقافة على إنجازه في مدينة المحرق، وقال إن طريق اللؤلؤ يمر بمنطقة فريج الزياني، وكم كانت المنطقة غنية بتجارة اللؤلؤ في تلك الحقبة الذهبية من تاريخ المحرق والبحرين.وأضاف «في الحقيقة سعدنا بهذا المشروع الذي يعيد للمنطقة حيويتها من عدة نواح تراثية وتجارية في آن، بدليل الكتاب الذي وضعه المرحوم راشد بن عبدالرحمن الزياني عن (الغواصة والطواشة) وشرح فيه بالتفصيل كل ما يتعلق بتجارة اللؤلؤ بحكم خبرته الواسعة في هذا المجال، ثم جاء من بعده أخوه أحمد بن عبدالرحمن الزياني وأصدر كتاباً آخر في نفس المجال مستنداً لخبرته التجارية الواسعة في بيع اللؤلؤ في الهند».يعد مشروع طريق اللؤلؤ الذي أدرجته لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو على قائمة التراث العالمي، يمثل تجسيداً لحقبة زمنية من تاريخ منطقة المحرق التراثية الغنية بالتاريخ والأدب والعلوم الدينية والشرعية، ويمثل مسجد الشيخ عبدالوهاب بن حجي الزياني في نفس المنطقة، مقصداً لتعليم العلوم الدينية، وتعكف عائلة الزياني حالياً على بناء مجلس للعائلة في المنطقة مع موقف من طابقين، ما يضفي جمالاً على المنطقة وساعد الزائرين على مطالعة تفاصيل مشروع طريق اللؤلؤ.جوهر المحرقخليفة بن حسين الشوملي داخل أيضاً خلال الجلسة، وهو أصلاً من سكنة مدينة المحرق وقال «قرأت الكثير عن جهود وزارة الثقافة في الحفاظ على جوهر المحرق ومما تتميز به من إرث وتاريخ وثقافة قديمة، وأتمنى حفظ التنوع الموجود في مناطق أخرى من البحرين». وفيما يخص حفظ آثار المحرق من الضياع والاندثار، وجهود وزارة الثقافة في هذا الميدان يضيف الشوملي «الوزارة خطت خطوات موفقة في هذا المجال، ومركز الشيخ محمد بن إبراهيم آل خليفة شاهد على ذلك». ويتذكر الشوملي حقباً قديمة كان فيها مديراً لمدرسة الهداية الخليفة لسنوات «أنتجنا حينها كتاباً خاصاً عن تاريخ مدرسة الهداية، وما تزخر به من تراث تعليمي عميق على مر العقود، الكتاب ترجم التطور التاريخي والتعليمي للهداية الخليفية في قلب مدينة المحرق».وفيما يخص حفظ تراث المحرق ينبه الشوملي إلى «هناك حديث شائع هذه الأيام عن موضوع التراث والبناء في الأماكن القديمة بالمحرق، وكنت قرأت حول الموضوع في الصحف المحلية، وأرى أن المواقع التراثية يجب حفظها وإبرازها لا هدمها، لأنها جزء من تاريخ مدينة تميزت عن باقي مدن البحرين، كيف لا وهي كانت مركز الحكم لأسرة آل خليفة، والمركز التجاري لعموم الدولة عندما كانت مهنة الغوص هي الحراك التجاري للبحرينيين قبل اكتشاف النفط».ولا يرى الشوملي بأساً من البناء في مناطق المحرق الجديدة مثل عراد والبسيتين والحد الجديدة «أما داخل المدينة التاريخية العريقة، والمناطق التراثية بدواعيسها وحواريها الضيقة فالمنع واجب، والمطلوب تنظيم ووضع لوائح للبناء وإعادة الترميم بالمنطقة، حتى لا يتأذى سكانها من الزحام، وحتى لا تفقد المحرق هويتها العمرانية وضمان حفظه ونقله لأجيال المستقبل».مركز الشيخ إبراهيمنبيل حسين بن مطر، ولد وعاش في فريج الشيخ عبدالله بن عيسى لسنوات، وبيت عائلته قريب جداً من مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة وسط المحرق، فهو يشهد حراكاً لحفظ إرث المدينة عبر فعالياته وأنشطته المنوعة يقول «قدم مركز الشيخ إبراهيم خدمة كبيرة لحفظ مواقع التراث وإبراز تاريخ مدينة المحرق، عندما استملك بيوتاً ومبان عبر شركات ومؤسسات وطنية، في مواقع تراثيه بالمدينة، وجعل منها مواقع تراثية للزوار والمهتمين بتاريخ المحرق وخارجها، مثل بيت الشاعر إبراهيم العريض في المنامة».ويضيف «طريق اللؤلؤ في المحرق إضافة جديدة للتعريف بدور المدينة في تجارة اللؤلؤ ودور الأجداد المستمر حتى عام 1935، ولكن أرى أن لوزارة الثقافة دور مهم في التعريف بالجانب الثقافي السائد في المحرق والبحرين عامة، وليس أقل من هذا إبراز الثقافة الشعبية البحرينية مثل دق الحب والفجري والليوه والمراداه والطرب البحريني وغيرها من أصيل الثقافة الشعبية خلال موسم ربيع الثقافة السنوي».هوية المجتمع لغتهالنائب السابق إبراهيم بوصندل يقول «عندما نتحدث عن التراث والثقافة وضرورة حفظها، نجد أن ثقافة المجتمع وهويته هي لغته ولباسه ودينه وطريقة معيشته ومسكنه وتفاعله مع محيطه، وحفظ التراث أمر مهم يتشاركها عموم أبناء المجتمع ومؤسساته، فهي هوية تميز كل مجتمع عن الآخر». فيما يخص منطقة المحرق، فالأصل في الموضوع هيا النظرة العادلة للموضوع «على المسؤولين تعزيز جهود حفظ التراث والمناطق الأثرية والإبقاء عليها فهي جزء من تاريخ المدينة العريقة، وبالمقابل لا يجوز أيكون هذا الجهد على حساب مصالح الآخرين وفي مقدمتهما مصالح ساكني المنطقة». ويلفت إلى أن بعض جهود حفظ التراث والمناطق القديمة جاء لغير مصلحة ساكني المناطق القديمة وأضر بهم «الإبقاء على الطابع القديم سبب بعض الضرر لأسر حافظت على بيوتها القديمة، حيث لم تستطع الأسرة دمج جزء من مساكنها أو حتى ترميم بيوتها إذا ما وقعت في مواقع توصف بالتراثية، وما أكثرها في المحرق». ويدعو بوصندل الجهات الرسمية إلى توفير الموازنة المناسبة للحفاظ على التراث وخصوصاً تعويض المواطنين بالشكل المناسب بل والمجزي عند الاستملاك «من جانب آخر وفيما يتعلق بالمناطق القديمة، فإننا نجد بعض المستثمرين يركزون لأسباب مادية ويبالغون في الشراء والمتاجرة في مناطق المحرق القديمة الأثرية وتحويلها لمواقع للاستثمار، عبر شراء ثم هدم وإعادة بناء تلك البيوت القديمة، دون مراعاة طبيعة المنطقة وإشادة مشروعات لا تناسب طرقاتها الضيقة المفتوحة منذ عقود، بطريقة تناسب طرائق العيش في الفرجان القديمة، مثلاً بناء عمارة شاهقة متعددة الطوابق أمام بيت قديم ما ينتهك خصوصية ساكنيه، ويسبب إزعاجاً للجيران، والخلاصة أنه لابد من نظرة شاملة مبنية على دراسات وافية، وتحقيق التوازن بين مصالح الجهات المختلفة مع منح الأولوية لمطالب ساكني المنطقة في حال التعارض».المحرق في القلبويزعم د.إبراهيم عبدالله مطر، أنه لا يوجد محرقي إلا وللمدينة في قلبه ذكريات ومشاهد لا تنسى «بين أروقة المدينة القديمة الزاخرة بالتراث البحريني العتيق، ترى عمق تراث البحرين وأبنيتها السكنية العتيقة، وقل أن يتكرر مثل هذا النسيج في مناطق أخرى من البحرين، وبفضل توجيهات المسؤولين وفي مقدمتهم سمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء بالاهتمام بجزيرة المحرق، نرى جهود الحكومة واضحة وجلية في هذا الجانب، وليس أقلها مشروع إدراج طريق اللؤلؤ ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو». ويقول إن مدينة المحرق كانت مركزاً لحكم آل خليفة، وشواهدهم وأبنيتهم كثيرة وتعود في أغلبها لبداية القرن الماضي «هذا أحد أسباب تميز هذه الجزيرة تاريخياً وتراثياً عن غيرها من مناطق البحرين، وكانت المحرق بمثابة مركز تجاري ومالي للبحرين قبل اكتشاف النفط خلال فترة بداية الثلاثينات، نظراً لارتباط شواطئها بمهنة صيد اللؤلؤ الطبيعي والمهن المساندة، ما ميز الجزر والمناطق المحيطة بالمياه الإقليمية حول البحرين، ونرى أن الكثير من المواقع الأثرية في المحرق أعيد تأهيلها بمحاولات جادة من وزارة الثقافة وبجهود شخصية من وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة».«الثقافة» في المحرقالعضو البلدي المستقل محمد المطوع ممثل الدائرة الأولى «البسيتين» يجد جهود وزارة الثقافة في محافظة المحرق كبيرة وواضحة، ما حقق نقلة نوعية في مستوى حفظ التراث وجعل المحرق مركزاً عالمياً للتراث، خاصة بعد تحقيق وزارة الثقافة هدفها بالحصول على موافقة لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو على إدراج مشروع طريق اللؤلؤ بمحافظة المحرق على قائمة التراث العالمي.وعبر المطوع عن إعجابه بجهود وزيرة الثقافة والخطوات المتسارعة المتحققة «كانت إنجازاً يسجل للبحرين وأهلها، وهي جهود تحسب لوزيرة الثقافة، ويعد مكملاً لإنجازات سبق تحقيقها ورفعت اسم البحرين عالياً، مثل إدراج مشاريع باسم البحرين في المنظمات العالمية تهدف إلى التوثيق وحفظ تاريخ البحرين وإبراز هذا التاريخ العتيد وتعريف العالم به».وأشار المطوع إلى أن المحرق كانت عاصمة البحرين القديمة واليوم أصبحت بفضل جهود الشيخة مي عاصمة الثقافة والتراث البحريني من خلال جهود الحفاظ على البيوت والأماكن والمواقع التراثية التي لا تقدر بثمن.وختم المطوع قوله، بالشد على يدي وزيرة الثقافة وتأكيد ضرورة حفظ تاريخ البحرين الزاخر بالكثير وتثبيته وتوثيقه عبر كل المنظمات العالمية والسعي لنشر ما لدى البحرين من تراث عريق والترويج له في مختلف أنحاء العالم.الأسرة البحرينية الواحدةوحيد محمد المناعي، أحد مرتادي المجلس الدائمين يقول «جميل جداً أن نرى جهود وزارة الثقافة وهي تعمر منطقة المحرق التراثية، عشنا نحن وأسرنا وعوائلنا في المحرق كل عمرنا متلاصقين مع جيراننا مثل الأسرة الواحدة، وهذا ما يميز هذه الجزيرة عن سواها من مناطق البحرين». ولربما شهدت الحياة في البحرين تحولاً ومنها المحرق بطبيعة الحال، وسكن الناس البيوت الجديدة «لكن ثقافة أهل المحرق القديمة الأصيلة لاتزال هي السائدة.. شكراً لوزيرة الثقافة اهتمامها بالمحرق القديمة، وأود أن تصل كذلك جهود الوزارة لإعادة إحياء مواقع عيون المياه الطبيعة التي كانت منتشرة في فرجان المحرق وعلى سواحلها، بعد أن صارت مواقع مهجورة».ويدعو المناعي إلى تثبيت المحرقيين بمدينتهم التاريخية «الكثر من العوائل المحرقية الأصيلة هجروها لمناطق أخرى، مثل ما حدث في منطقة الحالة مثلاً، وسمعت مؤخراً أن سمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، أمر ببناء بيوت في منطقة فريج المري بالمحرق، وهذا مطلوب أيضاً من أجل الحفاظ على هوية المحرق». يوسف حسن بن العربي تاجر محرقي معروف، يشهد يومياً أعمال العناية بالتراث في عدد من مواقع المدينة القديمة وغيرها من المواقع، ولا يخفي سعادته وإعجابه بهذا التوجه من حكومة البحرين «الاهتمام بالتراث غير وجه البحرين محلياً وخارجياً، بدليل زيادة الوفود الزائرة للبحرين وخاصة مناطقها التراثية والتاريخية». وسند العربي الجهد في هذا المجال لأهله «دور وزارة الثقافة كبير في هذا المجال.. في تغيير صورة نمطية حاول البعض لصقها بالبحرين، واليوم هي بالفعل تغيرت بفضل الاهتمام بالثقافة والعناية بالمواقع التراثية ليس في المحرق فحسب إنما في كثير من المواقع الأثرية الأخرى». ويطلب العربي من وزارة الثقافة مزيداً من الاهتمام في حفظ دور مدينة المحرق التنويري المحوري «لا ننسى أن هناك العديد من النوادي والدور الثقافية قبل أن تكون رياضية ولدت بين أروقة المحرق، وفي فترات عديدة ومتفاوتة مثل نادي المريخ والنادي الثقافي الأدبي ونادي الجيل ونادي المحرق الثقافي وغيرها الكثير».جهود الإعمار محمد الجزاف ولد وعاش بين حواري المحرق، هو محرقي الثقافة والهوية، وهو يشكر اليوم وزارة الثقافة ومركز الشيخ إبراهيم بن محمد على جهود إعمار مواقع المحرق التاريخية «الكل يرى تلك الجهود واضحة للعيان، والبناء الأثري العتيق في المحرق حق طبيعي لكثير من الأسر عاشت في المدينة وورثت تلك البيوت من الأجداد وتريد السكن في المنطقة، وهي بحاجة للاستثمار».ويقف الجزاف في صف المدافعين عن التراث وخاصة مدينة المحرق العريقة «لكن نحن كذلك مع تطوير المنطقة تجارياً وعمرانياً، نعم المحرق هي مركز الثقل الثقافي سابقاً واليوم هي كذلك، ولكن المحرق امتدت لتشمل مناطق أخرى مثل البسيتين والحد وغيرها من المواقع الجديدة وهي بحاجة للعمران الجديد».ويقول عبدالقادر أحمد إن عملية الحفاظ على التراث تشهد تقدماً كبيراً هذه الأيام والكل يبارك هذه الجهود لوزارة الثقافة «كيف لا والأسرة الحاكمة اتخذت من جزيرة المحرق موقعاً للحكم في البداية، وهذا بالطبع انعكس على المحرق برمتها حتى أصبحت موقعاً ثراثياً وتاريخياً في كل شارع وفريج، ومن المناسب اليوم الاستماع لساكني المناطق القديمة التراثية، فربما في بعض الأحيان يريد البعض التوسع في بناء بيته أو إعادة تأهيله، وحتى يحصل على الموافقة قد يمتد الزمن، المحرق القديمة كلها مواقع أثرية، خاصة المنطقة المحيطة ببيت الشيخ عيسى بن علي وسوق الطواويش والقلاع الأثرية مثل قلعة بوماهر في منطقة الحالة».وقال إبراهيم بن عبدالله الدوي صاحب مجلس الدوي في مداخلته، إن للمواقع والبيوت الأثرية القديمة في محافظة المحرق طابعاً أثرياً مميزاً يجب الحفاظ عليه «من خلالها نستطيع أن نعرف نمط وطرائق العيش إبان تلك الفترة وطريقة تصميم المباني الأثرية الواسعة مثل البوادقير والأسطح المستخدمة للنوم ليلاً، والأبواب الخشبية السميكة والنوافذ الكبيرة.وأضاف «يجب ألا ننسى أن وجود الأسرة الحاكمة في المحرق سابقاً، عزز وضاعف من مبانيها الأثرية الشاهدة اليوم، مثلاً بيت الشيخ عيسى بن علي ومسجد الشيخ حمد وبيت الشيخ سلمان بن حمد وغيرها من البيوت الأثرية الجميلة، ونرى جهود وزارة الثقافة واضحة في إعادة الحياة لهذه البيوتات». نوادي المحرق الثقافيةويلفت فاروق الدوي إلى أن المحرق احتضنت قديماً عدداً من النوادي الثقافية لم تعد موجودة اليوم «منها على سبيل المثال نادي المحرق الثقافي في منطقة الحالة ونادي المريخ ونادي الجيل، وكانت تقيم أنشطة ثقافية متنوعة في تلك الفترة». ويدعو الدوي جهات الاختصاص إلى إعادة إحياء تلك النوادي وإبرازها وكذلك مواقع تحفيظ القرآن الكريم للأطفال، وتعريف أجيال المستقبل بـ»المطوع».وقال الدوي إن المجالس البحرينية سابقاً كانت تتسم بالحكمة في حل الخلافات المجتمعية «يحبذ اليوم إبراز دور المجالس العائلية قديماً شكلاً وهوية.. والاهتمام بالمواقع التعليمية الأثرية الأولى في المحرق مطلوب أيضاً، والذي ساهم أهل المحرق في إنشائها ولربما دفع البعض من جيبه لبناء مدارس نهل من علمها كثيرون». يوسف سيادية من سكنة المحرق يقول إن البحرين تقوم بخطوات مشهودة في مجال العناية بالتراث منذ تعيين الشيخة مي بنت محمد وزيرة للثقافة «جهود الحفاظ على التراث في مناطق البحرين وبينها مدينة المحرق لا يخفى على بصير، ومشروع طريق اللؤلؤ يظهر الدور الكبير الذي لعبته تجارة اللؤلؤ في حياة أهل البحرين منذ العصور القديمة.. هذا المشروع تحققت أولى لبناته الآن على أرض الواقع ويحتاج إلى مؤازرة قوية حتى يمكن أن ينجز ويتكامل في فترة زمنية معقولة». ويضيف أن المشروع الطموح ينعكس إيجاباً في زيادة الجذب السياحي للبحرين وحفظ الذاكرة التاريخية «الحاجة أصبحت ملحة إلى مواقف سيارات كافية ومناسبة في المحرق خاصة في المناطق القديمة منها، مع مراعاة طبيعة البيوت التاريخية والأثرية بالمنطقة وعدم المساس بها، والتي سيمر طريق اللؤلؤ من جنباتها.. لذلك فالحفاظ عليها واستملاكها من قبل الدولة وتعويض أصحابها بطريقة مجزية ومناسبة مطلب ملح». ويشير إلى أن غالبية أصحاب هذه البيوت الأثرية يعجزون عن العناية بها على المدى الطويل «لما تتطلبه من مصاريف صيانة وترميم عالية ودون أي مردود مادي يرتجى، وإذا لم تستملك الدولة هذه البيوت فمصيرها حتماً الانهيار، ينعكس سلباً على مشروع طريق اللؤلؤ أو يضطر أصحابها إلى بيعها أو إعادة تقسيمها وترميمها وتأجيرها حتى تعود عليهم بمردود مالي مناسب». ويدعو سيادية إلى إيجاد ساحات عامة للمناسبات الاجتماعية وحدائق في هذه المناطق «حتى يثبت أهل الفرجان في مناطق سكناهم، ويقلعوا عن التفكير في هجرها والبحث عن مناطق أكثر مناسبة للسكن العائلي، نظراً لمحدودية الأراضي في مدينة المحرق، ويمكن السماح بزيادة أدوار المباني مع إيجاد حلول مناسبة ونهائية لمواقف السيارات، بعد أن أدى وقف منح رخص البناء خلال السنوات الماضية إلى خسائر مالية كبيرة لأصحاب العقارات والمستثمرين، وهنا يعتبر قرار إيقاف البناء بمثابة عقاب جماعي لمدينة المحرق وأهلها».المحرق المغايرةالصحافي أحمد زمان قال إن للمحرق طبيعة مغايرة عن بقية مدن البحرين وقراها «إدراج مواقع في مدينة المحرق ضمن قائمة التراث العالمي، جهد تشكر عليه وزيرة الثقافة، من أجل حفظ الهوية الثقافية والعمرانية في المدينة، فحفظ التراث واجب وطني ومحاولات وزارة الثقافة لإعطاء المحرق النفس التاريخي هو واجب إنساني وحضاري أيضاً». ويعلن زمان وقوفه ضد أن تتحول المناطق التاريخية إلى عمارات عالية وأبنية حديثة شاهقة «لأن ذلك يفقد المدينة هويتها التاريخية، وما تقوم به وزيرة الثقافة من استملاك وإعادة بناء للمناطق والبيوت التاريخية تصب في هذا الجانب.. خذ على سيبل المثال مشروع طريق اللؤلؤ، هو يعيد للمحرق أصالتها وموقعها التاريخي كمدينة عريقة من مدن الغوص في العالم ومن مدن تجارة اللؤلؤ، وما يصاحب ذلك من إعادة الحيوية لمهن كانت مرتبطة مع تجارة اللؤلؤ على مر التاريخ».عبدالقادر حبيب ويعقوب بومطيع من سكنة المحرق أيضاً، وكان لهم نصيب من الحديث في تلك الليلة المشهودة، فهم يشهدون للتو إعادة بناء بيت محمد بن فارس القريب من سوق القيصرية في المحرق، حيث قالا إن طريق اللؤلؤ قريب من مناطق سكنهم، ويمر بالشوارع الداخلية لفرجانهم، وأن إيجابيات المشروع بدأت تظهر بوضوح في منطقة سوق القصرية والمناطق المحيطة به «بعد أن كان السوق مهجوراً لعقود، الآن نشهد يوماً بعد يوم ازدياد أعداد السواح والمرتادين، لم نر مثل هذه الفعاليات سابقاً، رغم عراقة سوق القيصرية». وحول إعادة بناء بيت محمد بن فارس «هو تحفة معمارية ومسرح استعراضي، بذلت جهود كبيرة لإعادة إحيائه.. ولكن في الوقت ذاته تبقى إشكالية المواقف موضوع يحتاج لحل جذري دائم لزوار المنطقة، كذلك تحتاج إلى علامات مرورية ولوحات إرشادية واضحة توضع هنا وهناك، ولكن في الآونة الأخيرة ونحن لانزال نعيش في المنطقة، رأينا البدء في مشروع عمل مواقف متعددة الطوابق في منطقة فريج الزياني في المحرق، وكذلك صالة عائلة الزياني قرب مسجد الشيخ عبدالوهاب الزياني، ما يساعد على حل هذه الإشكالية ويعيد الحيوية لهذه المنطقة التراثية».بحرين التراث والتاريخخالد بن صالح الزياني، وهو أصلاً من سكنة فريج الزياني قال «عشنا في فريج الزيانية لعقود، وكم سعدنا بجهود وزارة الثقافة بالاهتمام بآثار منطقة المحرق، وفي الحقيقة وفي فريجنا بالتحديد، يمثل طريق اللؤلؤ واستملاك بعض البيوت القديمة من قبل وزارة الثقافة والحفاظ عليها نقلة نوعية جديدة للعناية بتاريخ المنطقة، فبدل أن تتحول البيوت القديمة إلى سكن للأجانب والعزاب وتمتلئ بالسيارات، من باب أولى أن يحافظ على تاريخ المنطقة وإعطائها صفة جمالية تراثية».شهدت المدينة تاريخاً ثرياً من الغواصة والتجارة البحرية المصاحبة وتجارة اللؤلؤ وكانت مهنة أهل المحرق سابقاً «حالياً وفي نفس منطقة فريج الزياني نشهد بناء موقف متعدد الطوابق من ثلاثة أدوار وصالة مجلس لعائلة الزياني على نفقة ورثة راشد بن عبدالرحمن الزياني، وهو يضفي جمالية للمنطقة ويحل بعض مشكلة مواقف السيارات». جعفر الدرازي زائر دائم لمجالس المحرق، قال إن البحرين ورغم صغر مساحتها الجغرافية، إلا أنها تملك تراثاً غنياً «لا ننسى الشاعر البحريني القديم المبدع طرفة ابن العبد صاحب المعلقة الشهيرة، ففي كل منطقة من البحرين لدينا تراث، قرية عالي مشهورة بصناعة الفخار والنعيم بصناعة السفن الخشبية للغوص والبحر والمنامة بتجارة اللؤلؤ، والمحرق يطلق عليها سابقاً اسم (أرادوس)، وتمتاز بعراقة تاريخها، فهي الجزيرة الوحيدة في منطقة الخليج والعالم العربي التي لها خاصية حضارية وتشتهر بتحضرها المهني وهي المدينة الوحيدة التي تعددت فيها أيضاً المهن مثل الغواصة وتجارة اللؤلؤ والصياغة والحياكة وصناعة البشوت العربية وحياكتها وصناعة السيوف والحدادة والبناء القديم الأصيل، فكل هذه المهن والتميز يجب أن يحظى بالإبراز من قبل وزارة الثقافة، والتي تبذل جهوداً كبيرة في هذا الخصوص». في المحرق التنوع والتجانس الاجتماعي والعرقي والديني، قل أن يوجد في أي منطقة أخرى في العالم «المحرق كانت عاصمة البحرين ومركز الحكم لآل خليفة، وبها الشعراء والمفكرين والكتاب، وبها بيت الصحافة وكانت موقع للعروبيين والقوميين، أما عراد فهي مشهورة بأرادوس ثم تحولت إلى عراد وبها أقدم قلعة وهي قلعة عراد، وفي المحرق الأدباء والشعراء وذكر ذلك المفكر أمين الريحاني حين زار المحرق عام 1914 في كتابه (ملوك العرب)، وقال إنه وجد في المحرق كل ما تنتجه الثقافة المصرية في ذاك الحين، مثل الهلال والأهرام والمقطف، وهذا دليل واضح على رقي هذه المدينة منذ القدم».
Variety
المحرق بعيون أهلها.. حسناء لا تعرف الهرم
14 يونيو 2013